العروبة وفلسطين والحب المقدس
نشر بتاريخ: 2022-12-15 الساعة: 13:56موفق مطر
لم نكفر يوما بعروبتنا حتى في عز أعاصير الارتداد، وانتشار ظاهرة المخربين لعقل الإنسان العربي وفكره المتنور، فهؤلاء المخربون ظلوا لعقود ينشرون فرية موت الضمير العربي.. فنحن كنا وما زلنا في جبهة المقاومة الفكرية والثقافية لأعداء العروبة، نعي تماما حقيقة صلة جذورنا بجذور الأمة، وتأثيراتنا الحضارية عليها وكذلك تأثرنا بحضارة شعوبها .. فشعوب الأمة العربية روت الجذور وغذتها بما هو أغلى وأعلى مرتبة من النظريات والأفكار والخطابات، وما علينا إلا النظر إلى قوائم أسماء الشهداء العرب من أجل فلسطين، والفلسطينيين من أجل إخوتنا العرب، حينها سندرك المعنى الحقيقي للعروبة، لكن بشرط النظر بتأن ودقة في مسارات الشارع العربي كافة، لأننا قد نفتقد معظمها إذا حصرنا زاوية النظر باتجاه القصور الرسمية، أو بعض (الأحزاب الطفيلية) .. فنحن على يقين أن عروبتنا لا تتأثر بسياسة حاكم، أو برنامج حكومة ينظم بمعيار المصلحة والارتباط مع الأجنبي، فهي كالسماء مدرارة إذا عطشت الأرض، وهي كالأرض تمنح السماء فضيلة العلو والسمو والهداية بكواكبها ونجومها.
شقيقنا العربي الطبيعي معنا، ونحن معه في السراء والضراء، ينصرنا في حقنا وبما نريد ونشاء، وننصره بحقه وبما يريد ويشاء، ليس مطلوبا منه التفكير نيابة عنا، لكنه بإخلاصه وصدقه وإيمانه بعروبته يعقل أفكارنا ورؤانا، ويعززها، يساندنا في عملية صقلها حتى بدون دعوة أو طلب، محافظا على حقنا ومحترما استقلالية قرارنا، فما بيننا عروة العروبة الوثقى، والمصير الواحد، شئنا أم أبينا فالعروبة بالنسبة لنا شجرة تاريخ وحاضر ومستقبل لا تقلعها أعاصير ورياح، نتشبث بجذعها فتمسكنا، وفي ظلها الممتد حتى ما بعد الآفاق ننشد الأمان .. أما شقيقنا الذي أصيب بعقدة التطبيع مع المغتصب المحتل، فهو كالضائع في متاهات المصلحة والمنفعة الذاتية، هائم يبحث عن مبررات الخروج على قيم العروبة كالباحث عن إبرة في كومة القش، فهذا لن تجده في شوارع الأمة، حتى وإن تجرأ على الظهور، فإن العروبيين يتمنون له شفاء البصيرة.
العربي العروبي يحفظ أو يعرف رواية الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني عن ظهر قلب، كحفظه لكتابه المقدس، يعيش أحداثها، يلمسها بأحاسيسه وحواسه، بروحه، بعقله، بإبداعه، ويمنحها شرف التوأمة مع رواية وطنه، فيربط الروايتين بحب مقدس اسمه فلسطين.
العربي العروبي لا يستأنس مجرما محتلا مستوطنا عنصريا، ولا يمنحه صدر بيته، لا يسامره، فهو يخشى ضميره الذي يسأله كل لحظة ماذا أنت فاعل فيما أرواح أطفال فلسطين الأبرياء وأحدثهم في القائمة الطفلة جنى زكارنة تزهق، ودماؤهم تسفك، فشقيقنا العروبي يأبى إطلاق النار على ضميره أو تخديره، أو بعثه إلى غرفة الموت السريري..
يعيش العربي العروبي آلامنا وآمالنا، أحزاننا وأفراحنا، صمودنا ومعاناتنا، فيرى تربة فلسطين أخصب، وصخرها أصلب، وواديها أغنى، وجبالها وبحرها أغنى، وسماؤها أصفى، أما الفلسطيني فيكفي أن يأخذه العربي العروبي مرآة غاية في الصفاء ليرى بأم عينه ذاته العروبية الخالصة.
mat