الاحتلال يستهدف المسيحيين ومقدساتهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة
نشر بتاريخ: 2022-12-27 الساعة: 12:52
بقلم:المحامي علي أبوهلال *
تواصل قوات الاحتلال وعصابات المستوطنين الاعتداءات العدوانية على أبناء الشعب الفلسطيني كافة، دون تفرقة بينهم، مسلم أو مسيحي، رجل أو امرأة، طفل أو مسن أو شاب، وفي إطار ممارساته العدوانية الممنهجة ضد الفلسطينيين المسيحيين، ذكرت صحيفة "دايلي مايل" البريطانية، إن المسيحيين الفلسطينيين في الأرض المقدسة، في مدينتي القدس وبيت لحم، يطالبون بالمساعدة والحماية من اعتداءات الاحتلال، حيث يتعرضون لممارسات عدوانية من قبل قوات الاحتلال، وعصابات المستوطنين. من ضمنها امتهان كرامتهم الإنسانية، وانتهاك حقوقهم وحرياتهم وشعائرهم الدينية وسائر حقوقهم الإنسانية الأخرى، التي تكفلها لهم الشرعة الدولية لحقوق الانسان، وقواعد القانون الدولي الإنساني، علاوة على مصادرة حقوقهم في تقرير المصير، والاستقلال السياسي، باعتبارهم جزءا أصيلا من الشعب الفلسطيني الذي يناضل ضد الاحتلال، ومن أجل حقه في الحرية والعودة والاستقلال الوطني.
وفي إطار الاعتداءات التي تمتهن حقوقهم وكرامتهم الإنسانية ذكرت صحيفة "دايلي مايل"، البريطانية انه "يتم البصق على رجال الدين، وهم يقودون مواكب المسيحيين إلى كنيسة القيامة المقدسة، المبنية على موقع قبر يسوع الشهير، وتتعرض كنائس أخرى للهجوم من مثيري الحرائق" من قبل الاحتلال الإسرائيلي. وذكرت حادثة من هذا النوع، عندما بصق جنود إسرائيليون، من لواء "غفعاتي"، على رجال دين مسيحيين رفيعي المستوى، وعلى الصليب الذي يحملونه، خلال مسيرة عيد الصليب في القدس المحتلة.
وأشارت الصحيفة في رواية لرجل دين رفيع من الكنيسة الأرمنية أن قوات الاحتلال "بصقوا عليه وعلى الصليب الذي يحمله"، وهو يستذكر لحظات من المسيرة الاحتفالية التي نُظِّمَتْ الشهر الماضي، والتي تحوّلت، بحسب كلامه، إلى "مسيرة إهانة وانفعال". وتشير ايضا إلى اعتداءات المستوطنين على الأحياء المسيحية حيث أكّدت الصحيفة أن "المستوطنين قادوا عمليات الاقتحام في الحي المسيحي في القدس المحتلة، والتي تجلت مؤخراً بالاستيلاء على فندق بترا، الذي تم السيطرة عليه بشكل غير قانوني في شهر نيسان/ أبريل الماضي، وهو في طور التجديد. وتذكر الصحيفة أن "هناك كنيسة أرثوذكسية يونانية على جبل صهيون، يعتقد بعض المسيحيين أنها كانت تستخدم من قبل أتباع يسوع الأوائل، تحتاج إلى الحماية بواسطة القضبان والأسوار حيث استهدفت مراراً وتكراراً من قبل المستوطنين المخربين. وفي حزيران/يونيو الماضي، تمّ اختراقها من قبل أعضاء جماعة تابعة للاحتلال الإسرائيلي، الذين هددوا حارس الأمن: "نحن نعلم أين تعيش وسوف نقتلك"، كذلك هاجمت مجموعة من الكهنة الأرمن، ما أدى إلى نقل أحدهم إلى المستشفى. وفي إطار سياسة الاحتلال العدوانية على الفلسطينيين وأملاكهم وأراضيهم، قالت أربع منظمات حقوقية إسرائيلية وهي، «بيمكوم»، و«عيمق شافيه»، و«عير عميم»، و«السلام الآن»، تعقيباً على مخطط سلطة الطبيعة والحدائق و«العاد» الاستيطانية، إن «استيلاء العائلات اليهودية تدريجياً على منازل في الشيخ جراح وسلوان شمال وجنوب البلدة القديمة، وتوسعة (حديقة أسوار القدس الوطنية)، لتشمل جبل الزيتون، سيمكن جمعية (العاد) من تطويق البلدة القديمة بالبؤر الاستيطانية، إلى جانب المشروعات السكنية والأثرية والبيئية اليهودية، مما سيشعل المنطقة، ويدخلها في حرب دينية لا تحمد عقباها. إضافة إلى المخطط الذي يستهدف أملاك الكنائس في السفح الغربي لجبل الزيتون باتجاه البلدة القديمة، الذي يعود تاريخه إلى سبعينات القرن الماضي، حيث قرر الاحتلال السيطرة على الأملاك المحيطة بالبلدة القديمة في القدس، من خلال مشروع «حديقة أسوار القدس الوطنية»، لتسيطر إسرائيل على العديد من العقارات والممتلكات الإسلامية والمسيحية، منها، مقبرة باب الأسباط الإسلامية، ومقبرة جبل صهيون المسيحية.
وفي عهد حكومة الاحتلال السابقة وضعت ما تسمى بسلطة حماية الطبيعة والحدائق التابعة لوزارة حماية البيئة في الدولة العبرية، مخطط توسعة حديقة (أسوار القدس الوطنية) باتجاه الشرق، لتشمل أماكن مقدسة مسيحية ومزارات حجاج، وما يحيطها من أديرة وكنائس وبساتين تاريخية ضمن هذا المخطط، كما تعرضت العديد من الكنائس المسيحية في القدس المحتلة، لاعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين، من بينها كنيسة الجثمانية. وتعرضت أملاك وأراضي كنائس أخرى لمحاولات الاستيلاء والمصادرة لصالح مخططات الاحتلال، من أبرزها ممتلكات الروم الأرثوذكس في باب الخليل من قبل المنظمة الاستيطانية "عطيرت كوهانيم" التي تحظى بدعم حكومة الاحتلال.
إن اعتداءات الاحتلال والعصابات الاستيطانية على المسيحيين، وامتهان كرامتهم وحقوقهم الانسانية، والمس بحرية العبادة والشعائر الدينية للمسيحيين والمسلمين على حد سواء، والسيطرة على أراضي الكنائس وأملاكها وعقاراتها، أصبحت نهجا وسياسة رسمية ثابته ومنظمة للاحتلال، وقد شجع الصمت الدولي على تصاعد هذه السياسة وتوسعها، وهو ما سمح لحكومة الاحتلال بالتمادي في سياستها المتطرفة والعنصرية، والاستمرار في غطرستها، وانتهاكاتها للقانون الدولي الإنساني، ولقانون حقوق الانسان، ولقرارات الشرعية الدولية.
وعلى المجتمع الدولي ممثلا في هيئات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الحقوقية، وحركات التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة، التحرك العاجل للضغط على حكومة الاحتلال لوضع حد لهذه السياسة العدوانية العنصرية المتطرفة.
*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.