الرئيسة/  مقالات وتحليلات

فرحة تفضح إسرائيل الفاشية

نشر بتاريخ: 2022-12-06 الساعة: 12:43

 عمر حلمي الغول

 


أثار فيلم فرحة للمخرجة الأردنية دارين سلام الدرامي التاريخي ضجة وردود فعل من أقطاب الصهيونية بمختلف مشاربهم، كونه يكشف ويفضح صورة مصغرة لنكبة الشعب الفلسطيني في عام 1948 عندما سلط الضوء على قصة حقيقية عاشتها فتاة فلسطينية عمرها 14 عاما، اسمها الحقيقي رضية، وكانت الشاهدة الوحيدة على قتل عائلة فلسطينية هاربة من المجازر، حيث لجأ  الى قريتها ومنزل عائلتها رجل وزوجته وبناته الصغار وطفلهم الذي لم يتجاوز عمره العام الواحد. وشطبت تلك العائلة من سجل السكان الفلسطيني كما مئات وآلاف  الأسر الفلسطينية، التي تعرضت لما يقارب المئة مجزرة ومذبحة عشية وأثناء وبعد النكبة الكبرى، والتي نجم عنها تشريد وطرد قرابة المليون فلسطيني من أرض وطنهم الأم فلسطين، ومنها مجازر دير ياسين والطنطورة وحيفا والقدس والدوايمة وكفر قاسم ... إلخ

وكان الفيلم عرض في 14 أيلول / سبتمبر 2021 في مهرجان تورنتو السينمائي، وعرض لاحقا في بوسان وروما في 7 نوفمبر 2022، كما عرض في مهرجان أيام فلسطين السينمائية في رام الله في نوفمبر الماضي أيضا. وسبق عرضه في الأول من كانون الأول / ديسمبر الحالي على شبكة نتفليكس وتعرض لهجمة وحملة تحريض إسرائيلية شارك فيها كل من ليبرمان، وزير المالية، ووزير الثقافة والرياضة، حيلي تروبر، وشاركهم عضو الكنيست الفاشي، بن غفير والمصور الإعلامي شاي غليك وغيرهم العشرات من المسؤولين، والمنابر الإعلامية، وكان هدفا لحملة تصويت مغرضة ومعدة سلفا على موقع MDb للتقليل من أهميته ورسالته الجادة والأمينة في إماطة اللثام عن جزئية من تداعيات ومآسي النكبة الفلسطينية، والتي ما زالت دورة الدم تستبيح أبناء الشعب الفلسطيني من خلال حروبهم وجرائمهم وإرهابهم الدولاني المنظم حتى يوم الدنيا هذا، وإلى أن يزول الاستعمار وأدواته الفاشية عن الأرض الفلسطينية العربية.

جميع القتلة الإسرائيليين طالبوا منصة نتفليكس بعدم عرضه، بذريعة أنه "معاد للسامية"، ويشوه صورة "دولة إسرائيل الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، كذبوا الكذبة، هم وأسيادهم وصدقوها، باعتبارهم "دولة ديمقراطية"، كما نادوا  بقطع التمويل عن مسرح "السرايا" في يافا، عقابا له لعرضه الفيلم. وادعى أولئك القتلة الجدد، أن "الفيلم يشوه صورة الجيش الإسرائيلي." وزعموا أنه "يظهر جنود جيشهم، بأنهم قتلة

واعتبر وزير الأمن الداخلي في حكومة نتنياهو السادسة، بن غفير، أن الفيلم "تحريضي"، وطالب "بألا تمر إسرائيل بصمت على محاولة الفيلم تسويق ما وصفها بـ "مؤامرة الدم"، التي يتردد صداها ضد إسرائيل في جميع أنحاء العالم. وأما ذلك المصور غليك، فدعى نتفليكس لوقف بث الفيلم، بزعم أنه "يروج لمؤامرة دم كاذبة وسيئة وشريرة ضد إسرائيل"، محذرا من أنه مع أول بث للفيلم على الشبكة العالمية، فستتم ترجمته إلى "موجة ضخمة من معاداة السامية حول العالم، وستؤذي الكثير من اليهود".

ليس هذا فحسب وفق ما ادعى الإعلامي الكاذب، والشريك في جرائم الحرب، بل تابع مدعيا "سئمنا من إراقة الدماء، ولن ندير الخد الآخر بعد الآن". وناشد المنصة العالمية "العودة إلى رشدها، وألا تؤذي "الشعب اليهودي" والناجين من المحرقة"، وتناسى كليا المحرقة والجريمة الإرهابية المنظمة ضد الشعب الفلسطيني

ومن خلال رصد وقراءة ردود الفعل الإسرائيلية على الفيلم المبدع والمتميز بالموضوعية والمسؤولية في نقله لجانب محدود جدا من الماساة الفلسطينية، أرى ان هدفها يتمثل في، أولا تشويه رسالة الفيلم العادلة لا سيما وانه ينقل صورة حقيقية لما عاشته وشاهدته اللاجئة الفلسطينية رضية، واسمها في الفيلم فرحة، التي قلبت النكبة كل أحلامها وطموحاتها وآمالها، وألقت بها في متاهات اللجوء والتشرد؛ ثانيا خشية الإسرائيليين من كشف حقيقتهم أمام الرأي العالم العالمي، ولهذا جن جنونهم من مجرد عرض الفيلم على منصة نتفليكس العالمية؛ ثالثا اعتبارهم الفيلم "مؤامرة دم" وعرضه يؤذي اليهود الصهاينة، وشكلا من أشكال "معاداة السامية"، وهذا قلب للحقائق، وتزوير فاضح للوقائع والشواهد الحية، التي كتب عنها العديد من الإسرائيليين، الذين دونوا بعض الحقائق عن جرائم الدولة الإسرائيلية المارقة والخارجة على القانون، ومنهم، آلان بابيه، وفيليتسيا لانغر، وشاؤول أريئيلي، وعوفر كسيف، وسامي ميخائيل، وشلومو ساند، وجدعون ليفي؛ رابعا من سئم من الدم والكراهية والعنصرية، كما ادعى المصور شاي غليك، عليه أن يرحل، كما فعل آري شبيط ولانغر وغيرهم، لا أن يدافع عن جرائم الحرب الفاشية؛ خامسا قادة ونخب إسرائيل الفاشية يخشون التاريخ، ولا يرغبون بسماعه، ويسعون لفرض روايتهم المزورة والكاذبة، المتناقضة مع كل الشواهد في فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر، وكلما لامس إنسان بغض النظر عن جنسيته التاريخ وشواهده، وسمه أولئك الصهاينة بـ"معاداة السامية" التهمة الجاهزة والكاذبة، والتي لا أساس لها في الواقع، لأنهم في غالبيتهم من يهود الخزر، الذين لا يمتون للسامية بصلة، والساميون هم العرب وأهل الحبشة والسريان واليهود الذين عاشوا في أرض العرب، وبين ظهرانيهم.

ولا يسعني هنا، إلا أن أسجل تقديري للمخرجة دارين سلام، والمنتجتين ديمة عازر وآية جردانة وشركتهم المنتجة TaleBox ومقرها الأردن، ولكل من Laika Film&Television وChimney وصندوق الأردن لدعم الأفلام السينمائية ولكل من دافع عن الفيلم ورسالته القيمة والهامة.

[email protected]

 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024