نداء وليست استغاثة
نشر بتاريخ: 2022-10-03 الساعة: 11:41
محمد علي طه
بكلام هادئ ومؤدّب، قد يلومني البعض على نعومته، أقول: لستُ راضيًا من انشطار القائمة المشتركة الّتي كان ميلادها الأوّل والثّاني إرادة شعب، ولست قاضيًا شرعيًّا أو مدنيًّا كي أحمّل حزبًا من الأحزاب مسؤوليّة "أبغض الحلال" الّذي حدث في العامين الأخيرين.
ولا أستطيع أن أقف على الرّصيف مشاهدًا ومتفرّجًا كأنّ المسرحيّة بكتابتها وإعدادها وتمثيلها وإنتاجها وإخراجها وتسويقها لا تعنيني، وأن أردّد بلا مبالاة "يضرب بطرس وسخوله" فتصّرفات السّيّد بطرس تهمّني وتؤثّر على حياتي وحياة أولادي وحياة أحفادي، كما أنّ "سخوله" وجداءه وجفراواته هم أبناء وبنات شعبي الّذي أحبّه حبًّا لا نظير له، فلا شعب في هذا العالم الواسع أفضل من شعبي، كما أنّ شعبي ليس بأفضل من أيّ شعب آخر من الشّعوب، وأقول بصراحة بأنّ الشّعب الفرنسيّ أو الشّعب الألمانيّ أو الشّعب اليابانيّ ليس بأفضل من شعبنا كما أنّ شعبنا ليس بأفضل من الشّعب الصّوماليّ أو الشّعب الهندوراسيّ أو الشّعب النّيباليّ.
لا أستطيع أن أشرب قهوة الصّباح على مهلي، وأسمع فيروز وموتسارت بهدوء، وأن أشاهد على شاشة التّلفاز مباريات كرة القدم للفرق الشّهيرة عالميًّا وأن أقرأ بمتعة مجموعة شعريّة أو رواية حديثة، وأن أشارك فَرِحًا مسرورًا في حفلة عرس لقريب أو صديق، وأن أجلس مع العائلة حول مائدة الطّعام وأتناوله بشهيّة، ناسيًا أو متناسيًا ما يجري حولي وفي حارتي وبلدتي فأنا لست من الّذين وصفهم الله تعالى في سورة "الجمعة" ولست من يدير ظهره كما قال أحد الفلاسفة.
أقولها بصراحة أنا لست خائفًا من هذين الفاشيّين الحقيرين اللّذين احتضنهما رئيس المعارضة السّاعي بكل الموبقات والحيل والتّحريض والكذب كي يعود إلى سدّة الحكم، فأنا من جيل عاش النّكبة وممارسات الحكم العسكريّ واضطهاد الماباي وذاق طعم الهزائم وعرف المجازر، أنا من جيل عانى من سياسة الّذين أرادونا حطّابين وسقاة ماء فأنجب آلاف الأطبّاء والجامعيّين والمهندسين والعلماء. أنا من جيل عانى من صلافة قائد عسكريّ كبير وصفنا بصراصير مسمّمة في زجاجة، أنا من جيل قاسى من عنجهيّة وغباء جنرال قال لا لقاء مع الفلسطينيّين إلّا في ساحة القتال وعلى أحد الطرفين أن يبيد الطّرف الآخر، ولن نكون المُبادين.. أنا من جيل صنع مع آبائه وأجداده معجزة الصّمود والبقاء وحافظ على الهويّة واللّغة والنّشيد.
لن أقول بعقليّة عمرو بن كلثوم " شو الصّوص وشو مرقته". لن أقول. بل أقول هناك خطر كبير من أن يصل هؤلاء الفاشيّون إلى الوزارات وأن يحوّلوا حياتنا إلى جحيم وأن يشطبوا ما حقّقنا من إنجازات.
هل نسمح بذلك؟
شعبنا لن يسمح بذلك.
الأمور بأيدينا ولن نقف على الّرصيف متفرّجين بل علينا أن نشارك في الانتخابات. أن نشارك. أن نشارك. ولا أقول لأحد منكم أو لواحدة منكنّ لمن تعطي صوتك الثّمين لأنّني واثق من ذكاء أبناء وبنات شعبنا.
mat