الشهداء والأسرى.. ما بعد الخبر والتقرير والموقف!
نشر بتاريخ: 2022-12-01 الساعة: 12:10موفق مطر
نعتقد أن أخذ الشهداء والأسرى من الشعب الفلسطيني، أطفالا كانوا أو نساء أو شبابا أو رجالا، كقصص إنسانية، وطرحها بكل اللغات، وبثها عبر وسائل الاتصال والإعلام والتواصل، ستكون تأثيراتها المباشرة على الرأي العام الوطني والعربي والأجنبي، أجدى وأعمق وأوسع تأثيرا من البيانات والتصريحات ذات الصبغة السياسية، أو التعبوية الجماهيرية، فما يحدث على أرض فلسطين جريمة بحق الإنسانية بكل معنى الكلمة، الضحية هو الفلسطيني الإنسان، أما المنظومة الصهيونية الاستعمارية الاستيطانية العنصرية (إسرائيل) فهي المجرم، وما الجنود في جيشها المحشوة أدمغتهم بتعاليم وتعليمات سفك الدماء والقتل، أو المستوطنون الغزاة، إلا ريبورتات بشرية برتب وصنوف أسلحة متعددة (برية جوية، أمنية، بحرية)، صورة مطابقة لأصل الآلات المبرمجة، حتى وإن ظهروا في ميدان بصرنا كالبشر العاديين، وهذا واقع، لكنهم جردوا من سمات وطباع ومشاعر وانفعالات البشر العاديين بعد عمليات غسيل أدمغة، ودمج كريات النزعة العنصرية مع كريات دمائهم الحمراء والبيضاء على حد سواء، حتى فاقت نزعة هؤلاء للقتل، أشد فتكا مما نشاهده في الوثائقيات عن حياة المفترسات في البرية وتحديدا تلك التي تسارع لنهش لحم ومص دماء (الضحية) وهي واقفة وتتنفس وتصارع للنجاة من بين مخالب وأنياب (حزمة) أو (قطيع) من الوحوش.
إن الوفاء لشهداء الشعب الفلسطيني والأسرى يتطلب منا رؤية سياسية، ثقافية، فنية بعيدة المدى، وأفكارا خلاقة، يجسدها مبدعون في أعمال وثائقية، أو فنية في المجالات كافة، بما فيها الأغنية والنشيد، فالخبر والتقرير على أهميتهما ساعة أو يوم الحدث، إلا أنهما يضيعان في خضم موجات متتابعة من الأحداث، أما الأعمال الوثائقية والفنية، فإنها أجدى وأنفع على المدى البعيد، نظرا لقدرتها على خرق جدر محصنة رفعتها منظومة الاحتلال واستيطان العنصري، لمنع بصر وبصيرة العالم رؤية جرائمه بحق شعبنا، ومنعه من الانفعال ولو العاطفي تجاهنا نحن (الضحية) التي قد تكون طفلا، أو شابا يافعا بريئا، أو رب أسرة، وهنا ندرك عبء المهمة الملقاة على عاتقنا، وكيفية الوصول إلى قلوب وعقول الشعوب والمجتمعات في الدنيا وملامسة ضمائرها وأحاسيسها الإنسانية، وهذا لن يحدث إلا بلغة بصرية، عقلانية، موضوعية، تنتصر لمبدأ لا يختلف عليه عاقلان في أمة الإنسان، وهي قداسة روح الإنسان، وأرض وطنه، وحقه في الحياة إلى الأبد عليها بحرية وحرية وسيادة، وحقه في امتلاك آفاق بلا حدود يحقق فيها آماله وطموحاته، ورؤية ثمار نضاله من أجل السلام.
مشاهد القتل المقصود على أيدي إرهابيين، أو جماعات، أو تنظيمات مسلحة، أو جيوش رسمية، ونقصد هنا جيش الاحتلال الإسرائيلي بالذات، باتت حاضرة أكثر من أي مادة خبرية وتقريرية في وسائل الإعلام والاتصال، لكن يجب الانتباه حتى لا تطغى على صور المآسي والمعاناة الإنسانية السابقة للحدث، وكذلك تفاصيله اللحظية، وآثار ما بعد الجريمة (القتل) وتداعياتها، وإسقاط الضوء على الأسباب، والخلفيات والمرجعيات التي أردت بابن آدم إلى أسفل قائمة المخلوقات من حيث التوحش والارتداد إلى الهمجية، ونعتقد أن المادة الخام متوفرة أكثر من اللازم لدى منظومة الاحتلال الإسرائيلي، وليس علينا إلا تعرية منظومة الجريمة ضد الإنسانية، المسماة (إسرائيل) وإقناع العالم بخطرها ليس على الشعب الفلسطيني والسلام في منطقة الشرق الأوسط والعالم وحسب، بل على مبدأ الحق الطبيعي للإنسان بالحياة والحرية، وعلى مبدأ المساواة والعدل، ذلك لأن جذور الصهيونية العنصرية الدينية الدموية ما زالت حية وتكبر وتتوسع، وتنتج سموما ستفسد الأرض وما عليها من حضارة إذا تركت بغير حساب.
mat