الرئيسة/  مقالات وتحليلات

رسالة الشهداء

نشر بتاريخ: 2022-12-01 الساعة: 12:07

عمر حلمي الغول

 


شهد هذا العام أعلى نسبة قتل على يد جيش الموت الإسرائيلي منذ عام 2015، وأول أمس وحده ارتقى خمسة شهداء على يد جيش العصابات الاجرامية، ومن بينهم الشقيقان جواد وظافر الريماوي في ذات الصباح واللحظة، وقبلهم الشهيد مفيد اخليل، الذي لم يفعل شيئا، سوى انه كان يوثق جريمة الجيش الأكثر وحشية في العالم في بلدة بيت أمر في الخليل، وبعد ذلك ارتقى شهيدان منهم رائد النعسان.

جريمة حرب بشعة في أكثر من محافظة ومدينة، كأن القيادة العسكرية الإسرائيلية، أرادت أن تقول للعالم أجمع، ان حكومة لبيد الراحلة لا تقل وحشية وفاشية عن الحكومة القادمة، وتعول على إمكانية فشل زعيم المعارضة في تشكيل حكومته السادسة، بالتالي تقدم أوراق اعتمادها للشارع اليميني المتطرف، باعتبارها الأكثر جدارة في استباحة الدم الفلسطيني، وتحقق أهداف غلاة الفاشية دون استعداء العالم، ليس هذا فحسب، بل انها تكسب دعمه وتأييده، وخاصة تأييد إدارة جو بايدن. أضف الى انها (قيادة الجيش والمؤسسة الأمنية) تهيئ قواتها من مختلف الوحدات القتالية لمرحلة الحكومة الفاشية القادمة، حكومة نتنياهو المقبلة، إن تمكن من تجاوز العقبات والصعوبات مع اقرانه من قوى اليمين الفاشي والحريدي المتطرف.

ليست المرة الأولى التي ترتكب عصابات الجيش هكذا جريمة حرب، بالأمس القريب ارتقى ستة شهداء في نابلس جبل النار، وحدث ولا حرج عن شهداء جنين والخليل وبيت لحم ورام الله وطولكرم وقلقيلية وطوباس وسلفيت. ولكنها هدفت في جريمتها الجديدة الى فتح أبواب الجحيم والحرب على الشعب الفلسطيني، ومضاعفة كي الوعي، ومحاولة قتل روح الدفاع عن الأهداف والحقوق والمصالح الوطنية في أوساط الشعب، وكما قال اركان وزارة الجيش، ووزارة الداخلية والامن الداخلي بما فيها قائد الشرطة، وقادة أجهزة الموساد والشاباك: ان الفلسطيني الجيد، هو "الفلسطيني العربي الميت"، ولا خيار امام الشعب والقيادة الفلسطينية سوى الاستسلام لمشيئة دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، والقبول بفتات التحسينات الاقتصادية، والرضوخ لمخططات البناء الاستيطاني الاستعماري في القدس العاصمة الفلسطينية الابدية، وفي كل زاوية وخربة وقرية ومدينة، ورفع الراية البيضاء امام وحشية الحرب المفتوحة.

وكأني بالصهاينة من مختلف الفرق والمدارس لم يتعلموا من دروس التاريخ، التجربة المعاشة على مدار ما يزيد عن القرن، وليس على امتداد الـ75 عاما الماضية من وجود ونشوء الدولة الإسرائيلية اللاشرعية، بان الشعب الفلسطيني لن يرفع راية الاستسلام، وسيدافع عن حقوقه وثوابته الوطنية وفق قرارات الشرعية الدولية مهما كانت التضحيات الجسام، التي قدمها، وسيقدمها، وسيعلم أبناءه حب الحياة والعلم والتجذر في الأرض، أرض الوطن الأم، والدفاع عن الرواية الوطنية، وقيم الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، وسيعلمهم كيفية الدفاع عن الذات بالحجر والقلم وبكل أسلحة البقاء لحماية الحقوق التاريخية والموروث الحضاري للشعب.

رسالة الشهداء للجيل الحاضر، واجيال المستقبل من أبناء فلسطين من الجنسين، دافعوا عن حياض الوطن، ولا تركنوا لاملاءات ومخططات دولة الأعداء، ولا لبطش فاشيتهم، ولا تذعنوا لجرائم حربهم، قاتلوا بما ملكت ايمانكم، ووحدوا صفوفكم، وتراصوا جنبا الى جنب، واطردوا واسقطوا الانقسام من بين صفوفكم، واطووا صفحة الانقلاب في محافظات الجنوب، ونفذوا اعلان الجزائر، واتفاقات القاهرة، وصونوا منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد، وعززوا الشراكة السياسية، ولا تتركوا بابا من اجل ترميم الجسور لبناء الوحدة الوطنية، اطرقوا كل الأبواب، وافتحوا النوافذ المغلقة او المواربة، حماية لذاتكم، ولشعبكم وتاريخكم وهويتكم الوطنية والقومية والإنسانية.

فلسطين تستحق كل التضحيات من أجل تحريرها، وعودة لاجئيها الى ديارهم، ولتأمين المساواة الكاملة داخل الخط الأخضر، وقهر العنصرية وقوانينها، وارفعوا عاليا راية السلام المقرون بالمقاومة الشعبية والسياسية والديبلوماسية، ووسعوا تحالفاتكم مع اشقائكم وأصدقائكم في الإقليم والعالم ككل، حتى ينتصر العالم كله لكم، ويقر بحقوقكم واستقلالكم الناجز في دولتكم على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

واستعدوا لمواجهة موجات جديدة من حروب الهولاكونيين والكهانيين الفاشيين عبر تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي، ولا تترددوا في ترجمتها على الأرض، وارفعوا الكرت الأحمر في وجه كل مؤيدي الدولة الخارجة على القانون والمارقة، دولة الموت والجريمة والإرهاب الدولاني المنظم الاسرائيلية، لان التاريخ لا يرحم، ولن يرحم شعبا يقبل بالاستسلام والهزيمة، والشعب الفلسطيني، ليس كذلك، ولن يكون يوما شعبا من النعاج، لا بل شعبا من الأسود الابطال، حملة راية الثورة والحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة. ورحم الله كل الشهداء شهيدا شهيدا.

[email protected]

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024