يحيى رباح.. الحكاية باقية وستظل
نشر بتاريخ: 2023-02-05 الساعة: 13:56محمود أبو الهيجاء
كنت مفتونا بالبرنامج الذي يكتبه يحيى رباح لصوت الثورة الفلسطينية، والذي كان تحت عنوان "كلمات إلى فلسطين .. الوطن والشعب" كان عبارة عن نص تتجسد فيه الروح الفلسطينية بجمالياتها النضالية وتطلعاتها الإنسانية النبيلة، بل كنت مغرما بهذا النوع من الكتابة، وحين تسلمت مسؤولية إدارة إذاعة الثورة من استوديوهات الإذاعة العراقية بعد الراحل العزيز، يوسف القزاز، الذي غادرنا في ذلك الوقت إلى قبرص عام 1983 من القرن الماضي، بت أكتب أحيانا ذلك البرنامج، مستعينا بروح النص الذي كان يكتبه رباح، وحين التقيته أول مرة بعدما تسلم مسؤولية إذاعات الثورة الفلسطينية، خلفا لنبيل عمرو، رأيت نصه في ابتسامته الحميمة، وأدركته أديبا بمعرفة واسعة، ووطنية بليغة، وإنسانية ترجو حياة العدل، والحرية، والجمال، لفلسطين، وشعبها، وللناس، كل الناس، أينما كانوا.
كنا نلتقي يوميا في سفارة دولة فلسطين في بغداد، حيث كان للإذاعة مكتب فيها، نعد البرنامج اليومي للإذاعة، إثر نقاشات في السياسة، والأدب، والتاريخ . وحين اندلعت الانتفاضة الكبرى، عام سبعة وثمانين، من القرن الماضي، عاد رباح ليكتب كلمات إلى فلسطين حتى في التعليق السياسي، فجعل من هذا التعليق، نصا أدبيا، ينبض بروح اليقين، بحتمية انتصار الانتفاضة العظيمة.
وعلى هذا كتبنا، وكان معنا أيضا الراحل العزيز، سميح سمارة، نصوصنا السياسية، أننا قادمون يا فلسطين، وباللغة التي تجاوزت قواميس السياسة ومفرداتها الباردة.
غادر يحيى رباح بعدها، ليكون سفيرا لفلسطين في اليمن، لكنه لم يغادر الكتابة، وحين العودة إلى أرض الوطن، إثر اتفاقيات أوسلو، واصلها بمقالات منوعة، استقر فيها المقام في صحيفتنا "الحياة الجديدة".
ظل رباح "أبو محمد" وفيا للغته، وتطلعاته، ولم يساوم يوما على وطنيته الفتحاوية، فكان القيادي في مسارات حياته النضالية، وسلوكه الإنساني.
قلده الرئيس أبو مازن وسام الثقافة والفنون عام 2019، ونال جائزة شخصية العام العربية الإذاعية عام 2017، من جامعة الدول العربية، ومجلس وزراء الإعلام العرب، وكان الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين ووزارة الإعلام ونقابة الصحفيين الفلسطينيين أقاموا له حفلا تكريميا تقديرا لسيرته، ومسيرته الأدبية، والنضالية . غادرنا أبو محمد جسدا، لكنه لن يغادرنا نصا، وسيرة، ومسيرة أبدا.
mat