من بن غوريون وغولدا مائير الى سموتريتش وبن غفير
نشر بتاريخ: 2022-12-25 الساعة: 11:43ركاد سالم "أبو محمود" *
الانتخابات الإسرائيلية التي جرت في إسرائيل بتاريخ 1/11/2022 قد حملت عدة مفاجآت كما اثارت اهتمام محلي ودولي وذلك بصعود اليمين المتطرف وحصوله على أربعة عشرة مقعداً في الكنيست ممثلاً بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية ممثلاً بسبعة أعضاء كنيست، وايتمار بن غفير ممثلاً لحزب عوتسما يهودت ممثلاً بستة أعضاء كنيست وحزب نوعام العنصري ويمثله رئيسه أفي ماعوز وله عضو كنيست واحد.
وهناك نقاط عديدة في برنامج ايتمار بن غفير الذي تولى مسؤولية الامن القومي، الوزارة التي استحدثت له من الامن الداخلي مع صلاحيات واسعة على الشرطة وقوات حرس الحدود واهمها نقطتين، الأولى منطقة النقب، حيث يخطط بن غفير لنقل جزء كبير من حرس الحدود المنتشرة في الضفة الغربية والقوات الخاصة التابعة لها من المناطق المتمركزة بها في الضفة الغربية الى النقب لتقوية وتعزيز قبضة إسرائيل، إضافة الى صلاحيات واسعة في مقدمتها اشرافه على قواعد اقتحام المسجد الأقصى وقد قادت زوجته وهي تضع مسدس على وسطها الاجتماع التحضيري لمناسبة عيد الانوار العبري الحانوكا مع شرطة الاحتلال وهو ما يجعل المواجهة الشاملة انطلاقاً من الأقصى امراً لا مفر منه، وهذا إضافة الى المطالبة بتشديد الإجراءات ضد الاسرى.
اما الخطة الثانية فتتضمن تغييرات تشريعية في مجال اطلاق النار وإدخال الشاباك في التحقيق في الأنشطة "الاجرامية"، وخطة انشاء حرس وطني وهذه الحكومة التي يتم تشكيلها ستقول لا لكل الحلول، لا يوجد حل ولا توجد نية لانهاء الابرتهايد، والاحتلال غير مرتبط بالامن بل بالايمان بملكية اليهود لهذه البلاد وبدوافع مسيحانية وقد تم تكليف افي ماعوز رئيس حزب نوعام في التشكيل الجديد، وهو الحزب الأكثر تطرفاً في ائتلاف الصهيونية الدينية ليكون مسؤولاً عن برامج التعليم الخاصة وبناء الشخصية اليهودية في التعليم بالمدارس والذي يمارس عمله بصفته نائب وزير في مكتب رئيس الوزراء نتنياهو.
كما وجب التذكير أنه في حرب عام 1948 جاء الى بن غوريون كل من دايان وشارون واخبروه انهم عبروا بآلياتهم العسكرية من وسط بلدتي اللد والرملة واندهاش السكان لهذا الامر فاجابهم بن غوريون ماذا عن السكان، فاجابوا لا زالوا في بيوتهم، قال لهم بن غوريون كأنكم لم تفعلوا شيئاً فالمطلوب تهجير السكان.
اما سموتريتش فيطالب بتمرير مبادرة قانون التنظيم لاضفاء الشرعية على الوضع غير القانوني للبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، ويطالب الى جانب توليه لحقيبة المالية بتعيين وزير مفوض في وزارة الدفاع يقوم هو بتعيينه مع فريق عمل من اجل التحكم بالفلسطينيين في الضفة الغربية.
ومن أفكاره التي اعلن عنها في مقابلة تلفزيونية مع القناة الثانية الإسرائيلية بعد وصوله الى الكنيست في العام 2016 انه ليس هناك شعب اسمه شعب فلسطين، كما انه لا يوجد احتلال إسرائيلي للضفة او خط اخضر فاصل ما بين الضفة الغربية وإسرائيل، وانه مع بناء الهيكل الثالث خلال سنوات على انقاض المسجد الأقصى، كما يشرعن العمليات الإرهابية كمنفذ مذبحة الحرم الابراهيمي باروخ غولدشاتين، وان مستقبل القدس التوسع نحو الأردن حتى دمشق، ومع إعادة احتلال غزة.
وما يجدر ذكره أن غولدا مائير في احد مؤتمراتها الصحفية عندما سالت عن الفلسطينيين اجابت: لا يوجد فلسطينيين انا فلسطينية.
ان هذه التعيينات في حكومة نتنياهو انما تظهر الوجه الحقيقي لهذه الحكومة القائمة على التطرف والاستيطان، وتصفية المناضلين العرب، وتظهر الوجه الحقيقي للكيان الصهيوني وذلك بعكس ما تحاول إسرائيل الظهور بانها دولة ديمقراطية وهي واحة الحريات في المنطقة.
ومنذ البداية كانت النظرية الصهيونية تقوم على أساس ان فلسطين ارض بلا شعب لتكون وطن لشعب بلا ارض، وتحالف اليمين المتطرف الذي اشرنا اليه انما يعيد الصراع الى جذوره في تعزيز المستوطنات ومصادرة الأراضي وهدم بيوت الفلسطينيين وتهجيرهم.
وما يجدر ذكره ان اتفاقات أوسلو قسمت أراضي الضفة الغربية الى مناطق أ وهي تشكل 18% من مساحة الضفة الغربية ومناطق ب التي تضم حوالي 21% من مساحة الضفة حيث تسيطر المنظمة على التعليم والصحة والاقتصاد.
وتسيطر إسرائيل في كلا المنطقتين ج+ب على السيادة والامن، على ان تبحث مناطق ج وب في مفاوضات الحل النهائي الذي لم ولن يأتي ابداً في وقت يطالب بن غفير بضم هذه الأراضي الى دولة إسرائيل.
ان التشريعات التي اقرها الكنيست الإسرائيلي في المؤسسات الأمنية وتحديداً في الجيش والأمن لارضاء حليفي نتنياهو بن غفير وسموتريتش سوف تؤجج المعارضة الداخلية لهذه الحكومة.
كما ان مخططات بن غفير وسموتريتش في السيطرة على الأقصى وهدمه وإقامة الهيكل الثالث خلال السنوات القادمة سوف يؤدي الى انتفاضة ثالثة ربما تشعل المنطقة بأسرها.
* أمين عام جبهة الحرير العربية
mat