بيان حماس والجهاد.. إعلان عن بديل لمنظمة التحرير
نشر بتاريخ: 2022-08-25 الساعة: 13:27
موفق مطر
لا جهاد مع نفس خاضعة تؤمر من خارج ضمير كيانها، ولا مقاومة مع حماس منتهاها ومقصدها الاستحواذ على السلطة، فالمقاومة ما دام الاحتلال والاستيطان قائمين فعل يومي لا دفاعي، والجهاد صدق مع الذات والآخرين وإلا فإنه صورة مشوهة لا يليق بها إلا صفة النفاق.
لا ندري كيف يجمعون بين صفتي الكذاب والمجاهد، وبين صفتي السلطوي والمقاوم، فرؤوس الجماعتين يكذبون كما يتنفسون، ويغطون على فشلهما في كسب ثقة الجماهير الفلسطينية، بادعاء باطل، تفنده الوقائع اليومية على الأرض في الضفة الفلسطينية، فلا ملاحقة للمقاومين في الضفة الفلسطينية إلا من قوات الاحتلال الإسرائيلي العنصري، ولا سجناء على خلفية الرأي والانتماء السياسي إلا في معتقلاته ومعتقلاتهم في غزة، أما المطالبة "بإطلاق المقاومة الشاملة حقيقة لا كلاما" فقد جاءت ممن كبل يديه، وعقد لسانه، وكف بصره، وطمأن رؤوس منظومة الاحتلال (إسرائيل) بأن صواريخه وأسلحته مغطسة في درجة مئة تحت الصفر! يوم اقتحم المستوطنون المسجد الأقصى، ومارسوا طقوسهم التلمودية، رغم قسم السنوار السابق بألا تمر هذه الجريمة بدون عقاب، ناهيك عن ثلاثة أيام حرب ارتقت خلالها أرواح عشرين طفلا فلسطينيا وأربع نساء من أصل خمسين مواطنا، فهنا يبلغ الدجل والنفاق الصارخ ذروته، وهنا يسقط قناع المدعي بالجهاد والمقاومة الصاروخية، التي أنزلت الكوارث والمآسي والدمار على شعبنا في قطاع غزة، وخلفت من الضحايا المدنيين الأبرياء عشرات الآلاف بين شهيد وجريح ومبتور الأطراف، لم يأخذهم رؤوس الجماعتين في الحسبان، فالسنوار والنخالة انشغلا بتصغير رقم الشهداء المنتسبين إلى كتائبهما، التي رسموها في موقع القائد للمقاومة -حسب نص بيانهما- وكأن كفاح ونضال الفصائل الوطنية في منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها حركة فتح، والشهداء الأبرار من شعبنا غير المنتسبين للفصائل لا حسبان لقيمة أرواحهم وتضحياتهم ودمائهم، ثم ترى هؤلاء أدعياء المشرب والمرجعية الإسلامية يتحدثون عن الوحدة الوطنية الفلسطينية، فيما بيانهم يعج بالعصبية الفئوية النكرة الممنهجة، فالجهاد وحماس يحاولون بهذا البيان إزاحة مشهد التلاحم اللامسبوق بين القيادة السياسية للشعب الفلسطيني والقوى الوطنية الشعبية المناضلة في الميادين كافة، وفي القدس تحديدا، لصالح عصبيتهم الفئوية، فلو أظهر لنا كتبة البيان الأخير لحماس والجهاد المئة متر مربع لا أكثر التي حرروها فعلا، وقلعوا عيوننا بإحداثياتها على الخريطة، بعد أكثر من ثلاثين سنة على انطلاقتيهما المسلحة، لكنا مجبرين على تصديق رؤيتهما، التي لا نراها إلا واحدة من أوجه التسويق السياسي للذات الحزبية الفئوية، وأسلوبا قديما لم يعد مقنعا في زمن انتشار تكنولوجيا الاتصال وانكشاف حقائق كل منهما وارتباطاته وأجنداته الخاصة وأهدافه الحقيقية وانعدام صلتها بالرؤية الشعبية الوطنية، والقرار الوطني الفلسطيني المستقل.
ندرك تماما دواعي اللقاء بين رؤوس الجهاد وحماس الأمنيين والعسكريين وما يسمى السياسيين، فهو أولا وأخيرا لرأب الصدع بين الجماعتين بعد وقوف حماس بمقاعد المتفرجين أثناء حرب الأيام الثلاثة، ونعتقد جازمين حسب التقارير المسربة أن الأوامر قد صدرت من (ممول الجماعتين) ومزودهم بالسلاح والخبرات ليكونوا على استعداد لخوض معركته (هو)، وليس معركة الشعب الفلسطيني، أما هدفهما فهو الاستيلاء وبصورة أوضح (سرقة) المقاومة الشعبية التي تقودها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في الضفة الفلسطينية المحتلة، ووأد أي حراك شعبي فلسطيني في مدن وقرى فلسطين التاريخية وتحديدا في القدس مثلما فعلوا في شهر أيار من السنة الماضية 2021، عندما أجهضوا هبة شعبنا في فلسطين من نهرها إلى بحرها ومن جليلها إلى نقبها، التي انطلقت من الشيخ جراح في القدس عاصمة دولة فلسطين ومركز وروح وجوهر الحق التاريخي للشعب الفلسطيني ... فحماس والجهاد تدركان جيدا أن مجرد الادعاء بسيطرتهما على المقاومة الشعبية في فلسطين التي وصفوها بالثورة الشعبية، يعني منح منظومة الاحتلال الإسرائيلي العنصري فرصة التوغل في دماء شعبنا كما تفعل الآن تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، ولكن أفظع وأشد، لأنهم سيعتبرون ما سيحدث أعمالا من أدوات إيران ولصالح نظامها، ونعتقد أنهم يعرفون جيدا موقف المجتمع الدولي من طهران التي وجهوا لها في نهاية بيانهما الشكر والتقدير العالي!
يجب على الجهاد وحماس العلم بأن أبواب هيئات الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية ومنها المجلس الوطني مفتوحة لمن أراد الامتثال للإرادة الشعبية الفلسطينية الوحدوية الحقيقية عبر الالتزام ببرنامجها السياسي، وأن التوجه لاصطناع تكتل يسمى وطني -كما في بيانهما- فلا نراه إلا محاولة لتصنيع بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، بعد الالتفاف السياسي الحاد الذي حصل لدى الجهاد الاسلامي بعد ضربة الأيام الثلاثة الشهر الماضي!
mat