الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ملتقى نضال عمال فلسطين والحركة العمالية العالمية

نشر بتاريخ: 2023-04-30 الساعة: 11:02

 

موفق مطر 


نعتقد أن الأسباب الجامعة ما بين عمال فلسطين وعمال العالم ما زالت قائمة، منها بالخصوص موضوعية النضال لتحقيق أهداف اجتماعية وسياسية ذات علاقة بالحقوق والعدالة الإنسانية، والنضال ضد الاستغلال، ونكران الحقوق الأساسية، وانتهاكات الحكومات القائمة على قواعد رأسمالية متوحشة أو تابعة وخاضعة لدول استعمارية كبرى، كمنظومة الاحتلال والاستيطان الصهيوني الفاشية العنصرية (إسرائيل) التي تستثمر الطبقة العاملة الفلسطينية بحكم واقع وظروف الاحتلال والاستيطان القائمين بقوة السلاح،، فمافيا الاستيطان، المرتبطة وثيقا مع منفذي سياسة حكومة جيش الاحتلال عملت وفق خطة محكمة على تعقيد الحياة اليومية للعامل الفلسطيني بالحصار الأمني والمالي ومنع الشعب الفلسطيني من استثمار موارده الطبيعية، إلى درجة تدفعه مرغما للعمل في مشاريع تعود فائدتها فقط على منظومة الاحتلال الاقتصادية !.

رأت الاتحادات العمالية الدولية في عمال فلسطين، قوة كفاحية رافعة لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، ويرون في وحدتهم تحت سقف منظمة التحرير الفلسطينية مصدر قوة، ليس للشعب الفلسطيني وحسب، بل لكل حركات التحرر في العالم، وللاتحادات العمالية التي أدركت طبيعة مكونات منظومة الاحتلال (إسرائيل) باعتبارها خادما أمينا للرأسمالية العالمية الممول الرئيس للحملات الاستعمارية المباشرة وغير المباشرة، بهدف السيطرة على مقدرات الشعوب وثرواتها الطبيعية، وإبقاء شعوبها مجرد أجراء في مشاريعها، لا ينوبهم من التنمية إلا قشورها الظاهرية فقط !..فعمال فلسطين في نظر قادة الاتحادات العالمية في خندق المواجهة الأول مع (منظومة الاحتلال إسرائيل) باعتبارها القاعدة الأقوى لدول الاستعمار الرأسمالي الجشع في العالم، لذلك نسجت الاتحادات الدولية علاقات متينة مع الحركة العمالية الفلسطينية، الأمر الذي سهل على قادة الحركة العمالية الفلسطينية المنضوية الشريكة في قيادة منظمة التحرير عملية الارتقاء بالعلاقة النضالية مع الاتحادات العمالية الدولية وتحويلها إلى شريك في النضال ضد سياسة المنظومة العنصرية (إسرائيل)، فبلغت العلاقة درجة المساندة الفعلية، وذلك لتكريس معنى التضامن ووحدة الأهداف بين قوى الحركة العمالية العالمية.

يتجسد في فلسطين منهج المقاومة الشعبية السلمية، الأمر الذي يتطلب انخراط الطبقة العاملة الفلسطينية في المواجهة، كمرحلة سابقة لعملية مساندة عملية فاعلة من الحركة العمالية العالمية، ولتحقيق ذلك لا بد من نهوض الحركة العمالية الفلسطينية، لتستعيد قوتها، ووحدتها، والتقاء قادتها على برنامج واضح المعالم، تحت سقف البرنامج العام لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية (منظمة التحرير الفلسطينية) التي إذا بحثنا في نظم الفصائل الوطنية، ورؤى القيادات الوطنية المستقلة الممثلة في مؤسساتها سنجد ما يكفي لالتقائها واتفاقها على برنامج نضال اجتماعي يؤمن حقوق الطبقة العاملة في فلسطيني، ويعزز قوتها في انتزاع حقوق مئات آلاف العمال من منظومة الاحتلال، وبذلك نرقى بمستوى النضال السياسي للشعب الفلسطيني على صعيدي البناء القوي لمؤسسات الشعب الفلسطيني وقواعده السياسية والاجتماعية، وانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والطبيعية، وتحقيق هدف الحرية والاستقلال.

نعتقد بالمسؤولية الوطنية الجسيمة الملقاة على عاتق قادة الحركة العمالية بخصوص تحقيق أهداف المقاومة الشعبية السلمية، واستعادة مبدأ وحدة نضال الحركة العمالية العالمية، فسياسات وجرائم منظومة الاحتلال والاستيطان الإرهابية العنصرية عامل مساعد لتمكين بصيرة قادة الحركة العمالية العالمية من رؤية قضية ومشاكل عمال فلسطين من كل جوانبها، وتحديدا الجزء الأكبر منها القائمة بسبب الاحتلال والاستيطان وقوانينه العنصرية، وهذا يتطلب أبحاثا ودراسات عميقة مؤيدة بالأرقام والشهادات والبينات، واستحضار صور الوقائع اليومية ووضعها بين يدي قيادات العمال في العالم ومتابعتها، أو إحضار قادة الحركة العمالية ليروا ويلمسوا ببصيرتهم الواقع على حقيقته مباشرة، فلغة البيانات وحدها لا تقدم ولا تؤخر في تحقيق أهداف عمال فلسطين والشعب الفلسطيني. وهنا لا بد من استراتيجية وطنية لمساندة الحركة العمالية الفلسطينية، ونصرتها في مطالبها العادلة والمشروعة، عبر تطوير القوانين والتشريعات الضامنة لحقوقهم والكافلة لمستقبل أفضل لهم في وطنهم، ومنح قضايا العمال ومطالبهم المشروعة أعلى درجات الاهتمام، ووضع قضية إنشاء فرص عمل بديلة كأحد مرتكزات الصمود الوطني، والمقاومة الشعبية السلمية ضد الاحتلال، فعمال فلسطين كانوا وما زالوا القاعدة الأوسع للثورة الفلسطينية المعاصرة، ونستذكر هنا مساهمة الحركة العمالية الفلسطينية التي تبلورت في العشرينيات من القرن التاسع عشر في رفع وتعزيز مقومات الصمود إلى جانب الشرائح والطبقات الاجتماعية الفلسطينية، حيث كانت سباقة في تكوين الجمعيات والنقابات التي فندت ادعاءات المنظمة الصهيونية بأن فلسطين أرض بلا شعب !.

صحيح أننا نشهد اليوم متغيرات على خرائط الصراع في العالم، وانعكاسات على الحركة العمالية العالمية، لكن قياداتها تدرك أن اتفاق مصالح القوى الرأسمالية الكبرى يقوم على حساب مصالح الطبقة العاملة، ويعلم القادة العماليون في دول العالم أن إسرائيل تبتز حكوماتهم ماليا، وتحوز على ما يفترض أنه نصيبهم وحقوقهم المادية، وللتنمية في بلادهم أيضا.. ويعلمون أن السلام وإحقاق حل عادل يضمن للشعب الفلسطيني الاستقرار والاستقلال والسلام في الشرق الأوسط، سيؤدي حتما تحسين أوضاع عمال فلسطين والطبقة الكادحة في المنطقة، وأن انعكاس هذا السلام على ازدهارها ونمو حركة التنمية والبناء فيها يعني بالمحصلة النهائية وقائع إيجابية على عمال دول الشرق الأوسط، فالمشاريع التنموية والعدالة في التوزيع موانع قوية وصلبة للحروب والصراعات الداخلية.

 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024