الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الأولوية للحق الفلسطيني .. المملكة العربية السعودية تنتصر لمبادرتها

نشر بتاريخ: 2023-01-22 الساعة: 13:17

 موفق مطر

 


موقف المملكة العربية السعودية الأخير كان ضروريا لقطع الشك باليقين، بأن قيادة المملكة ما زالت تنتصر لمبادرتها (المبادرة  العربية) وترفض الاكتفاء بتطبيق الياء منها، وأن المبادرة كل لا يتجزأ حسب تسلسلها المنطقي والموضوعي المنسجم مع سياسة الأشقاء قيادة المملكة العربية السعودية المبنية على أساس تطبيق المبادرة من الألف إلى الياء، وأن كرامة وحرية واستقلال الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية الشرط اللازم للاستقرار والسلام الشامل والازدهار الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، وهذا منسجم مع الموقف الرسمي لفلسطين الذي تؤكده القيادة الفلسطينية انعكاسا لإرادة شعبية فلسطينية والبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية. 

حديث وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان عن تمسك المملكة بشرط قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967 قبل ذهابها إلى خيار إنشاء علاقات دبلوماسية مع (إسرائيل) في مناسبتين متتاليتين: حديث لقناة العربية، ومقابلة مع بلومبيرغ على هامش منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا الأسبوع  الماضي يعتبر ضربة في الصميم لرئيس حكومة الائتلاف الفاشي في إسرائيل، حيث كشف حجم المخادعة أثناء حملته الانتخابية وبعد تأليف حكومته، عندما روج كذبا بأن دولا عربية كبيرة وهامة  تنتظر دورها للتطبيع مع منظومته!! حتى باتت  التقارير التي ادعت انخراط المملكة العربية السعودية  في اتفاقيات أبراهام (التطبيع) المجاني مع إسرائيل أرخص من ثمن الحبر الذي كتبت به!!.فوزير الخارجية بن فرحان أعاد التأكيد في المناسبتين: منتدى دافوس العالمي الهام جدا، وقناة العربية على الحق للشعب الفلسطيني في قيام دولة وعاصمتها القدس الشرقية فقال: "إن شرط المملكة المتمثل بقيام دولة فلسطينية على حدود 1967، قبل التطبيع مع(إسرائيل) ما زال قائما ولم يتغير أبدا... والاستقرار الحقيقي، يتطلب قيام دولة فلسطينية، وتلك هي الأولوية". 

تدرك منظومة الاحتلال (إسرائيل) قوة ومكانة المملكة العربية السعودية في الشرق الأوسط عموما وكذلك في الوطن العربي، وعلى وجه الخصوص في منطقة الخليج العربي، ويعلم رؤوس هذه المنظومة أن المملكة صاحبة المبادرة العربية التي أصبحت واحدة من المرجعيات الدولية لحل الدولتين لا يمكنها التحلل من مبادرتها أو اعتبارها وكأنها لم تكن، وأن لقادة المملكة من الحكمة والقدرة السياسية ما يمكنهم من إيقاف قطار التطبيع، وكبح حركته باتجاه دول أخرى في الخليج العربي رغم احترامها للسياسات الخاصة بكل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي، ويعرفون أيضا أن قادة المملكة يتمتعون بحكمة سياسية تعينهم على تبصر المتغيرات الدولية، وبذات الوقت حفظ التوازن لسياسات الدولة، فالسعودية كبيرة اقتصاديا وسياسيا وأمنيا، وكل هذه العوامل ترجح قرارها في الامتناع عن دخول مسار التطبيع ما لم يتحقق الشرط الأساس، وما لم تعترف إسرائيل بدولة فلسطين المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، أما البعد الروحي العقائدي في مواقف قيادة المملكة العربية السعودية من الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني فله الثقل في القرار السياسي، فالقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين بالنسبة للمملكة شعبا وقيادة وحكومة جزء لا يتجزأ من هويتها العربية والإسلامية، وسيكون مستحيلا على سعودي في موقع القرار التسليم بعلاقات طبيعية مع دولة الاحتلال (إسرائيل) ما دامت المقدسات الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى، تحت الاحتلال وتنفذ فيها مخططات التهويد، وما لم تشملها سيادة دولة فلسطين. 

 

تجديد تأكيد المملكة لموقفها من الحق الفلسطيني، وشروط المبادرة العربية لإقامة علاقات طبيعية مرتبط بصلابة الموقف الوطني الفلسطيني الثابت، والحدث في هذا السياق ما سمعه مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان من الرئيس أبو مازن ما يؤكد عزم الشعب الفلسطيني وتصميمه على الدفاع عن أرضه وحقوقه ومقدساته المسيحية والإسلامية، وأن على الإدارة الأميركية التدخل قبل فوات الأوان، لإيقاف جرائم حكومة الاحتلال الإسرائيلية الجديدة، وأفعالها المدمرة لحل الدولتين والاتفاقات الموقعة، وما تبقى من فرص تحقيق السلام والاستقرار باستباحتها المسجد الأقصى، والمقدسات المسيحية والإسلامية في القدس.. وقرارات حكومتها بهدر دماء الفلسطينيين الأطفال قبل الرجال بعمليات اقتحام عسكرية يومية هدفها القتل والتدمير، وتهجير المواطنين الفلسطينيين لصالح المستوطنين قطاع الطرق، وقرصنة أموال الضرائب الفلسطينية. سيبقى الموقف الرسمي الفلسطيني قاعدة ارتكاز قوية صلبة لمواقف الدول العربية التي تستلهم سياستها من سجل تاريخها ومكانة حضورها وقوة تأثيرها حاضرا، فالمستقبل في رؤية قياداتها مرتبط بحرية الشعب الفلسطيني واستقلاله وقيام دولته وسيادته.   

 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024