سياسة (العظمة اليهودية) بتلميع حماس (الإخوانية )!
نشر بتاريخ: 2023-01-12 الساعة: 12:12موفق مطر
يعلم الوزير إيتمار بن غفير في حكومة نتنياهو الإسرائيلية الفاشية أن المسجد الأقصى والحرم القدسي للشعب الفلسطيني دون استثناء، ومكان عبادة مقدس لدى أكثر من ألف مليون مسلم، وركن أساس في عقيدتهم وثقافتهم، أما قوله: "اقتحمت الأقصى حتى أوضح لحماس أنهم ليسوا أصحاب هذا المكان". فلا تفسير له ولا نراه إلا في سياق لعبة تلميع مزدوجة مارسها بنيامين نتنياهو في حكوماته الثلاث السابقة، مع رؤوس حماس على رأسهم يحيى السنوار، لكن بن غفير يبدو بارعا في تنفيذ دوره باعتبار تجاربه السابقة التي بسبب نجاحه فيها كوفئ بمرتبة وزير، حتى أن تعديلات على القوانين قررها الكنيست لمنحه صلاحيات تمكنه من إيصال المؤامرة إلى ذروتها، فهذا الوزير (بن غفير) المصنف في قائمة الإرهاب والعنصرية يتذكر أن قيادات وكوادر ومناضلي حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح كانوا يقودون انتفاضة الأقصى الشعبية التي دامت سنوات إثر اقتحام مجرم الحرب ارئيل شارون للحرم القدسي، ويعلم بن غفير الجاهل بدروس التاريخ أن قوى الشعب الفلسطيني الوطنية دون استثناء دافعت عن المقدسات وكلفها ذلك آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى، وحينها أي قبل 23 سنة، كان فرع الإخوان المسلمين في فلسطين المسمى حماس في طور إعداد نفسه كلغم مؤقت مستتر، يفجر في اللحظة المناسبة داخل بنيان المشروع الوطني الفلسطيني لمنع استقرار قواعده ورفع ركائزه، ونعتقد أن نتنياهو قد أخبره يوما أن حماس استغلت الانتفاضة ووجدتها فرصة لتحقيق أهدافها المتقاطعة - إن لم تكن منسقة – مع أهداف حكوماته التي استطاعت اغتيال السلام وإحراق ما تم إنجازه من اتفاقيات وأولها اتفاقية أوسلو، لذا فإن قوله في جزء آخر من ذات التصريح لإذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي: "إن وصولي هناك كان لإيصال رسالة لحماس مفادها لن تهددوا وزيراً فى دولة إسرائيل، ولا يوجد عندي قلق، وسأقتحم الأقصى مرة أخرى". ليس إلا جزءا من حوار مسرحاني بينه وبين السنوار الذي هدد وأرعد وأزبد وأقسم متوعدا ألا يتكرر مشهد اقتحام المستوطنين للحرم القدسي، وكان خطاب السنوار المنطوق بالعربية قد وصل وفهم بالعبرية بالصورة التي شهدناها حيث زادت ليس وتيرة اقتحامات المستوطنين للحرم القدس والأقصى وحسب، بل مشاهد طقوس الصلوات والأدعية اليهودية التي كانت تمنعها الشرطة الإسرائيلية قبل خطاب السنوار الشهير.
يدرك بن غفير أن حماس لا تهدد كيان منظومته فعليا، وأن الصهيونية الدينية الفاشية لا تخشى ولا ترى تهديدا وجوديا حقيقيا على وظيفتها ودورها في خدمة المشاريع الاستعمارية، إلا الشعب الفلسطيني الأصيل بهويته الوطنية، والثقافية والتاريخية الحضارية وامتداداتها العربية الإنسانية، تخشى النمو الطبيعي لرموزه السياسية، وتنامي قدرة قيادتها على استعادة فلسطين لمكانها الطبيعي في الخريطة الجغرافية والسياسية الدولية، وتثبيت مكانتها القانونية في القانون الدولي؛ لأن من شأن هذه الانجازات والانتصارات إزاحة كيان أنشأته دول استعمارية بقرار.
نذكر بن غفير أن نتنياهو قد قال في اجتماع لحزب الليكود في شهر آذار/ مارس من سنة 2019: "ينبغي على مَن يعارض قيام دولة فلسطينية أن يدعم تحويل الأموال لغزة، ذلك أن من شأن الإبقاء على الانفصال بين الضفة الغربية وغزة، المساعدة على الحيلولة، دون إنشاء دولة فلسطينية".. ونذكره أن رؤوس الإخوان المسلمين وفروعهم في فلسطين سبقوه في الحرب الدعائية والفعلية على علم فلسطين الرباعي الألوان، وكلاهما يشترك في سمة العدائية المطلقة للوطنية الفلسطينية ورموزها السيادية، ولمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، ولكل مؤسسة ذات صلة، وما قراره كوزير لما يسمى -الأمن القومي- بمنع رفع علم فلسطين في الأماكن العامة وكذلك اليافطات المرحبة بالأسرى المحررين، إلا لمنح جماعة الإخوان مساحة أوسع لرفع راياتهم وإثبات وجودهم، وبذلك يحقق نتنياهو بقوة ساعديه (الصهيونية الدينية) و(العظمة اليهودية) هدف ضرب منظمة التحرير الفلسطينية وقوى الشعب الفلسطيني الوطنية، ومساعدة حماس ومشتقاتها والتنظيمات الإسلاموية لتكون البديل المنسلخ عن الهوية الوطنية والثقافية للشعب الفلسطيني، وبذلك تجرد هذا الشعب من سر وجوده الأزلي على أرض وطنه وتقطع صلته التاريخية والطبيعية بها.
mat