الرئيسة/  تعبئة فكرية

المناهج التعليمية العنصرية في الكيان الصهيوني

نشر بتاريخ: 2023-02-21 الساعة: 13:35

المناهج التعليمية العنصرية في الكيان الصهيوني
مقدمة
لطالما أثار  صديقنا الكبير د.عدنان ملحم في محاضراته وحواراته ومنشوراته عددًا من المواضيع الهامة على الصعيد العربي، والوطني ، وهو في ذلك يسجل سبقًا في الإشارة والقرع والتنويه، ويضع الأصبع مباشرة على الجرح في هذه المواضيع كمن يقرع الخزان ويطالب ذوي القرار باستعجال الفعل والحركة.
أثار منذ أيام قضية العنصرية والتعليم في الكيان الصهيوني في إطار المواجهة الأوربية غير العادلة مع الحكومة الفلسطينية حيث تصر الدول  الاوربية  وعلى رأسها بتشدد دول بعينها على تغيير المناهج الفلسطينية والرواية التي تأتي على ذكر الشهداء والاسرى.
وردًا على هذه المطالبات قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أن ما تحتويه المناهج المدرسية الفلسطينية "هو انعكاس لحياتنا وأحلام أطفالنا بالحرية ومعاناة شعبنا من الاحتلال وانتهاكاته"، رافضًا محاكمة هذه المناهج بمعايير بعيدة عن تاريخ الفلسطينيين وثقافتهم. 
 تقف هذه الدول مغلقة الفم والعين عن الممارسات الارهابية الصهيونية اليومية، وصماء عن سماع دوي العنصرية في الرواية الصهيونية الرسمية، ذات العمق الديني والعنصري، وفي مناهج وكتب التربية والتعليم الاسرائيلية، بشكل يفضح سياسة المكيالين تمامًا كما حصل مؤخرًا مع الأزمة الروسية الأوكرانية.
دعونا نتناول القليل من الشذرات العنصرية وتربية الحقد والكراهية في المناهج الإسرائيلية حيث نعلم جميعًا كمثال أن نظرية الطرد "الترانسفير" العنصرية للفلسطينيين هي مما نادى بها لأول مرة الحاخام «يوسف واتيز» ومؤادها أن لا مكان في هذه البلاد لشعبين أي أن فلسطين يجب أن تكون خالصة لليهود دون سواهم وهذا هو الوجه الآخر للمقولة النازية المعروفة "ألمانيا بلا شوائب"، وهي المقولة القديمة لديهم والتي سرعان ما نسمعها تتردد ومثيلاتها العنصرية من أفواه السياسيين في مراحل مختلفة وفيما هو أشد من قبل المستعمرين/المستوطنين اليوم.
 في إطار العنصرية وتربية الكراهية يرى عديد الباحثين على أنها تبدأ من الكتاب القديم وشروحاته في التلمود الذي يمتليء بالكراهية والتحريض والحقد والعنصرية إضافة للخرافات والأساطير، بينما باحثين آخرين يرون أن المصدر الثاني للتربية الصهيونية من حيث الأهمية يأتي من مؤلفات مؤسسي الصهيونية الاوائل ومن نماذج هذه المؤلفات على سبيل المثال: كتاب «روما والقدس» لموسز هس، وكتاب «التحرر الذاتي» لليون بنسكر رئيس جمعية أحباء صهيون (التي نشات قبل الحركة الصهيونية)  وكتاب الدولة اليهودية لهرتزل، وايضًا يمكننا الاطلاع على فكر الإرهابي الكبير والفاشي الفكر فلاديمير جابوتنسكي  صاحب فلسفة القوة والعيش بالسيف، معلم عديد من قادة الكيان الصهيوني خاصة في اليمين الصهيوني وعلى رأسهم "بنيامين نتنياهو" وريثه الشرعي.   
ولمن يطلع على نماذج من الكتب المدرسية يستطيع أن يرى الاتجاه العدواني لدى الناشئة اليهود، فكل أرض تطؤها قدم الجندي اليهودي هي أرض يهودية، خيرات الأرض والعالم أجمع منحة لهم وحدهم من الرب وكل ما في أيدي غيرهم من «الجوييم/غوييم» أو«الامميين/الأغيار» هو ملك لليهود فما تحت ايديهم اي (الجوييم) مغتصب من اليهود وعليهم استرداده منهم بكل الوسائل ولا حياة لشعوب الارض بدون اليهود!؟
