الرئيسة/  الأخبار

كريم يونس .. "الحر عاد حقا عاد"!

نشر بتاريخ: 2023-01-10 الساعة: 09:08

كتب موفق مطر

 


"إن الكرامة والحرية هي أغلى ما يملكه الإنسان"، مقولة قد ينسبها قارئ ما لفيلسوف أو مفكر أو سياسي مخضرم بالخطاب، لكنها في الحقيقة لفلسطيني جسد ما يحق لنا اعتباره ثالوثا وطنيا  (الفدائي الصابر الحكيم)، قالها فلسطيني بات رمزا ونموذجا حقيقيا لمعنى المناضل الوطني، والقلب الشجاع، والعقل الخارق لجدران الظلم والظلام، والنور الذي انحنت له قسرا قضبان زنازين جلاد الفاشية الصهيونية الفولاذية، إنه الفلسطيني كريم يونس الذي يستحق قولنا فيه: "الحر عاد حقا عاد" في صياغة تاريخية حديثة معاصرة لمعنى اعجاز روح الارادة الانسانية  المستمدة من مشيئة الوطن، فهنا على هذه الأرض المقدسة، كانت معجزة الفلسطيني المخلص، المسيح عيسى ابن مريم  عليه السلام حيث يردد المؤمنون المسيحيون في العالم "المسيح قام... حقا قام" .

كسر الفلسطيني كريم يونس قواعد اعداء الإنسانية المصممة خصوصا لإخضاع وإذلال الفلسطيني، وأثبت بعد أربعين عاما في زنازين منظومة الاحتلال والاستيطان والإرهاب والعنصرية والفاشية (اسرائيل) أن الحر عصي على الانكسار، حتى لو حاصروه بزنزانة يحرسها ألف وحش آدمي، و أوصدوها بألف قفل على ألف بوابة، وطوقوها بألف جدار، فتحرر كريم من بطن حوت الاحتلال والأسر كأحسن ما تكون الطهارة الوطنية. 

جدران زنازين المحتلين باردة جافة كئيبة تنثر رائحة الموت في جنباتها، مباحة لكلاب مسعورة يصحبها آدميون همجيون (وحدات خاصة) بأسلحتهم الفتاكة، لكن الفلسطيني (الكريم) قد استقوى   بالأمل والصبر والصمود حتى انتصر وفاز بالحرية.. فهو القائل لوالدته (رحمها الله) أثناء زيارتها له في المعتقل: "لا تبكي يا أمي.. فهنا 11 ألف أسير.. ولهؤلاء الأسرى الشباب أهل وزوجات أنا واحد منهم.. لا تبكي يا أمي فأنا معتقل بسبب عمل وطني مشرف وليس بسبب قضية تستحين منها"، توفيت الصابرة الحاجة (صبحية) أم كريم قبل حوالي 180 يوما من عودته لمسقط رأسه حرا في بلدة (عارة) الفلسطينية، وكتب في رسالة من زنزانته "برغم الألم والفقدان إلا أنني شعرت بسعادة وفخر عندما علمت أنَّ الحاجة لُفت بالعلم الفلسطيني الذي رفع أيضًا على أرض مقبرة قرية عارة"، بلدته العربية الفلسطينية الواقعة في منطقة المثلث الشمالي من فلسطين، على بعد 38 كم جنوب مدينة حيفا.

كان في الثالثة والعشرين عندما أغارت شرطة منظومة الاحتلال على جامعة (بن غوريون) حيث كان يدرس العلوم السياسية والصحافة واعتقلته في اليوم الأول من حزيران/ يونيو من عام 1983، فصار كريم الذي ولد 24 كانون الأول ديسمبر 1956 رمزًا في بلدته (عارة) -شمال فلسطين التاريخية والطبيعية- حيث يدرس المرحلتين الابتدائية والإعدادية قبل انتقاله لمدينة الناصرة لنيل شهادة الثانوية العامة.

شاب شعر المناضل القائد كريم يونس في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي العنصري في الجلمة، والرملة، وعسقلان، ونفحة، وبئر السبع، والشارون، ومجدو، وهداريم.. لكنه لم يأبه لقرار محكمة الاحتلال بإعدامه، قبل تخفيضه الى المؤبد ثم الى اربعين سنة، بتهمة قتل جندي في جيش الاحتلال، والانتماء لحركة فتح، فسلبوا من حياته 40 سنة، أما أحكامهم فوسيلة إرهاب لجماهير الشعب الفلسطيني في مدن فلسطين التاريخية والطبيعية التي انطلق منها يوم الأرض الخالد، ووسيلة فصل وتقسيم للشعب الفلسطيني، بين مواطنين فلسطينيين في مدن وقرى محتلة سنة  1948، يحملون بطاقات هوية إسرائيلية، وبين مواطنين فلسطينيين لاجئين ومواطنين في الضفة الفلسطينية بما فيها القدس وقطاع غزة، وكرست منظومة الاحتلال هذه السياسة برفضها اطلاق حريته وحرية اخيه ماهر مع 14 آخرين من مدن وبلدات فلسطينية محتلة منذ العام 1948 ضمن قائمة ضمت 34 اسيرا وأسيرة اعتقلوا قبل اتفاق اوسلو، وذلك بموجب تفاهمات مع حكومة منظومة الاحتلال سنة 2014، فأوقف الرئيس ابو مازن المفاوضات بسبب نكث الحكومة الاسرائيلية وتراجعها.. فكتب كريم لرئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية أبو مازن وثيقة تاريخية، نقرأ من نصها: "نحن لا نتطلع إلى خلاصنا الشخصي بقدر ما نتطلع إلى خلاص شعبنا من الاحتلال، فحريتنا مرتبطة بحرية شعبنا ونيله حقوقه المشروعة والثابتة فنحن ناضلنا وضحينا من أجل حرية فلسطين وكرامة شعبنا البطل" هذا هو الفلسطيني الوطني المناضل، يتقدم لا يتراجع ولا ينهزم، يرقى ويعلو، لا يسقط ولا يهبط، تشع بصيرته ولا تخبو ابدا، حتى لو كان أسيرا، فلكريم كتابان الفهما في الزنازين، الأول: (الواقع السياسي في إسرائيل عام 1990)  والثاني (الصراع الأيديولوجي والتسوية عام 1993).

قرر الرئيس أبو مازن رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني ترشيح كريم يونس لعضوية   اللجنة المركزية للحركة، وتم فعلا انتخابه في المؤتمر السابع عام 2016، وبذلك كرس الرئيس مبادئ حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، بأن الوطن واحد، والشعب الفلسطيني واحد، وأن ثقافتنا الوطنية هي الضمانة لانتصارنا، فتبوأ الوفاء مكانته الطبيعية بعد تحرير المناضل كريم يونس من بطن حوت النسيان.

 نعتقد أن في ذاكرة الفلسطيني المناضل القائد الحر كريم يونس ما يكفي لكشف حقيقة هذه المنظومة الفاشية (إسرائيل) بأنها منذ انشائها خارج سياق التاريخ، والجغرافيا، والثقافة الإنسانية، رغم عمليات التجميل، وأصباغ الديمقراطية والحقوق والحريات الزائفة! وانتظروا البينات.

 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024