مع ابو مازن .. فالصهيونية حولت فلسطين كلها إلى معتقل ومذبحة
نشر بتاريخ: 2022-08-21 الساعة: 13:14
موفق مطر
كتب الدكتور الرئيس الإنسان محمود عباس – كما نحب وصفه - في أطروحته:" إن مبدأ قتل الإنسان - مجرد إنسان- جريمة لا يمكن أن يقبلها العالم المتحضر ولا يمكن أن تقر بها الإنسانية" ونعتقد جازمين أن الحملة الصهيونية على الدكتور محمود عباس ( أبو مازن) بصفته الشخصية كباحث علمي أكاديمي، ومؤلف لعشرات الكتب انتصارا للحقيقة كتبها للتاريخ "كما يدون دائما في الصفحات الأولى لكتبه"، وباعتباره رمزا ورئيسا للشعب الفلسطيني (ضحية) سياسات وأطماع الدول الاستعمارية، التي هيأت المناخات المناسبة لنشوء وانتشار أخطر منظومتين عنصريتين قاتلتين مدمرتين عرفتهما البشرية في العصر الحديث هما: (الصهيونية والنازية).
الحملة الصهيونية منظمة وممنهجة لأن الرئيس أبو مازن بلغ الشجاعة المسنودة بالعقلانية والحكمة والإيمان بالحق، ورفض ازدواجية المعايير في كل القضايا المتعلقة بحقوق الشعوب في الحرية والتحرر والاستقلال والنمو والازدهار، وانتهاج دول كبرى سياسة: (لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم) عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان الفلسطيني، وحقه في الحياة والحرية والاستقلال, حتى عندما يتكلمون إثر مجزرة أو مذبحة أو جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية ضحيتها الشعب الفلسطيني، فلا تعبير إلا (القلق) ينقط من ضمائرهم المجمدة بمئة درجة تحت الصفر، عندما يكون الشعب الفلسطيني هو (الضحية)، ونراها تفور وتغلي ويتطاير الشرار من لهيبها، عندما يصاب فرد لدى مجتمع وكيلهم الاستعماري العنصري (إسرائيل) !!..ولأنه قد كتب للتاريخ أن "الصهيونية" صناعة استعمارية، ركبت خلاياها بمعادلات صعبة للغاية، كلفت الإنسانية حربين عالميتين مدمرتين كانت نتائجهما مقتل عشرات الملايين من أبناء آدم حوالي (65 مليونا).. وارتكاب الجريمة التاريخية الأفظع، عندما اغتصبت واحتلت أرض الشعب الفلسطيني ومنحت ليهود أوروبا – عبر المنظمة الصهيونية - كحل للمشكلة اليهودية فيها !.
لم يقلل الرئيس أبو مازن من فظاعة جريمة المحرقة النازية الهتلرية بحق يهود أوروبا، وإنما صحح بإجابته على سؤال صحفي اتجاه بوصلة الحرية والقيم والحقوق الإنسانية المحروف، ومعانيها ومقاصدها المحرفة عمدا ! وذَكَّرَ كل من تعنيهم الحقيقة والعدالة بخمسين مجزرة ومذبحة بحق الشعب الفلسطيني منذ سنة 1947، خاصة وأن العالم شاهد تفاصيلها، في بث حي على الهواء مباشرة من كل مدينة وقرية في فلسطين التاريخية المحتلة، فمنظومة الاحتلال العنصري إسرائيل حولت أرض الشعب الفلسطيني التاريخية الطبيعية إلى مذبحة ومعسكر اعتقال بطرائق همجية متعددة، وإذا أخذت الدول الجريمة بمقياس رقم الضحايا، فهذا يعني أن القوانين والمواثيق الدولية والمواثيق المعمول بها الآن قاصرة ومتخلفة ومنحازة، رغم أنها عكس ذلك، فهذه القوانين تنتصر للإنسان بقيمته الفردية سواء كان الجاني شخصا أو جماعة أو تنظيما أو جهة تابعة لدولة.
الحملة على الرئيس لم تبدأ إثر رده على سؤال الصحفي، وإنما لأنه كشف مؤامرة المنظومة الصهيونية على يهود أوروبا في كتابه عندما كتب عن التعاون الاقتصادي بين هتلر والوكالة اليهودية واتفاقية (هعفراه) المسنودة بالأدلة والوثائق بين النازيين والصهيونية لاقتلاع 60 ألف شاب ألماني يهودي ذوي كفاءات علمية من وطنهم الأصلي (ألمانيا) وتهجيرهم إلى فلسطين، وكشف لكل باحث عن سياسة التمييز التي اتبعتها المنظومة الصهيونية بين يهود أوروبا، بامتناعها عن التدخل لإنقاذ يهود رومانيا وهنغاريا وسلوفاكيا، وكيفية تصنيف اليهود والتمييز بينهم، حيث اعتبر بن غوريون ووايزمان وغيرهم اليهودي الحقيقي هو اليهودي الذي يهاجر إلى فلسطين فقط، أما اليهود الذين لجأوا إلى بلدان أخرى واندمجوا في مجتمعاتها، فإن الصهيونية لم تعتبرهم يهودا.
إذا كان من مصلحة المنظومة الصهيونية تثبيت الهولوكوست في ذهن العالم لغايات سياسية استعمارية، لاعلاقة لها بقيمة روح الإنسان اليهودي، فإننا لا يمكن إلا أن نكون مع الرئيس الإنسان أبو مازن، المناضل في المحافل الدولية دبلوماسيا وسياسيا وقانونيا، لوضع معاناة ومآسي الشعب الفلسطيني وكوارث مذابح صهيونية بدأت قبل 75 سنة وما زالت مستعرة !.
لسنا مصابين بداء التفرقة العنصرية بين إنسان وآخر، ونعلي قيمة الإنسان دون تمييز، ونسعى للتواصل مع مجتمعات حضارية مسالمة سئمت الحروب والصراعات الدموية، وتسعى بوسائلها الديمقراطية إلى التحرر من أخطبوط الدولة الاستعمارية العميقة، فنحن وهذه الشعوب متفقون على مبدأ الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية والحقوق المخلوقة مع الإنسان أصلا دون تمييز، فالعالم سيقتنع يوما ما بأن المنظمة الصهيونية لم تكن خطرا على وجود الشعب الفلسطيني والاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط الحضارية وحسب، بل السبب الرئيس في شقاء ومآسي يهود أوروبا والعالم، فهل سيسارع اليهود ضحايا الصهيونية والنازية إلى إدراك هذه الحقيقة..فما كتبه ويكتبه الرئيس أبو مازن للتاريخ، والعاقل هو الذي يستفيد من دروسه.
نحن على يقين أن رؤوس المنظومة الصهيونية العنصرية الحاكمة في "إسرائيل" سياسيا وأمنيا يعتبرون الرئيس أبو مازن أخطر فلسطيني على منظومتهم، لأنهم يعلمون المنطلقات الأخلاقية الإنسانية الناظمة لمنهج الرئيس السياسي على صعيد النضال الوطني الفلسطيني، وانسجامه مع إيمانه الشخصي بقداسة روح الإنسان، وإمكانية تحريرها بالتعقل والحكمة المرتكزين على الحق، فالقوة بغير الحق زائلة، أما الحق فمنتصر ولو بعد حين.
mat