الرئيسة/  مقالات وتحليلات

"مؤتمر" لتبديل الشعب الفلسطيني؟

نشر بتاريخ: 2022-11-08 الساعة: 13:08

 

 موفق مطر


من يعتقد أن بوسعه شراء وطن، لا تردعه الأخلاق عن التورط لطرحه في بورصة الدول الاستعمارية للمرابحه كمكاسب الأسهم التجارية، وبيعه أيضا، ومن انخرط أو سينخرط أو دخل أو سيدخل إلى مختبرات الدول والأنظمة الموضوعة تحت إشراف استخبارات منظومة الاحتلال الاستيطاني العنصري إسرائيل، للخروج بتركيبة كيميائية تؤكسد إرادة الشعب الفلسطيني، وهويته الوطنية السياسية، وتفتت فكرة الوطن المعنوي (م.ت.ف )، وتفكك قواعد وركائز المشروع الوطني، وبالمقابل تمنح الصهيونية بريقا رغم فساد معدنها أصلا، لا يختلف عمن سقط في دائرة إغراءات المنظمة الصهيونية المادية والدعائية، فانسلخ عن موطنه الأصلي طمعا بمكاسب مادية وسلطوية وهو على يقين أن مقولة :" الوطن الممنوح من بلفور والأرض الموعودة "خرافة ركبت عناصرها  بعناية في مختبرات دول استعمارية ، وأنه ليس عليه إلا الخضوع والعمل كخادم حتى لو دفع حياته ثمنا.

تتسارع حركة لا يجوز التقليل من مخاطرها، حتى وإن كنا على يقين أن مؤامرات قادتها دول استعمارية اقليمية وأنظمة عربية قد تحطمت بفضل ارادة الشعب الفلسطيني و وعيه الوطني وإيمانه  بمبادئ وأهداف وطنه المعنوي (منظمة التحرير الفلسطينية) الممثل الشرعي والوحيد باعتبارها روح حركة تحرره الوطنية التي قامت من قلب فلسطين الجغرافيا، من العاصمة القدس (1964)، بعد سبعة عشر عاما من النكبة (1948)، حيث عادت لتبعث الحياة في طموحات وآمال وأهداف الشعب الذي فجر ثورات متتابعة منذ وعد بلفور 1917 من أجل الحفاظ على أرض وطنه، ومن أجل انتزاع الحقوق المسلوبة، ومن أجل إنجاز الحرية والاستقلال، فمن تحت رماد وجمر النكبة والمعاناة والتشرد واللجوء نهضت إرادة الشعب الفلسطيني،  وكان أول مؤتمر وطني فلسطيني برئاسة الفلسطيني الوطني أحمد الشقيري الذي كان قد عاد إلى الجامعة العربية ممثلا عن الشعب الفلسطيني المتسلح بقراره الوطني المستقل،  وفخره واعتزازه بهويته العربية الإنسانية، وإيمانه بقدراته اللامحدودة  في طليعة الأمة العربية والأحرار في العالم كأسس صلبة لقرار الكفاح والنضال لتحرير فلسطين.

 فالشقيري الذي أرادته أنظمة رسمية عربية ممثلا لهم عند الشعب الفلسطيني، عاد إليهم ممثلا عن إرادة الشعب الفلسطيني بعد استطلاع إرادته وعزمه على إطلاق الثورة، التي كانت شرارتها في الليلة الفاصلة بين 1964 و1965، حيث نزلت أول عملية فدائية لحركة لتحرير الوطني الفلسطيني فتح  كالصاعقة على رؤوس المنظمة الصهيونية وسادتهم في الدول الاستعمارية الكبرى، لظنهم أن النكبة كانت ضربة قاتلة، لن تقيم للشعب الفلسطيني قائمة.

اليوم وبعد 58 عاما على تبلور الوطن المعنوي، ومع نضال قانوني ودبلوماسي في المحافل الدولية، لانتزاع ما أمكن من أرض وطننا الحقيقي المادي الواقعي (فلسطين) لقيام دولة فلسطينية، تخرج علينا دعوات، لعقد ما يسمى "مؤتمرات شعبية " كبديل عن المجلس الوطني الفلسطيني، مغلفة بسوليفان مصطلحات سياسية تبدو لناظرها مثيرة، لكنها تخفي لغما سينفجر بالشعب الفلسطيني، في لحظة مصيرية وفارقة في مسيرة كفاحه ونضاله  لانتزاع المزيد من حقوقه الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف، ومنها حقنا في قيام دولة وفق قرارات الشرعية الدولية ومنها 181 سنة 1947 وحق اللاجئين بالعودة حسب القرار الدولي 194 لسنة 1948...فقصد منظومة الاحتلال الصهيوني لا يتوقف عند منع الشعب الفلسطيني من قيام دولة فلسطينية تثبت وجوده وحسب، بل القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، أي توجيه الضربة القاتلة لإرادته الوطنية وممثله الشرعي والوحيد عبر إيجاد بدائل خاضعة، مدفوعة برغبة جامحة للاستيلاء على السلطة بأي ثمن.

أخيرا نقول : إن قضية اللاجئين هي لب الحق الفلسطيني، ومنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها ستبقى الضامن لانتزاع حقوقهم حتى لو حققنا هدف دولة فلسطينية مستقلة، فالمنظمة ستبقى، وأبوابها مشرعة لكل فلسطيني مصمم على العمل بصدق وإخلاص لتحرير فلسطين في أطرها التنظيمية، فكل فرد من الشعب عضو في المنظمة، ما يعني أنها فعلا وطن معنوي له شعب يحميه ويذود عنه ولن يسمح للمؤامرة وسيقصف عمرها لأنها لن تكون أقوى من مؤامرة بلفور الثاني دونالد ترامب، فلا يفكرن أحد من هؤلاء بصنع بديل لأنهم بحاجة أولا لتبديل الشعب الفلسطيني وهذا مستحيل.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024