في القدس وفلسطين بالأرقام وتنمية الصمود (الجزء الأول)
نشر بتاريخ: 2023-01-25 الساعة: 11:55بقلم: الدكتور عماد عفيف الخطيب
دأب "المجلس الأعلى للإبداع والتميز" على تنظيم وعقد منتديات الإبداع خلال السنوات السبع الماضية، فمع نهاية العام 2021 عقد المجلس منتدى الإبداع السادس بعنوان "التحول نحو الإبداع". تم التركيز على مسارات هامة تتعلق بالإنظمة والقوانين والبيئة التمكينية، وأسس التحول نحو الإقتصاد المعرفي، إضافة لعرض مؤشرات التنمية الإجتماعية-الإقتصادية-والمعرفية لفلسطين وتطوير مقترحات تدعم تحول الإقتصاد الوطني إلى إقتصاد معرفي في السياق العالمي الخاص بتحقيق أهداف أجندة التنمية المستدامة 2030.
خرج عن المؤتمر تقرير بعنوان "آفاق التحول إلى إقتصاد قائم على المعرفة والإبداع" والذي عرض بشكل رقمي تطور إحصاءات ومؤشرات الأداء للعديد من القطاعات التنموية في المناطق التي تشرف عليها الحكومة الفلسطينية للفترة الزمنية 2011 – 2020، مع إستثاء تأثيرات جائحة كورونا. أظهرت المؤشرات السكانية والديموغرافية أن المجتمع الفلسطيني لا زال فتياً حيث تشكل شريحة الشباب في سن العمل ما يتجاوز 60% من مجمل التعداد الفلسطيني، بينما من هم في سن التقاعد لا يشكلون أكثر من 5%، مما يسمح بأن تحقق برامج "الضمان الإجتماعي" أهدافها في تعزيز منعة المجتمع. كما أظهرت الإحصاءات أن تطور النمو السكاني مع تقلص مساحة الأرض المتاحة والتي حددتها "إتفاقيات أوسلو" أدت إلى توسيع المناطق الحضرية على حساب تقلص مساحات الريف ما يؤدي لزيادة التحديات المرتبطة بالنواحي الإجتماعية-الإقتصادية. أما الحلول الملحة فهي التوسع نحو المناطق المصنفة "ج". من الواضح أن تطور مؤشرات معدلات "الفقر والفقر المدقع" تعتبر عالية ولم تتحسن بشكل ملحوظ، ولكن ما يلفت النظر أيضاً أن هذه المعدلات التي تعتمد على مؤشرات الصحة والتعليم ومستويات المعيشة، تظهر تحسناً في مؤشرات الصحة و التعليم بينما تظهر تراجعاً في مستويات المعيشة، وهذا يتوافق مع تطور مؤشرات "التنمية البشرية" لنفس الفترة، الأمر الذي يستدعي النطر مرة أخرى في أهمية بناء وتفعيل منظومة "الضمان الإجتماعي".
أما المؤشرات التي ترتبط بتطور النشاطات الإقتصادية فلا تزال تظهر الحاجة لسياسات داعمة لتعزيز قطاعات الزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات التي تحقق العوائد الأكبر للإقتصاد الوطني. وفيما يتعلق بتطور "الحسابات الحكومية" فهي تظهر أن متوسط النفقات الحكومية لازالت في حدود 30% من الناتج المحلي الإجمالي مما يعني أن الحكومة الفلسطينية لا تزال أكبر مستهلك وأكبر قطاع توظيف وطني. فقد زاد إعتماد الإيرادات الحكومية على جباية الضرائب حتى وصلت لحوالي 75%، بينما لا زالت نفقات الرواتب تشكل 47% من مجمل الإنفاق الحكومي. ومع هذا الخلل زاد الإنفاق الحكومي على التنمية الإجتماعية خلال العقد الأخير إلى أن وصل لحوالي 25% من حجم الإنفاق الكلي. وفي ظل الإنخفاض المستمر للمساعدات الدولية لدعم الموازنة الحكومية، فإن الحاجة لخطط إصلاح الموازنة الحكومية غاية في الأهمية.
وفيما يتعلق بتطور مؤشرات "الميزان التجاري الخارجي" فلم يشهد تحسناً ملحوظاً خلال العقد الأخير حيث بقي العجز التجاري يراوح حوالي 5 مليارات دولار، نصفها لصالح الجانب الإسرائيلي. وبالمقابل بقي القطاع المصرفي أهم القطاعات التي لم تتأثر كثيراً خلال العقد الأخير، بل أن صافي الأرباح التي حققتها المصارف بقيت عالية، وشكلت التدفقات من الفوائد على الإقراض حوالي 75% من حجمها. اما مؤشرات تطور الودائع البنكية فقد شهدت هي الأخرى نمواً بمتوسط 7% (الضفة وغزة) حيث سجلت في العام 2020 ما يزيد عن 16 مليار دولار، الأمر الذي يعني إن محفظة القطاع المصرفي من الودائع والأيرادات المحققة يمكن إعتبارها في الحالة الوطنية إمكانات مالية ضخمة تساهم في دعم خطط تنمية الصمود.
– يتبع --