ولنا الرجوع لعدد من الكتب الحديثة التي شرعنت القتل للعرب عامة حتى للأطفال كما الحال في فتاوى الحاخام العنصري المتطرف اسحق شابيرا الذي يقيم في أرضنا بأحد المستعمرات قرب نابلس والذي أصدر  مع زميلة يوسف أليتسيور كتابهما العنصري الشهير "شريعة الملك" عام 2009 والذي يتلقفه اليهود المتطرفون بكل محبة غامرة!
لنأخذ نموذجًا إسرائيليًا تقدميًا بالاتجاه المعاكس حيث أن اثنين ممن اشتغلوا في الدراسات التحليلية لقصص وكتب وأدبيات الطفولة وهما: البروفيسور (ادير كوهين) في كتابه (وجوه قبيحة في المرآة) الصادر عام 1985 في تل ابيب و(نيللي مندلر) الصحفية المتخصصة في شئون التعليم والتربية في صحيفة (هآرتس) يقولان: (هناك اكثر من 1500 كتاب من عدة أصناف بين يدي الناشئة اليهود تمثل ما لا يمكن وصفه من فوقية واستعلاء وتحصر لكل ما هو عربي ومسلم) 
وفي هذا الإطار  أيضًا يقول الحاخام (يسرائيل آرييل) "إذا كان غير اليهودي قد خلق على هيئة الإنسان، فما ذلك إلا ليكون لائقا لخدمة اليهود الذين خلقت الدنيا لأجلهم"!؟
 في دراسات أخرى إشارة لكتب المطالعة المقررة رسميا للطلبة الإسرائيليين (غير العرب) من الصف الاول حتى الصف الثامن المسماة (قراءات اسرائيل) وكتاب (قراءات اسرائيل الحديثة) هذا يتبين للباحثين فيه وجود كم هائل من عبارات التحقير والاوصاف غير الانسانية المتوحشة للعرب والفلسطينيين..
في حقيقة الامر أن  العنصرية والكراهية تبدأ من تربية الأطفال على الاعتقاد العنصري بأنهم "شعب الله المختار"، ويجب عليهم أن يتصرفوا على هذا الأساس، فيبدؤون النظر إلى أنفسهم بطريقة فوقية استعلائية، ويعتبرون سائر الشعوب غرباء (أغيارا). والى ذلك يتم تدريب الأطفال على السلاح خاصة في داخل المستعمرات/المستوطنات على أرضنا والتي يرى الجميع صورها في كل مكان على الشابكة (انترنت).
وفي دراسة عبدالقادر فارس لمجلة رؤية عام 2001 يرى أن فلسفة العنصرية في الكيان الصهيوني مستمدة أساسًا من الحركة الصهيونية الاستعمارية، ثم من الديانة اليهودية، ومن عنصرية البناء في الدولة الصهيونية القائمة، ومن استلهام الحضارة الغربية.
وتستند هذه الفلسفة على معالم خمسة هي فلسفة الاضطهاد وفرية "القومية اليهودية"، وارتباط الدين بالقومية اليهودية المزعومة بالحركة الصهيونية، وفلسفة العدوانية والعنصرية، وعلى اللغة العبرية.
إن هذه المعالم أعلاه لفلسفة التربية عند اليهود والحركة الصهيونية يتم تبنيها  على الأسس التالية :
1ـ أن اليهود أمة واحدة. (تاريخيا تم إبطال هذه المقولة الباطلة كامة او شعب لمراجعة كتاب: اختراع "الشعب" اليهودي واختراع "أرض" إسرائيل للكاتب الإسرائيلي شلومو ساند)
2ـ أنه يجب أن تعاد صياغة هذه الأمة وفق الثقافة اليهودية والروح الدينية اليهودية.
3ـ إن اليهود هم "شعب الله المختار"، وأنه يجب أن يتصرفوا على هذا الأساس. 
4ـ أرض "إسرائيل" وطن هذه الأمة، ولا بد من العودة إلى هذا الوطن والارتباط به.
5ـ لأجل المحافظة على دولة "إسرائيل"، يجب اتباع القوة، وأن يكون المجتمع عسكرياً.
ويمكننا الرجوع لكتاب صورة الاسلام والعرب في المناهج الاسرائيلية- القدس قلب الصراع للكاتب الدكتور محمود عبد المجيد عساف الصادر عام 2020م.
