الرئيسة/  مقالات وتحليلات

احذروا الأخطر على حركة التحرر الوطنية الفلسطينية!!

نشر بتاريخ: 2022-11-06 الساعة: 12:15

 موفق مطر

 


لا يمكننا اعتبار ما يحدث مساندة ولا واجبا وطنيا، وإنما محاولة جديدة قديمة لسرقة وتجيير العمل النضالي الوطني الفلسطيني لصالح جماعة مستخدمي الإسلام لأغراض سياسية سلطوية. فمظاهرات فرع الاخوان المسلمين في فلسطين المسمى حماس في غزة، وما يسمى الحركة الإسلامية في عمان التي أطلقت إثر صلاة الجمعة أمس الأول، حملت شعارات ورددت فيها هتافات، خطيرة للغاية، وهي بمثابة سهم مسموم في ظهر حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وأقل معنى وتفسير لها لا يخرج عن عملية تقسيم الوطن إلى أقاليم: غزة، الضفة، القدس مناطق الـ48، وتجزئة الحالة النضالية الوطنية الشاملة العامة للشعب الفلسطيني والتعامل مع كل حالة حسب مصالح الجماعة ومكاسبها السياسية، مدى تكريس التفاهمات الأمنية مع منظومة الاحتلال الاستيطاني العنصري الإسرائيلية، وما التركيز على أسماء شهداء بصفة محددة، وإبرازها كقيادات ميدانية تابعة إلا محاولة دعائية لكسب عواطف ومشاعر الجمهور، للتمويه على مخطط خطير للغاية، هدفه اصطناع شرخ بين القيادة الوطنية الفلسطينية الشرعية، وجماهير الشعب الفلسطيني من ناحية، والإيحاء للجماهير بأن هذه الجماعات تقود ما أسمته في شعاراتها "الفعل الثوري" وأن ما يحدث في مدن وقرى الضفة الفلسطينية، أتى كرد فعل ارتدادي، أو امتداد لنار أشعلوها في غزة، وكأن شعبنا في كل مكان من أرض فلسطين التاريخية والطبيعية: في الجليل والنقب والساحل، وفي الضفة الفلسطينية وفي مقدمتها القدس، كان في جنات النعيم!!

لا يفرق المناضل الوطني بين فلسطيني وآخر، ولا مدينة أو قرية وأخرى، ولا بين شهيد وشهيد مادامت روحه قد ارتقت في مواجهة مع المحتلين الغزاة، أما حماس التي نعتقد أنها لن تخرج عن فئويتها وعصبويتها المدمرة لنسيج المجتمع والشعب الفلسطيني، فما زالت تتبع التمييز– وهو بالمناسبة أخطر من تمييز منظومة الاحتلال الإسرائيلي العنصري، ونعتقد أن حماس ومن يتبعها ومن يجاريها في استخدام الدين لأهداف سلطوية سياسية، لن تتحول إلى جزء من حركة التحرر الوطنية، لأن رؤوسها إن فعلوا ذلك فسيكتبون وثيقة وجودهم السياسي بأيديهم، قبل انتهاء صلاحية جماعة الاخوان المسلمين التي بدأت أخبارها تتسرب للعلن، إثر الصراع بين مؤسسيها في العاصمة البريطانية لندن، وبين لاعب جديد استخدمها ومازال يخطط لاستخدامها في توسيع نفوذه في أقطار عربية حتى ولو على حساب علاقات مع دول عربية كبرى كمصر، كانت قد قطعت للأبد مع الجماعة واعتبرتها تنظيما إرهابيا.

المؤلم أيضا وجود رديف لحماس يعمل في ذات الاتجاه، فرغم إطلاق زياد النخالة رأس الجهاد الإسلامي شعار وحدة الساحات، إلا أن جماعته الصاروخيين في غزة، غفلوا عن كل الجرائم التي ارتكبت بحق نابلس وجنين والخليل والقدس والأقصى ورام الله، لكنهم سرعان ما أطلقوا صاروخين قبل بضعة أيام إثر استشهاد مطارد تابع للجهاد، ما يعني حرفيا سقوط شعار وحدة الساحات، شعار فقد مقومات شموليته الوطنية وبقي محصورا في صيغته الفئوية.. تماما كما تفعل حماس، بتبني هذا الشهيد أو ذاك، ومقصدها بذلك الايحاء للجمهور الفلسطيني أنها تقود ما وصفتها في دعايتها الإعلامية وبياناتها وخطابات رؤوسها ومشايخهم "الحالة الثورية" في الضفة ضد الاحتلال.

يعلم رؤوس حماس أن ثورات الشعب الفلسطيني لم تهدأ منذ أكثر من مئة عام، حتى وإن بدا الخط البياني لوتيرة كل منها وفعلها المؤثر ما بين ارتفاع وانخفاض، ومنها الثورة الفلسطينية المعاصرة منذ أكثر من 57 عاما، التي استطاعت تقديم كفاح الشعب الفلسطيني من أجل الحرية وتحرير أرض الوطن فلسطين باعتبارها حركة التحرير الوطنية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد، أما اتجاه رؤوس حماس للإيحاء بأن المواجهة بين الشعب الفلسطيني مع جيش ومستوطني منظومة الاحتلال في القدس والضفة جاءت تلبية لنداءاتهم، فهذا أخطر من دعاية منظومة الاحتلال التي تسعى لتعميم وصف (الذئاب المنفردة) ما يعني محاولة لنكران وجود قواعد شعبية وطنية للمواجهة، وقطع سلسلة تاريخ الكفاح الوطني الفلسطيني الشعبي والمنظم على حد سواء، الميداني والسياسي والدبلوماسي والقانوني في المحافل الدولية، وبأشكاله العديدة على رأسها المقاومة الشعبية السلمية، فالمنظومة تصور وتقدم ما يحدث على أنه مجرد ردة فعل مسلح من شاب يتصرف دون غطاء تنظيمي أو فصائلي، أو بمعنى أصح دون منطلقات وأهداف، وبمعنى أدق أن العمل ضد الاحتلال اليوم ليس ذا صلة بحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وهذا ما تسعى منظومة الاحتلال لتكريسه في وعي الجمهور الفلسطيني، ليسهل عليها بعد ذلك تبرير جرائم جيشها وقواتها الأمنية، ووسم أي عمل فلسطيني ضد الاحتلال بالإرهاب.

ما يحدث مؤشر خطير، وقد لا نبالغ إذا قلنا إن رؤوس حماس معنيون بإضعاف الروح والمبادئ الوطنية، وتبديد وحدتنا وهويتنا الوطنية، لذا يعمل رؤوسها بكل قدراتهم لتعميم ونشر الفئوية وتمريرها بشعارات وهتافات ومصطلحات فئوية مغلفة بدينية، سيحصد ثمارها المحتلون المستوطنون العنصريون حتما.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024