الرئيسة/  مقالات وتحليلات

هل من انتفاضة قادمة؟

نشر بتاريخ: 2022-10-09 الساعة: 21:21

بقلم: بكر أبوبكر


الوضع الخطير الحاصل في فلسطين اليوم من الاقتحامات والمداهمات المسعورة لقوات الاحتلال ، التي تنتهي بالقتل دومًا، ومن هتك أستار جميع القرى والبلدات والمدن بلا أي اعتبار لأي قيم إنسانية أو لاتفاق أو جزء منه، هو وضع مرشح للانزلاق نحو اقتحام وعدوان كاملين لكثير من المواقع والمدن والقرى فيما يشبه الحرب المفضية لانتفاضة تطلّ برأسها ضد المستعمِر الذي يأبى أن يتعلم.
إن العجز الاسرائيلي عن وقف المقاومة الفلسطينية سواء بشكلها السلمي الجماهيري المتواصل، او بشكلها العنفي المتصاعد ردّا على الاقتحامات، بدأت بسببه بعض الأوساط الإسرائيلية تدرك عدم إمكانية السيطرة على الفلسطينيين صلبي الرؤوس، رغم الدعم الشرس الذي تقدمه للمليشيات الإرهابية للمستوطنين المكلفين القيام بأعباء الجيش في كثير من المفاصل.
حاولت القيادة السياسية الاسرائيلية وجيش الاحتلال،أن تطلق يد عصابات المستعمرين/المستوطنين لقتل وإراقة الدماء وسرقة الزيتون وسرقة الأراضي والتنكيل بالفلسطينيين عامة، ولكن فشل هذه المليشيات الإرهابية (طالب الرئيس أبومازن بالأمم المتحدة باعتبارها مليشيات إرهابية)، قد ازعج الجيش الذي بدأ يتخطى التفويض المقدم لها ويقوم بالاعتداء والعدوان المباشرين.
إن الفشل الذريع لثلاثي عصابات المستعمِرين المدعومين من الجيش وحاخامات التحريض العنصري في كسر العزيمة الفلسطينية والإرادة الصلبة ومقومات الثبات ،قد أدى لتطور شكلين من المقاومة الفلسطينية، الأول تجلى في تكاثر بؤر المقاومة الشعبية السلمية الفلسطينية وتواصلها من جهة، وحرّض من جهة أخرى الخلايا الفدائية أن تواجه هؤلاء المستعمرين بالقوة، وأن تواجه الداعمين الرئيسيين لهم أي الجيشالاسرائيلي، ما أفزعه منها.
تدرس القوات الاسرائيلية الغازية اليوم، أن تستخدم مزيدًا من القوة ضد الفلسطينيين، وكأنها لم تتعلم من كل أشكال المقاومة بما فيها مجموع الانتفاضات والهبات المختلفة في فلسطين بطولها وعرضها؟
هذه القوات لاتريد أن تتعلم من حجم الهبّات الشعبية سواء في القدس أو الضفة أو غزة أو الداخل التي لا تتوقف ومرشحة للمزيد، بل هي لا تريد أن تسمع أن هناك شعبا متربصا يقف على أصابع قدميه ينتظر الفرصة لإطلاق النار فرِحًا باعلان استقلال دولة فلسطين القائمة بالحق الطبيعي والتاريخي والقانوني تحت لاحتلال.
إن المداهمات المتكاثرة والعدوانات التي لاتتوقف من القوات الاسرائيلية في الخليل وبيت لحم الى رام الله وصولا الى نابلس وجنين، وعلى قطاع غزة الصامد أبدًا برًا وبحرًا وجوًا، هي قفزات في الهواء، فلا حلّ سيتم بالقوة الداهمة مطلقًا.
هل سيقبل الفلسطينيون أن يستفتحوا كل يوم من أيامهم الكئيبة تحت ظل الاحتلال البغيض بشهيد أو أكثر من الرجال والنساء والاطفال في تكاثر لم يسبق له مثيل من مدة طويلة؟
من الواضح ضمن كثير من التحليلات وكأن القيادة الإسرائيلية تحاول أن تستدرج الفلسطينيين الى الظهور العلني للمواجهة أو الانتفاضة-غير المتكافئة- لتقول أنها بعدوانها القادم المخطط له تحارب "الإرهابيين" بعملية طالما قامت بها وسعت اليها، بعد أن فشلت في استخدام عصابات المستعمرين الإرهابيين، وبعد أن فشلت بتوجيه البندقية الفلسطينية الى الداخل كما حصل في آخر فتنة بالخليل ثم نابلس.
لا حلّ مطلقًا سيجلبه تكرار العدوان الاسرائيلي الذي جرّب كل أسلحته ضد قطاع غزة الصامدة أكثر من 6 مرات، وكذلك الأمر في اجتياحات الضفة بقراها ومدنها وخربها، واقتحاماتها المتكررة منذ الانتفاضة الكبرى الثانية التي أسقط فيها الإسرائيلي (اتفاق أوسلو) ليكرس بوضوح أن العلاقة التي أصبحت قائمة الآن بين الفلسطيني والإسرائيلي هي علاقة شعب محتل مقاوم وبين احتلال استعماري (ألم يقل ذلك أيضًا أبومازن بالأمم المتحدة) يمثل آخر استعمار بالعالم.
بكل وضوح ومن مجمل التحركات الاسرائيلية ذات النوايا الهجومية التي تلقي بفكرة مد اليد بالحراكات السياسية في سلة المهملات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وخاصة في خضم انتخابات إسرائيلية يمينية تتجه نحو يمينية فاشية، فإن الحل العسكري الذي تمارسه –وربما ستزيد حجمه الى حرب داهمة-على الأرض سيقلب الأوضاع رأسًا على عقب، فالشعب الفلسطيني حي لا يموت وقضيته ملهمة للعالم المنتصر للمظلوم.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024