ودعونا نعرج على كتاب إسرائيلي بعنوان "صور من حياة المدرسة" من تأليف الباحثان الدكتور عيدان يارون والبروفسور يورام هارباز.  حيث يستند هذا الكتاب إلى مشاهدات أنثروبولوجية قام بها يارون على مدار ثلاث سنوات في مدرسة ثانوية في وسط "إسرائيل". 
حيث وصف يارون هذه المدرسة بأنها "مدرسة متوسطة" تعكس الأجواء العامة في المدارس الثانوية اليهودية في "إسرائيل". و من فصل في الكتاب، مخصص لمظاهر الطائفية والقومية والعنصرية، يورد أقوال تلاميذ عدة ومنه أقوال تلميذة في الصف العاشر نعرضها كنموذج لزملائها العنصريين الآخرين حيث تقول: "العرب بالنسبة لي هم شيء لا يمكنني رؤيته ولا تحمله. وأنا عنصرية جدا. وجئت من بيت عنصري. وإذا أمكنني خلال خدمتي العسكرية أن أطلق النار على أحدهم، فإنني لن أفكر مرتين. وأنا مستعدة لأن أقتل بيدي هاتين أحدا ما، وهذا سيكون عربيا. وتعلمت من خلال تربيتي أن تربيتهم هي أن يكونوا مخربين، وأنه لا ثقة بهم. وأسكن في منطقة عرب، وأرى هؤلاء الإسماعيليين يوميا، يمرون في محطة الحافلات ويصفرون. وأتمنى لهم الموت". وقال تلميذ آخر إن "العرب هم عماليق، وهناك فريضة بقتلهم كلهم".
أما إذا أجلنا النظر قليلًا بعيدا عن التربية والمناهج واستمعنا للتصريحات السياسية او العسكرية او الدينية الصهيونية فسنجد القوانين العنصرية بالعشرات مرفوقة بالتصريحات بالآلاف التي تنضح بالعنصرية والحقد والعداء عدا عن الممارسات العدوانية الإرهابية اليومية التي لاتتوقف وهذا سفر كبير.
 ودعونا نختم كمثال فاقع  حتى للعميان بما  قرّرت سلطات الاحتلال في مدينة "جفعات شموئيل"، شرقي تل أبيب، إذ منحت هذه المدينة الصهيونية جائزة للحاخام إسحاق جزنبرغ، الذي يحرض علناً على أي عمل يفضي إلى قتل العرب، فيما ذكرت قناة الاحتلال المرئية  أنّ بلدية المدينة المحتلّة، قرّرت منح جائزة "الإبداع اليهودي" (؟!) لجزنبرغ، مؤلف كتاب "تبارك الرجل"، الذي امتدح فيه الإرهابي باروخ غولدشتاين، الذي نفذ المجزرة التي استهدفت فلسطينيين يؤدون صلاة الفجر في المسجد الإبراهيمي في 25 فبراير/شباط 1994، وأسفرت عن مقتل 29 منهم وإصابة عشرات آخرين.
نقول لمن ينظر الينا بنصف عين أو بآذان صماء من الاوربيين أو غيرهم أن تمحصوا بالسلوك الصهيوني اليومي وبالمناهج التربوية الإسرائيلية.
 ونقول إن كنتم تفهمون الانصاف والحق والعدل اتجهوا لتغيير المناهج التعليمية العنصرية الصهيونية المغرقة بالكراهية للآخر لدى الكيان الإسرائيلي المحتل.
 ولينزاح هذا الاحتلال البغيض عن صدر فلسطين وأرضها وشعبها، وحينها تتدخل القوانين الانسانية ويختلف النظر الإسرائيلي نحو الفلسطيني صاحب الأرض والحقوق ، ما قد يتغير معه المسلك العدواني الصهيوني اليومي فيعكس ذاته في الجانب  الثقافي عامة والفلسطيني خاصة ، والا فإن الشعب المقاوم لن يقبل الاملاءات كما لا يقبل الاستعمار ولا الاحتلال ولا العنصرية.
نختم هنا لنتقدم بالشكر لجرس الدكتور عدنان ملحم الذي سمعناه بمحبة، و نتمنى أن يسمع ذوي القرار،  ونضم صوتنا الى صوته ونتفاعل بهذا الملف الحركي مع فكرته المثارة ومادتين مرفقتين حول الموضوع.

بكر أبوبكر
رئيس اكاديمية فتح الفكرية
اكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية
2022م
  

 

المناهج التعليمية في الكيان الصهيوني
د.عدنان ملحم

 mat

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024