الرئيسة/  مقالات وتحليلات

أبو مازن .. لست وحدك

نشر بتاريخ: 2022-12-06 الساعة: 12:53

 موفق مطر

 


تأتينا أخبار في وسائل الإعلام العالمية عن قوة أشعة الليزر، والماء المضغوط, حيث لكل منهما قوة خارقة لقطع أو نحت أصلب المعادن، أما في فلسطين فلدينا أشعة مختلفة كليا عن تلك المنتجة في مراكز الأبحاث، ومختبرات التجارب المدنية والعسكرية على حد سواء، هنا في فلسطين رئيس شعب وقائد حركة تحرر وطنية يمتلك عقله قدرة استثنائية على إصدار إشعاع  معرفي، خارق للعوائق التي تقف مانعا في مدى منظور البصر، وتمكن البصيرة من اختراقها، وتفكيكها، والاطلاع على الحقيقة الكامنة تفاصيلها في الآفاق الملموسة، وحتى ما بعدها .

نعتقد أن الرئيس محمود عباس أبو مازن يعقد الآمال على حاضر الشعب الفلسطيني ومستقبله، لكنه لا يقطع مع تاريخ الشعب الفلسطيني والأمة العربية، وأمة الإنسانية، وإنما على العكس، فإنه يسلط على التاريخ إشعاعا معرفيا خارقا بما يكفي لتفكيك وإسقاط ما يسمى الرواية الصهيونية الاستعمارية, التي صارت كالجبال التي تحول وتقطع بين رؤى الإنسانية النبيلة والحقيقة  .

لا يسرد الرئيس أبو مازن التاريخ، ولا يروي بعض أحداثه ذات العلاقة بفلسطين والحق التاريخي والطبيعي الأزلي للشعب الفلسطيني في أرض وطنه فلسطين، وإنما يوجه بإشعاع كلماته  وخطاباته الساسة والقادة وجماهير الشعب الفلسطيني، نحو تجاوز المعلوم والمعروف والمكتوب والمنسوخ، والواقعي والمزيف والمحرف، واتباع إشعاع الحقيقة التي يمكن إدراكها إذا كرسنا عقولنا لاستخلاص الحقيقة من تراكمات الأحداث التاريخية في العالم وتفاصيلها، وتقديمها للجماهير كالجواهر، مصقولة خالصة من الشوائب، فمنهج الرئيس أبو مازن بوجهيه النظري والعملي محوره القراءة المتأنية للحقائق والوقائع، باعتبارها الشرط الأساس لبلوغ الأهداف التي يعمل المناضل الوطني السياسي الواعي المخلص والصادق على تحقيقها، فالمبادئ والأهداف الوطنية لا ترفع على شعارات وتصورات انفعالية خيالية، وكذلك الوسائل والأدوات لا تعتمد وفق المعايير الشخصية، أو التقليدية الموروثة الخاطئة والخارجة على زمانها، وإنما على علم ومعرفة بالذات الوطنية الثقافية الحضارية، وبالتوازي على علم ومعرفة بحيثيات نشوء وتكوين وتفاصيل تصنيع منظومة (الكيان), الذي أراد له المستعمرون الطغاة أن يكون بديلا لشعبنا وهويته، ليس على أرض وطنه وحسب، بل إخراجه نهائيا من مسار التاريخ، وإحلال ماض وحاضر ومستقبل مبتدع, غير قابل للانسجام مع ثقافة الإنسانية أبدا، ذلك لتكوينها من عناصر شاذة مصنعة لا تتفاعل مع العناصر الطبيعية الكامنة أصلا في مكونات الشعوب والأوطان وثقافاتها وشواهدها الحضارية .

لا يحب الرئيس أبو مازن ولا يريد ترف الزعامة ووهجها، مقابل ثمن بخس لا يكلفه أكثر من خطابات انفعالية، تعبوية، نارية، فارغة من مضمونها، براقة كفقاعات الصابون، لكنها لا تحتمل أدنى وخزة أو صدمة، ولايسعى لنسب أي إنجاز وطني لنفسه أو لشخصه، فلغة الجمع ومفرداتها عنده مثل الشعب والقيادات والقوى المنظمة، لا تسمح للغة الفرد المغرور ولو لمجرد الحضور أو المرور، ويعتقد – رغم موقعه في المسؤولية – أن الكلمة الأولى والأخيرة للشعب وقياداته العملية المخلصة في أدائها وعطائها .. فقائد حركة التحرر الوطنية، رئيس الشعب الذي ما زال يفكر بعقلية المناضل، وهو على رأس هرم  القيادة، ما زال في ذروة الإصرار على " أن الكلمة ليست له وحده، وإنما للشعب الفلسطيني وقيادات فصائله وأحزابه واتحاداته وقواه المنظمة، ومعه الأمة العربية والإسلامية والأحرار في العالم أيضا " ..كما قال في افتتاح الدورة العاشرة للمجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بحضور قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، ووزراء حكومة السلطة الوطنية وشخصيات وطنية واعتبارية ـ أول أمس الأحد -  وكأنه بذلك يخط رسالة بإشعاع المنهج الوطني للحركة، بأن هذه ( الحركة ) منكم ولكم، وللشعب الفلسطيني بدون استثناء، وأن مهمة الحفاظ على الثوابت والقرار الفلسطيني الوطني المستقل مهمة الكل الفلسطيني على طريق تحقيق هدف الحرية الاستقلال، ولكن ليس بدون قدرة معرفية على تفكيك روابط المشروع الاستعماري الدولي الأساسية، المشروع الذي استخدم يهود فيه كبيادق وما زالوا حتى اللحظة تحت سيطرة اللاعب الاستعماري العالمي الكائن في واشنطن .. فالصهاينة المحتلون العنصريون لا يستطيعون فعل شيء – ولو كان لمصلحتهم – بدون إعلام واشنطن وأخذ الإذن منها .

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024