لا كبيرة لسياسة الإعدام
نشر بتاريخ: 2022-09-06 الساعة: 11:24
عمر حلمي الغول
مجددا تعود حركة حماس لأخذ القانون باليد، وتنفذ حكم الإعدام بحق خمسة مواطنين في قطاع غزة أمس الأحد، وفي بيان أصدرته مؤسسة ميليشياتها، التي تدعي زورا وبهتانا أنها "وزارة داخلية" أكدت فيه، أنها "استنادا إلى نصوص القانون الفلسطيني، وإحقاقا لحقوق الوطن والمواطن (...) نفذت .. حكم الإعدام بحق مدانين اثنين بتهمة التخابر مع الاحتلال، وثلاثة مدانين بأحكام قتل في قضايا جنائية ...".
ولنقاش العملية الإجرامية التي ارتكبتها ميليشيات الانقلاب في محافظات الجنوب، أود أن أسأل قادة الانقلاب، عن أي قانون يتحدثون؟ وهل هم جزء من القانون والنظام الأساسي الناظم للمجتمع الفلسطيني، أم منقلبون على القانون والشرعية ومغتصبون للسلطة في قطاع غزة؟ وإذا كانوا فعلا يؤمنون بالقانون، أين مصادقة الرئيس الفلسطيني على الأحكام، وهي شرط أساسي لتنفيذ الأحكام؟ وكيف يحكمون بالإعدام، وهو مناف للقانون من أصله؟ وهل قرأوا نصوص المواد ذات الصلة ومنها قانون الإجراءات الجزائية لسنة 2001، والقانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003، والذي نص بشكل لا لبس فيه، على عدم قبول وجواز تنفيذ وتطبيق الحكم دون مصادقة، وفق نص المادة 109؟ وهل يعلم قادة الانقلاب أن السلطة الوطنية تبنت والتزمت بكم من القوانين والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ورفض مبدأ حكم الإعدام؟ وهل بتنفيذ حكم الإعدام تتم معالجة حقوق الناس، وتعيد لهم الاعتبار؟ وهل الإعدام يكفل صون سلامة المجتمع، وحماية السلم الأهلي؟ أوليست العقوبات والأحكام الأخرى قادرة على ترشيد وتأهيل وإعادة تأهيل المتورطين في جرائم ذات أبعادٍ سياسية وأمنية واجتماعية واقتصادية مالية؟ ولماذا تقبض أرواح الناس وبالإمكان إصلاحهم؟ وما الحكمة من القصاص بالإعدام؟ وهل أحكام أدعياء ومغتصبي القانون جائزة من حيث المبدأ؟ أولستم أنتم من يفترض أن يحاكموا على جريمة انقلابهم، كونكم شرعتم اغتصاب القانون وأخذه باليد؟ ومن يثق بأحكامكم، وبعدالتكم وأنتم تفتقدون أصلا للعدالة، أم تريدون تكريس إمارتكم المارقة والخارجة على القانون والنظام ومصالح الشعب العليا؟
لا أريد أن أورد أسماء وتهم من نفذ بحقهم حكم الإعدام، وأخذ القانون باليد من قبل جلادي حركة حماس أمس بشكل لا يمت للقانون الفلسطيني ولا للقانون الدولي بصلة؛ لأن الرسالة الأساسية من النقاش دحض وإسقاط المنطق الانقلابي، القائم على البلطجة، واستباحة حيوات الناس، بغض النظر إن كانوا متهمين بجرائم أم أبرياء.
نعم، مطلوب من السلطة التنفيذية الشرعية العمل على صيانة وسلامة المجتمع، وحمايته من كل الظواهر والشوائب العالقة به، والدفاع عن الحق العام، وملاحقة كل مرتكب جناية أو جريمة بغض النظر عن نوعها وخلفياتها، ولكن وفق القانون وروح القانون، ووفق الاتفاقات الدولية ومنطق العصر، والعمل على منح هذا المتهم أو تلك المتهمة فرصة للصلاح، والتعلم من الدروس، ومراجعة الذات دون إعدامهم، ومع فرض أقصى العقوبات عليهم ليكونوا عبرة لذويهم ولأبناء المجتمع عموما.
ما ارتكبته حركة حماس وميليشياتها مرفوض ومدان، ولا يقبل القسمة على القانون. وتفرض المصلحة الوطنية ملاحقة من أصدر قوانين الإعدام، ومساءلتهم، ومحاكمتهم وفق معايير القانون الفلسطيني. وعلى كل إنسان قانوني امرأة أم رجلا في المجتمع الفلسطيني، خاصة في محافظات قطاع غزة، بالإضافة لمنظمات المجتمع المدني ذات الصلة بحقوق الإنسان والديمقراطية وقطاع المثقفين والإعلاميين والأكاديميين وكل مناضلي فصائل العمل الوطني تجييش المجتمع ضد المخالفات الفظيعة التي ارتكبتها الميليشيات الانقلابية، خاصة قائد الانقلاب في القطاع يحيى السنوار، ودراويش التشريع، الذين لا علاقة لهم بالقانون والنظام. ووقف كل المخالفات بشكل قاطع، وبالأساس تفرض الضرورة العمل الجاد من قبل الكل صاحب المصلحة في وحدة الشعب والأرض والقضية والمشروع الوطني والنظام السياسي التعددي والقانون طي صفحة الانقلاب بشكل حاسم ونهائي لحماية المجتمع من ارتكاب المزيد من جرائم الإعدام المرفوضة جملة وتفصيلا في أي مكان من الوطن.
mat