الرئيسة/  مقالات وتحليلات

"أونروا" الأمم المتحدة .. الشاهد القانوني الدولي

نشر بتاريخ: 2022-11-13 الساعة: 11:39

 موفق مطر

 


قرار لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة) للجمعية العامة للأمم المتحدة بتمديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" حتى 30 حزيران/ يونيو 2026، دون إخلال بأحكام الفقرة 11 من قرار الجمعية العامة 194 (د-3)، بأغلبية عالية..أتى كثمرة نضال سياسي في هذه اللحظات الفاصلة من كفاح الشعب الفلسطيني لانتزاع الحق التاريخي والطبيعي في أرض وطنه فلسطين، ورغم مؤامرة بخطة محكمة تنفذها منظومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني العنصرية (إسرائيل) لتغييب الشاهد الملك على الجريمة التاريخية التي ارتكبتها الدول الاستعمارية عبر أداتها المنظمة الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، وتهجير وتشريد حوالي مليون مواطن من أرض وطنهم صاروا الآن وبعد 74 عاما من النكبة حوالي سبعة ملايين لاجئ في بقاع الدول العربية المجاورة وفي بلاد تفصلها عن فلسطين بحار وقارات ومحيطات.

إن إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتمديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" لأربع سنوات قادمة، يعني بالنسبة لنا محاولة من المجتمع الدولي، ومركز الشرعية الدولية لإعادة الاعتبار للقرار 194 لسنة 1948 الخاص بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم وأراضيهم التي أجبروا على الهجرة منها تحت تهديد سلاح ومجازر منظومة الإرهاب والاحتلال إسرائيل الدموية، ويحق لنا اعتبار القرار تجسيدا عمليا للخطاب السياسي للقيادة الفلسطيني، وإصرارها على اقترانه بإنجازات فعلية ملموسة في محافل الشرعية الدولية السياسية والقانونية، وبذلك يمكن إبعاد تركيز رئيس دولة فلسطين وقائد حركة تحرر الشعب الفلسطيني أبو مازن على القرار الأممي 194 الخاص باللاجئين وكذلك القرار 181 في الخطابين الأخيرين على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر الماضي، وفي مؤتمر القمة العربية في الجزائر قبل أسابيع.. ما يعني تمسك القيادة السياسية بالثوابت الوطنية وفي مقدمتها حل قضية اللاجئين على أساس قرارات الشرعية الدولية وأولها القرار 194، ولمنع دولة الاحتلال إسرائيل من تحقيق أهدافها وأولها إنكار مسؤوليتها عن اقتلاع حوالي مليون مواطن من الشعب الفلسطيني وتهجيرهم من أرض وطنهم التاريخي فلسطين..إلى جانب منع أي إدارة أميركية تحاول تبرئتها من هذه الجريمة كما فعلت إدارة الرئيس دونالد ترامب عندما جمدت الدعم المالي لـ"الأونروا" في سياق خطة لتبديد أصول الحق الفلسطيني، ونسف قضية اللاجئين وحقوقهم غير القابلة للتصرف لإدراكهم أنها أهم ركيزة في القضية الفلسطينية، ولظنهم أن الشعب الفلسطيني سيخسر في معركته القانونية في المحافل الدولية إذا أسقط هذا الملف عبر تجفيف موارد "الأونروا" المالية، لكن قرار اللجنة الرابعة أعاد تأكيد مسؤولية المجتمع الدولي القانونية والأخلاقية، في حل قضية اللاجئين الفلسطينيين، والاستمرار في تقديم الدعم المالي للوكالة لتمكينها من تقديم خدماتها حسب القرار الأممي 302 الصادر عن الجمعية العامة في الدورة الرابعة بتاريخ 8 كانون الأول 1949.

وبهذه المناسبة يجب تذكر المادتين 10 و11 من القرار 194 سنة 1948 والتركيز عليهما، حيث نراهما جوهر القرار – رغم الإجحاف الذي كرسته الدول الاستعمارية المهيمنة على الأمم المتحدة آنذاك - ومهمين جدا، لأن القرار لا يقتصر على حلول مالية لمشكلة اللاجئين كما يتم اختزاله حاليا بقصد أو عن جهل، وإنما عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وحقهم في التنقل والوصول إلى أي مكان في أرض وطنهم الأم (فلسطين المحتلة) فقد ورد في المادتين 10 و11 من القرار 194 سنة 1948 التالي: "المادة 10- تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بالعمل لإيجاد ترتيبات بين الحكومة والسلطات المعنية، من شأنها تسهيل نمو المنطقة الاقتصادية، بما في ذلك عقد اتفاقات بشأن الوصول إلى المرافئ والمطارات، واستعمال وسائل النقل والمواصلات. وللتذكير فإن لجنة التوفيق تم إقرار تشكيلها ومهماتها في مقدمة القرار 194، وكذلك: "المادة11- تقرر وجوب السماح بالعودة- في أقرب وقت ممكن- للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون الدولي والإنصاف أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات والسلطات المسؤولة".

وتصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بتسهيل إعادة اللاجئين وتوطينهم من جديد، وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك دفع التعويضات، وبالمحافظة على الاتصال الوثيق بمدير إغاثة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، ومن خلاله بالهيئات والوكالات المتخصصة بالمناسبة في منظمة الأمم المتحدة.

ستبقى "الأونروا" شاهدا دوليا شرعيا عالميا رئيسا على جريمة المنظمة الصهيونية والدول الاستعمارية بحق الشعب الفلسطيني، وأهمية هذا الشاهد أنه وليد الشرعية الدولية (الجمعية العامة للأمم المتحدة) التي ما زالت تعتبر (إسرائيل) دولة ناقصة، لامتناعها عن الالتزام بشروط عضويتها، وأولها تطبيق قرارات الأمم المتحدة ومنها القرار 194 والإقرار بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى أرضهم وديارهم.

 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024