وزير التشاؤم!!
نشر بتاريخ: 2022-08-29 الساعة: 11:03
موفق مطر
ما هذا؟! ماذا يحدث؟! ما هذا الانهيار، وأي تدمير مباشر لقيم المجتمع نشهده بين الحين والآخر؟! فنحن لا نستطيع الإجابة على أسئلة أبنائنا عن أسباب الانقلاب والارتداد الفجائي لهذا الذي كنا نظنه (جهبذ زمانه) فيما هو يضربهم كل يوم على صفحات التواصل الاجتماعي بسوط التشاؤم، فنكاد نعجز، لأننا فعلا ضحية وجهه الآخر الذي برز لنا كما هو عاكسا للذات الأنانية المتكسبة بدون تجميل، ولأننا لسنا من هواة الإصغاء للإشاعات، ولا من محترفي التداول في القيل والقال.
قد لا تكون الصدمة بسبب ثقتنا (السكر زيادة) التي نمنحها للبعض هي السبب الوحيد الذي يمنعنا من رؤية الحقائق والوقائع المروجة مغلفة بالإشاعات، ذلك أننا لا نعير الإشاعات اهتماما ما دامت الأفعال تكذبها، فهنالك أسباب أخرى أهمها: غياب الحسم القانوني للإشاعة، ما يوسع الفضاء أمام (وزير التشاؤم) مثلا أو (وزيرة الرفض الهدام) لتجاوز جدار وثقافة المسؤولية، والانتقال بسهولة من دائرة المتهم – حسب الإشاعة – إلى دائرة وكيل النيابة العامة، فيتلقف خصوم الوطنية، وخصوم المشروع الوطني، وخصوم النظام السياسي كلامه كعلامات للاستشهاد بها لدعم روايتهم الباطلة، فيصير المتهم عندهم الشاهد الملك!.. لذا لا بد من تدخل قانوني لحسم معركة الحفاظ على أمن المجتمع وقيمه، ولضمان سلامة الأمل في نفوس أفراده، فنتائج اليأس والتشاؤم الذي يبثه هؤلاء أخطر بكثير من أسلحة الحرب الجرثومية والكيميائية.
شديدة جدا ظاهرة التنكر والتعالي والتهجم الفجائية التي نشهدها في أوساطنا، فترى هذا أو ذاك قد ظن نفسه عمود الخيمة، وأنها آيلة للسقوط إذا تم تكليف أحد بمهمة الموقع الذي يشغل، ويبدأ بنشر الإحباط واليأس على وسائل التواصل، وكأن المؤسسة التي كان على رأس كوادرها قد انهارت فعلا !! وكأن المناضلين فعلا الذين تتحدث كل بقعة من أرض الوطن، وكل جمع من الجماهير عن عطائهم، لا قيمة لأعمالهم وإبداعاتهم وتضحياتهم، مستغلا نكرانهم للذات الذي مارسوه في حيواتهم العملية، وتفضيلهم الحديث عن العمل الجمعي الرافع للعمل الوطني، بدل حديثه الدائم بلغة (الأنا) التي أصابها التضخم بفعل تصويب أضواء وسائل الإعلام والصحافة والمديح.
ينطبق المثل الشعبي "خرطه الخراط وقلب ومات" على ظن الجهبذ هذا بنفسه، وعلى العلة التي لا تظهر للآخرين جلية واضحة فجة معيبة أثناء انشغاله في إنشاء الهالة اللازمة لإخفاء مقاصده الحقيقية، لكنه أحد الأسباب الرئيسة لوباء السكتات في دماغ وقلب الثقة التي تصيب المجتمع جراء نظرته، وتحليلاته، وتقديراته، وآماله وقناعاته، وتقييماته التي إذا قارناها مع سابقاتها عندما كان على رأس مهمته كوزير أو نائب أو قيادي في (الموقع) سنجدها تسقط تلقائيا في موقع الضد من تفوهاته السابقة، حيث كان يفيض بالكلام المعسول، والآمال الجميلة على الناس!.
لا يرمي مناضل نبيل البئر الذي شرب منها، فالمرء مهما بلغ من العطاء فإنه يأبى الارتداد على الوفاء باعتباره أعلى أوسمة الإنسانية التي قد يحصل عليها في حياته، أما الشهامة والرجولة فيقتضيان العض على الجرح – إن كان المعطاء قد جرح فعلا – وألا يذهب للوقوع في مستنقع الذم والنكران، وتنكير البيئة الاجتماعية أو التنظيمية أو السياسية التي لولاها ما عرفه الناس، فمنتهز الفرص سيدوس يوما على درجة هشة، وسيقع حتما، ولن يجد معينا على القيام!.
mat