القدس. وليس انسداد الآفاق!
نشر بتاريخ: 2022-11-01 الساعة: 12:20موفق مطر
نعتقد بوجوب تركيز الخطاب السياسي والإعلامي النابعين من الثقافي على القدس، باعتبارها نقطة انطلاق استنهاض الوعي الوطني، والعمل النضالي للشعب الفلسطيني في الدائرة الأولى، وأن كل الارتدادات الجماهيرية الشعبية العملية على مساحة جغرافية فلسطين التاريخية والطبيعية مركزها القدس، فأحدث حالة للنهوض الوطني الفلسطيني المتميزة بانتشار إشعاعها على كامل تراب وطن الشعب الفلسطيني، ابتدأت في الثامن عشر من أيار العام الماضي 2021 وما زالت مستمرة حتى اليوم بأشكال ووسائل تعبير متعددة .. فالنضال الوطني الفلسطيني لتحرير القدس بوجهيها السياسي والروحي، ضمن مسيرتنا الكفاحية لانتزاع الحق الفلسطيني، ليس رد فعل على انسداد آفاق الحلول السياسية كما يذهب بعض الساسة والمحللين والإعلاميين لتكريسه في وعي الجمهور الفلسطيني، وإنما برنامج عمل وطني لا حجة لفلسطيني مهما كانت مرجعيته السياسية في أن يتخلف عن الانخراط فيه وتحمل مسؤولية ما لتحقيق أهدافه، فالشعب الفلسطيني قد تختلف قواه السياسية الذي تمثله في هيكلية منظمة التحرير الفلسطينية وخارجها على قضايا عدة إلا أن القدس كانت وما زالت نقطة اللقاء الوطني، حتى مع وجود بعض وجهات النظر حول المصطلحات المستخدمة، فالمقدسيون والمؤسسات الفلسطينية التعليمية والصحية والاقتصادية والثقافية والسياسية يجب اعتبارها العمود الفقري لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وأن عملية إسقاط المشروع الصهيوني الاستيطاني العنصري تبدأ من القدس، ذلك أن تحقيق الهدف من صمود المقدسيين مرتبط مباشرة بوجود مؤسسات وطنية فلسطينية، عاملة على تعزيز صمودهم، وقدرتهم على الاستمرار بمواجهة ما ينفذ من مخططات التهويد والاستيطان والتهجير، وقيود سلطات الاحتلال والقوانين العنصرية المطبقة مع ضغوط اقتصادية، وتضييق الخناق على مؤسساتهم التعليمية والصحية والسياسية طبعا.
نعتقد هنا بألا يتم ربط عملية نهوض الوعي الوطني الفلسطيني، والصور الكثيرة التي نشهدها يوميا بانسداد آفاق الحلول على أساس قرارات الشرعية الدولية، وكأن الاحتلال العسكري الدموي، وتهويد القدس، وتركيز توسيع الاستيطان على أراضيها، والقرارات والقوانين العنصرية، والتهجير القسري وهمجية المستوطنين ليست العوامل الرئيسة الباعثة على هذا النهوض، فالقدس في الوعي الوطني الفلسطيني هي العاصمة السياسية لفلسطين، والعاصمة الروحية لهم وللمؤمنين في العالم وكذلك الشعوب المحبة للسلام، والنضال من أجل إبقائها كذلك، ليس مرتبطا بانسداد أو انفتاح الآفاق، وبرهاننا على ذلك أن منظومة الاحتلال الإسرائيلي دمرت آلاف البيوت بالأسلحة الحربية أو بالجرافات، ودكت أحياء كبيرة بكاملها وجعلتها ركاما كما فعلت في غزة ونابلس وجنين، وأنشأت مستوطنات كثيرة في الضفة الفلسطينية، لكن محاولة المنظومة العنصرية الاستيلاء على بيت عائلة الكرد في حي الشيخ جراح وتسليمه للمستوطنين في قلب القدس التاريخية قد أشعلت ثورة شملت كل فلسطين، وهذا ما حدث عندما دمرت مساجد وكنائس كثيرة وأزالتها عن الوجود، لكن في كل مرة مست المسجد الأقصى وكنيسة القيامة أثارت هبات شعبية، وارتفع منسوب الوعي الوطني، وإحساس الشعب الفلسطيني بالخطر على وجوده، لذا فإن المنظومة الصهيونية لن توفر جهدا لتشتيت بصرنا وبصيرتنا عن القدس، ذلك أن استكمال سيطرتها على القدس وتهويدها يعني تجريدنا – نحن الشعب الفلسطيني - من روح وجوهر مقوماتنا الثقافية، ويجب ألا ننسى أن المنظمة الصهيونية أنكرت وجودنا كشعب على أرض وطننا فلسطين، وتعاملت معنا كسكان من أصل عربي لا أكثر!.
mat