الرئيسة/  مقالات وتحليلات

أقمار نابلس.. وثورة المستحيل و"محمد بطل"!

نشر بتاريخ: 2023-02-24 الساعة: 03:44

 

 موفق مطر


نابلس الفلسطينية التاريخية مثلها كأي مدينة تاريخية عربية وعلامة بارزة على التراث الحضاري تنتظر وتستعد لاستقبال رمضان بالزينة والأضواء والاحتفالات، لكنها في فاتح شهر شعبان من العام الهجري 1444 سيكون لها سيرة مميزة بفصل خاص في كتب التاريخ، وستقرأ الأجيال حكايات وروايات عن معاني افتداء الوطن: والأرض والشعب، فهنا في ليالي فلسطين من النهر الى البحر، ومن الجليل إلى النقب، سيشهد العالم سطوع أنوار أقمار شهداء الشعب الفلسطيني، فلا تسأل عن سن القمر الشهيد، فقد يكون شابا في عز ربيع عمره، وقد يكون شيخا تجاوز السبعين أو امرأة أم أطفال، أو شابة اغتال العدوان آمالها وغدها الأجمل.. ويكفي الباحث عن الحقيقة الفلسطينية سماع أم الشهيد وهي تُسمِع الدنيا بصوت عال، وبفخر ممزوج بالألم والدموع -مثل كل أم في الدنيا-: "محمد بطل".

قاومت نابلس (المدينة العتيقة) وتقاوم فلسطين جيش أحدث منظومة احتلال واستعمار استيطاني وعنصرية في العالم، وكأن هذه المنظومة تستهدف تاريخ الشعب الفلسطيني ورموزه الحضارية العمرانية بالتوازي مع استهدافها مبدأ الصمود والتحدي ومواجهة العدوان، لكنها إثر كل عدوان يكتشف رؤوسها العسكر قبل الساسة، أن بركان جبل النار في نابلس لا ينفث دخانا، ولا يقذف حمماً، فهنا بركان شعب يفاجئهم بانبعاث جيل بعد جيل أعظم إيمانا، وأصلب إرادة، كلما ظنوا أنهم راكموا على فوهته وأطفأوا طاقته!!.

قاومت نابلس جيش منظومة احتلال لا يضاهى سلاحه الناري القاتل المدمر، قاومت نابلس ولم تستسلم رغم الثمن الذي لا تقدر قيمته بكنوز الأرض كلها، فالثمن كان عظيما، أسماء إنسانية من رحم وصلب هذا الشعب، أما الهمجيون المتعطشون لسفك الدماء فلا يليق بهم إلا التصنيف في أدنى قائمة الغباء والأمية في دروس وتجارب التاريخ والشعوب، عنصريون محكومون بعقدة التفوق والتميز، معتدون بقوتهم لكنهم لا يستخلصون العبر، والحكمة معدومة في قاموسهم، فهؤلاء المتسلحون بآلة القتل يغفلون أو ينسون أو يتجاهل أو يتعامون عن الحقيقة التي يعرفونها لكنهم يحاولون تسجيل بصمتهم وتجربتهم الدموية الخاصة، وكأنهم بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية يستطيعون تحقيق ما عجز عنه أسلافهم، فالحقيقة الفلسطينية ما زالت وجه هذه الأرض (فلسطين) وباطنها، وستبقى للأبد مستقبل شعب هذه الأرض لاستحالة قطعها عن حاضره وتاريخه، فلو كان عندهم ذرة تعقل لقرأوا اعترافات ومذكرات المجرمين الكبار الذين زجوهم في (معمعة سفك الدماء والمجازر) ورحى حروب وحملات إبادة وتهجير لا يمكن حسمها لصالحهم ما دام الطرف الآخر الشعب الفلسطيني!! فكبارهم يعلمون، وأسيادهم كذلك، أما انعدام تبصرهم تجدد إيمان الشعب الفلسطيني بالحق التاريخي والطبيعي في أرض وطنه، وكيف بات هذا الحق قرينا للروح الفردية والجمعية لهذا الشعب، فهذا لا يعفي ساستهم وجنرالاتهم، الذين فشلوا في كسر إرادة الشعب الفلسطيني وتحقيق انتصار ساحق عليه، رغم جبروت وطغيان واستكبار ودموية وعنصرية في القتل، ورغبة في الاستيلاء على مقدرات الآخر غير مسبوقة، إلا في زمن الهمجية البشرية الغابرة.

سيعلم هؤلاء المجرمون ساسة وعسكر منظومة الاحتلال أن مجازرهم وحروبهم وحملاتهم لا تميتنا، وإنما تبعث فينا الحياة والعطاء والتضحية أكثر لوطننا فلسطين، وسيعلمون أيضا أنهم ضحايا كذبة المنظمة الصهيونية التاريخية، وأنهم ما كانوا أكثر من بيادق على رقعة شطرنج الدول الاستعمارية الكبرى، وسيدركون أن المستعمرين الكبار يمكنهم إنشاء كيانات ودويلات ودول بقرار، كما فعلوا مع أسلافهم، لكنهم أعجز عن تركيع الشعب الفلسطيني وإخضاعه، فهنا في فلسطين تتجدد الثورة مع كل جيل، لذلك سميت ثورة المستحيل.  

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024