لا نرى العملاء.. لكن الأخطر منهم ما زالوا بيننا!
نشر بتاريخ: 2022-10-25 الساعة: 13:28موفق مطر
نعتقد أن التخريب الأشد تأثيرا على جبهتنا الداخلية، يأتينا من قوتين مُشَكَلَتين بدقة، ومسلحتين بخبرات، الأولى سرية، جند ويجند فيها جواسيس وعملاء لصالح منظومة الاحتلال والاستيطان العنصري ( إسرائيل) بعد إسقاطهم في شراك الإغراء المادي أو الجنسي، أما القوة الأخرى، فهم أشخاص مسلحون بخبرة في استغلال اللحظة للانقضاض على مراكز القرار، وكفاءة في استخدام الكلام وقواعده بصوت إذاعي في عمليات تنويم مغناطيسي لشرائح جماهيرية، وتوجيهها بما يخدم مصالحها ورغباتها السلطوية، جهويون فئويون، قدر لهم أن يكونوا شخصيات مهمة تحت أجنحة رموز وقيادات وطنية، أو بمراتب في السلطة الوطنية الفلسطينية كوزير في حكومتها ونائب في المجلس التشريعي وسفير أيضا، وفي لحظة ما يجردون أنفسهم من المسؤولية، فيتخذون من شريعة حرية الرأي والإعلام والصحافة ملعبا وميدانا يصولون ويجولون فيه، يحاولون محاسبة السلطة أو تسجيل سيئات هنا أو هناك في أسوأ مشهد تمثيلي لدور الملائكة الأطهار، وكأن الجماهير غافلة عن فسادهم، ومناوراتهم القذرة، واستثماراتهم في الحالة الفلسطينية والحق الفلسطيني -(القضية الفلسطينية) – فهؤلاء يرتدون بمقدار مئة وثمانين درجة، كلما دخلنا منعطفا لدرجة أن المرء لا يصدق أن هذا الذي كان مواليا حتى النخاع، مفسرا مبررا أو ناطقا، قد حوَّل لسانه أو قلمه الى منشار، لقص العظام والتلذذ بالتهام نخاعها!.
الجاسوس أو العميل كخطر جسيم على مصالح ومقدرات وانجازات الشعب يمكن اجتثاثه بفضل يقظة أجهزة الأمن، ونصوص وعدالة القانون، أما هؤلاء فخطرهم أعظم وأشد وأوسع، ذلك أنهم قد اكتسبوا أو مُنِحوا مناعة في بدايات الثورة، بحكم مسؤوليات ومهمات كلفوا بها، وتدرجوا في مواقع تنظيمية وسياسية بحكم صلتهم بأصحاب القرار، بعد نجاحهم في اعقد عملية خداع، عبر إخفاء رغباتهم الشخصية الحقيقية، وإظهار ما يجب توفره في شخصية المناضل في مرحلة البدايات، لينكشفوا عند أول امتحان في السباق نحو مراكز ومواقع السلطة على أرض فلسطين، بعد صراعات خفية، وتحشيد لمرضى بداء الجهوية الفئوية، واصطفاف حتى مع شياطين الانس للاستحواذ على مراكز القرار قبل انشائها! وليس هذا وحسب، بل إنهم سبقوا كل المخلوقات البرية والبحرية بقدرة تلوين الجلود، والتمويه، حتى تمكنوا من افتراس مبادئ نقية طاهرة كرسها بالعمل أشخاص مخلصون صادقون أوفياء، وزادوا ببث أخبارهم في بحر الصحافة والإعلام، حتى باتت مستنقعا لبث سمومهم القاتلة للوعي الوطني ولكن ببطء!
لا نرى العملاء والجواسيس إلا بعد القبض عليهم في المحاكم، لكن الآخرين ما زالوا بيننا، يدلقون أحقادهم كزيت محروق على الشارع، يسعون اليوم لاقتلاع السلطة الوطنية، وإحراق إنجازاتها، ببث التشكيك بجدواها وبرنامجها وأدائها، وتبديد معناها لدى المواطن، حتى أن أحدهم لا يتوانى اليوم وهو خارج إطاراتها عن وصفها بالموظف لدى منظومة الاحتلال والاستيطان (اسرائيل) مخادعا الجمهور الذي ما زال يعلم أنه كان وزيرا لمرتين في اختصاصين، ونائبا في تشريعي السلطة ذاتها التي يحط من قدرها اليوم بعد سحب بساط النفوذ والتحكم من تحت قدميه، وبعد أن طاح ومعه جماعته الفئوية !..لذا تراه يسقط في ذات حقل ألغام الكلمة المنطوقة والمكتوبة التي استعملها لتأمين ذاته وجماعته في مؤسسات السلطة الوطنية التي يصورها اليوم وكأنها (شخص) وليست إرادة شعبية وطنية، ولا مرحلة نضالية، على درب الكفاح الوطني وتحقيق الأهداف الاستراتيجية، كما كان ينطق عندما كان وزيرا أو نائبا في سلطاتها، وهكذا وبكل بساطة وضع نفسه بمكانة (شيخ المشايخ) يمنح السلطة الفلسطينية عباءة الوطنية، أو يخلعها!.
لا بد من كشف هؤلاء اليوم قبل الغد، ومصارحة الجماهير والتحذير من خطرهم الداهم على المشروع الوطني بالحجة والبينة. وفق القانون، فنحن لا نحتمل حصان طروادة داخل قلعتنا المحاصرة من جيوش منظومة الاحتلال الاسرائيلي والمخترقة في بعض جوانبها بعملاء وجواسيس.
mat