الى أي مدى سيذهب نتنياهو في تحدياته
نشر بتاريخ: 2023-01-14 الساعة: 10:53كتب : اللواء سمير عباهرة
دخلت المنطقة منعطفا حادا مع وصول الحكومة الاكثر تطرفا في تاريخ اسرائيل بزعامة بنيامين نتنياهو والتي كانت بداية تصريحاته ومواقفه بأنه ذاهب الى مواجهة مع الفلسطينيين وإعلانه عن حزمة غريبة من القرارات التي اتخذها ويعتزم تطبيقها على مرآى ومسمع من العالم من خلال محاصرة السلطة الفلسطينية سياسيا واقتصاديا وإتباع سياسة التهميش واستمرار الاعتداءات على الاراضي الفلسطينية وحملات الاعتقالات والتصفيات بحق الفلسطينيين والاعتداءات المتكررة على القدس والمقدسات الاسلامية والمسيحية فيها وبدا واضحا ان نتنياهو ذاهب لتحدي الاسرة الدولية والمجتمع الدولي من خلال تنكره لقرارات الشرعية الدولية وللاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفلسطيني وتحمل في مضامينها اقامة دولة فلسطينية مستقلة.
نتنياهو يسعى لفرض مواقفه القديمة الجديدة بإصراره على ان اعتراف الفلسطينيين بدولة إسرائيل اليهودية فقط سيكون مقدمة لحلول سياسية لكنه لم يحدد ماهيتها لكنه في تصريحات سابقة له اشار بالقول "لن نسمح بقيام دولة فلسطينية لمواصلة الصراع حيث يجب الاعتراف بيهودية الدولة مثلما يريدوننا الاعتراف بالدولة الفلسطينية وانأ اعبر عن نفسي وكلامي واضح تماما".
ان قيام دولة فلسطينية من وجهة نظر نتنياهو يعني مواصلة الصراع فماذا يعني حل الصراع من وجهة نظره. نتنياهو لم يقتنع لغاية الآن بأن عملية التسوية لا تعكس في كثير من الأحيان محصلة موازين القوى وحالات الانتصار والهزيمة والضغوط الداخلية والخارجية بل أنها محصلة حقائق موجودة على الأرض تتعلق بوجود طرفاً رئيسيا يشار إليه في معادلة الصراع ويستطيع أيضا فرض شروطه ومواقفه,انه الطرف الفلسطيني في النزاع مع إسرائيل والتي تحتل اسرائيل أرضه ويعني مفهوم التسوية إنهاء هذا النزاع بانسحاب إسرائيل من هذه الأراضي التي تحتلها دون إضافة المزيد من الشروط الإسرائيلية على ذلك.
فإذا كان نتنياهو يستطيع فرض شروطه فلماذا تأخر الحل إذاً ؟ ولماذا لم يستطع لغاية ألان كسب التعاطف الدولي والحصول على دعم لمواقفه. هل ينتظر ضغوطا أمريكية على القيادة الفلسطينية من اجل تقديم تنازلات ام انه بات على قناعة بان وكلاء الورقة الفلسطينية كثر وبانتظار طرف يقدم هدايا مجانية لنتنياهو. نتنياهو لم يقرأ المعادلة بعد ولم يدرك أن القدس خطا احمر بالنسبة للفلسطينيين والمساس بها يشكل نسفا لعملية السلام، حين يقول "انها ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية في اي اتفاق مستقبلي". فقد جاء الاعتراف من قبل السفير الإسرائيلي السابق والمدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية ألون ليل لشبكة CNN بأن الحكومة الإسرائيلية اليمينية الجديدة تعتزم “تهميش” الفلسطينيين تمامًا الأمر الذي سوف يثير "مشاكل"
لا يمكن لنتنياهو حل الصراع من خلال التصعيد والتضييق على الفلسطينيين وتهميش السلطة لان السلطة هي شريك في عملية السلام على درجة متوازنة مع اسرائيل في سبيل الحصول على الحقوق الفلسطينية قهذه مسألة مصاحبة لما عرفت بتوازن القوى في اطار قانون الصراع الذي يحكم العلاقات الدولية والاستقرار الدولي فلا يمكننا الحديث عن توازنات الصراع دون الاشارة الى توازن القوى الدولي وارتباطاته بتوازن القوى الاقليمي لنجد ان مفهوم توازن المصالح هو الذي يحكم العلاقات الدولية بعيدا عن سيادة القانون الدولي وتطبيق قرارات الشرعية الدولية ولهذا يعتقد نتنياهو ان توازن القوى الدولي يمكن ان يخدم مصالح اسرائيل في ظل غياب توازن القوى الاقليمي بعد اعتقاد نتنياهو ان التطبيع الاسرائيلي العربي قد اخرج القضية الفلسطينية من عمقها العربي بعد ما فقدت القضية الفلسطينية العمق السياسي العربي الي كان يوفر لها كافة انواع الدعم السياسي في المحافل الدولية وأن رهان إسرائيل ومحاولاتها تليين مواقف بعض الأطراف العربية للضغط على القيادة الفلسطينية هو رهان خاسر حيث لم يعد هناك ثقة بإسرائيل أولا ثم انه لا يمكن للعرب النزول بالحقوق الوطنية الفلسطينية وإزاء هذه المعطيات فان هناك حقائق ووقائع كثيرة غابت عن ذهن نتنياهو وفي مقدمتها سؤالا عريضا يطرح نفسه وهو لماذا استجابت اسرائيل للانخراط في عملية التسوية حيث ادرك قادة اسرائيل ان الامن والأمان لن يتوفر لهم الا بحصول الفلسطينيين على حقوقهم وحقهم في اقامة دولتهم المستقلة وهنا تكمن قوة وعدالة القضية الفلسطينية
عندما يعود نتنياهو لقراءة معادلة الصراع من جديد عليه ان يدرك ان هذه المعادلة لا تتغير بتغير الحكومات وأن الحق الفلسطيني لا يسقط بالتقادم. وعليه ان يدرك ايضا أن عدم حصول الفلسطينيين على حقوقهم لن يعطي لإسرائيل الأمن والأمان وستبقى المنطقة في حالة من عدم الاستقرار وتبقى جميع الخيارات مفتوحة امام الفلسطينيين الذين لن ينتظروا سنوات طويلة أخرى للحصول على حقوقهم في ضوء التطورات والمستجدات التي تطرأ على عملية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي المرتكز الى محددات تفرضها عناصر الصراع وخاصة بعد المستجدات التي بدأت بالظهور على الساحة الدولية والتي تنذر بقيام نظام دولي متعدد الاقطاب والذي بدأت ملامحه في الظهور على الساحة الدولية.