لك المجد يا جنين
نشر بتاريخ: 2022-10-02 الساعة: 06:38بقلم: اللواء سمير عباهره
أيام قليلة مضت على خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وادعاءاته برغبته في العودة لتسوية الصراع وتحقيق السلام ضمن حل الدولتين المشروط بعدم تشكيل الدولة الفلسطينية القادمة، تهديداً لأمن إسرائيل، ومن الجدير ذكره أن ادعاءات لابيد قد وصلت إلى مسامع العالم أجمع، حتى خيل للحضور بأن إسرائيل تنشد السلام لنجد أن هذه المناورات كانت ذات طابع إعلامي تهدف إلى إخراج إسرائيل من طابعها الدموي والاستعماري وإظهارها بمثابة حمامة سلام، حتى تفاعل المشاركون مع طرح لابيد وتولد لديهم انطباع حول جدية الموقف الاسرائيلي، وبدأت وسائل الاعلام الغربية تكيل المديح وتشيد بخطوة لابيد وتصف إسرائيل بالدولة الساعية لتحقيق السلام.
(سلام) في نيويورك وانتهاكات واعتداءات واستيطان وتصعيد وقتل وتدمير في الأراضي الفلسطينية بل إنها حرب إبادة، هنا كانت جنين شاهدة على دموية المحتل الذي أمعن باستباحة الدم الفلسطيني بسقوط أعداداً من الشهداء والجرحى، مجزرة جنين فضحت مزاعم لابيد في إظهار نفسه كرجل ينشد السلام وفضحت المجتمع الدولي وديمقراطيته الزائفة، فالعالم تابع عبر وسائل الإعلام المرئية الجيش الاسرائيلي وهو يرتكب أبشع الجرائم بحق أبناء شعبنا الفلسطيني في جنين ومخيمها، وكان من ضمن الذين سقطوا أناس أبرياء ومن عامة المارة لا يمتشقون السلاح كما تدعي إسرائيل وإعلامها الموجه.
الهجمة الإسرائيلية الشرسة على الشعب الفلسطيني تأتي في سياق السياسة الإسرائيلية الممنهجة وفي سياق الوضع السياسي الدولي، وهي نتاج عملية مخطط ومبرمج لها ومرتبطة ارتباطاً وثيقاً في إسقاط الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من الحسابات السياسية الدولية بل إسقاط المشكلة الفلسطينية ككل، وما يعزز هذه الفرضية هو خلو وسائل الإعلام الإقليمية والدولية من أي ردود فعل على الهجمة الإسرائيلية حتى ولو كانت خجولة فهناك شعب فلسطيني يذبح على مرآى ومسمع من العالم أجمع.
لا يمكن أن يبقى الشعب الفلسطيني يدفع الثمن في مناسبات عدة كما هو حاصل اليوم، فالتجاذبات الحاصلة في المشهد السياسي والأيديولوجي الإسرائيلي بين كافة الكتل والأحزاب المتنافسة على انتخابات الكنيست حاضرة أيضاً في المشهد الفلسطيني، حيث يرى لابيد ومؤسسته العسكرية في الدم الفلسطيني رافعة لتحقيق أهدافهم السياسية في الوصول إلى مظلة الكنيست الإسرائيلي بل والعودة إلى سدة الحكم.
غياب العدالة واستمرار الظلم والتمييز واستفحال الكولونيالية واختطاف القانون الدولي، كلها عوامل ساهمت في استمرار السياسة الاسرائيلية في معاداة شعبنا واستمرار العدوان عليه في ظل انعدام التوازنات الدولية، وفي ظل حالة الضعف والوهن العربي والإسلامي في فرض معادلة سياسية تمكنهم من امتلاك زمام المبادرة لفرض مواقفهم مما زاد من الاصطفاف الدولي خلف إسرائيل، حتى أصبحت قضيتنا خاضعة لقوانين السياسة الدولية المرتبطة بمصالح الدول الكبرى.
إن التواطؤ والصمت الدولي كانا ولا يزالان سبباً رئيسياً فيما وصلنا إليه من تنامي الأطماع الصهيونية وتزايد آلة البطش، وسط تغاضٍ دولي متعمد وتحديداً من قبل النظم الغربية التي تصطبغ بسمات الديمقراطية التي لا ترقى إلى حجمها ووزنها الدولي بإطلاقها دعوات خجولة لوقف العدوان الإسرائيلي على شعبنا في حرب ضروس حصدت الكثير من أرواح الأبرياء، فالوضع يزداد تعقيدا ويتطلب تحركاً دولياً واسعاً، وضغطاً عربياً وإسلامياً على المجتمع الدولي لكبح جماح إسرائيل وطرح تساؤلات تشكل إحراجاً في مضمونها للأسرة الدولية، إلى متى ستبقى إسرائيل تقوم بخرق القانون الدولي وخرق قرارات الشرعية الدولية؟، بل يجب توجيه اللوم إلى القوى الداعمة للسياسة الإسرائيلية وتذكيرها بأن مواقفها هذه تضعها في خانة الاتهام، فلا يمكن أن تكتفي تلك القوى بإطلاق الشعارات والمطالبة بتحقيق السلام بل إنه آن الأوان أن تخرج الأسرة الدولية عن صمتها وتفضح الممارسات الإسرائيلية وتطالبها بتبني المعايير الدولية في الالتزام بما يقره المجتمع الدولي والشرعية الدولية، وإلا فإن هذه الشرعية ستوضع على المحك ويجري تشريحها.
على القيادة الفلسطينية أن تأخذ زمام المبادرة في تصعيد الحرب الإعلامية ضد إسرائيل ومن يقف إلى جانبها والدفاع عنها في هذه المرحلة، وتوجيه أسئلة واضحة لأولئك الذين كسروا مفاهيم الشرعية الدولية وداسوا على القانون الدولي بتأييدهم لإسرائيل، فالفلسطينيين أصحاب حق في مقاومة وطرد الاحتلال، وهذه عناوين ورسائل واضحة بأنه لا يمكن أن تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار إلا بحصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه وحقه في إقامة دولته وعاصمتها القدس الشرقية.