جرائم إسرائيل.. حتى لا يكون مجلس الأمن شريكها
نشر بتاريخ: 2022-08-18 الساعة: 15:23
د. فوزي السمهوري
الحرية والعدالة وتقرير المصير وتصفية الاستعمار أساس لتحقيق أهداف الأمم المتحدة بتحقيق السلم والأمن الدوليين، وتقع مسؤولية ذلك وفقا لنظام الأمم المتحدة على عاتق الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن لما تملكه حصرا من صلاحيات تنفيذية او عبر استخدام حق الفيتو جردت معها بذلك الدور الفعلي لباقي دول العالم من حقها المشاركة من موقع المساواة في صناعة القرار ومتابعته وتنفيذه دون ازدواجية وانتقائية.
مجلس الأمن وجرائم المستعمر الإسرائيلي:
استمرار مجلس الأمن الدولي بتقديم الدعم اللامحدود لدولة إسرائيل المصطنعة وإمعان الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن في التغاضي والتخلي عن الاضطلاع بواجباتها تجاه استمرار الكيان الاستعماري الإسرائيلي بارتكاب جرائمه بكافة اشكالها التي لم تتوقف بحق الشعب الفلسطيني على امتداد العقود الماضية دون اتخاذ اي إجراءات عملية بحق سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدف وقفها عن المضي في ارتكاب الجرائم ومحاسبة مرتكبيها وإلزامها بتنفيذ القرارات الدولية إنما جعلت من مجلس الأمن شريكا حقيقيا إما بشكل مباشر أو غير مباشر للكيان الاستعماري الإسرائيلي بارتكاب جرائمه وانتهاكاته الصارخة لمبادئ وأهداف وميثاق الأمم المتحدة وللاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية خلافا لدوره ومسؤولياته بالعمل على ترسيخ السلم والأمن الدوليين عبر مراقبة الدول غير الملتزمة باحترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومنظومة حقوق الإنسان وفرض العقوبات المنصوص عليها في نظام الأمم المتحدة وميثاقها.
نماذج من جرائم إسرائيل الاستعمارية:
سأستعرض نماذج من الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية التي ترتكبها بحق فلسطين وشعبها تحت نظر الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة التي بقيت في معظمها عاجزة عن فرض مصالحها عبر تجسيد مبدأ المساواة بين جميع الدول صغيرها وكبيرها قويها وضعيفها وما أسفر ذلك عن تهديد متواصل لوحدة أراضيها وسيادتها وقرارها المستقل وما صناعة كيان إسرائيل الاستعماري الإحلالي على أرض فلسطين التاريخية وعلى حساب حقوق شعبها الأساس وما يتطلبه ذلك بالضرورة من إجراء إصلاح حقيقي جوهري لنظام الأمم المتحدة وخاصة فيما يتعلق بصلاحيات ومهام الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن التي جاءت معبرة عن مصالح الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية ومن النماذج للجرائم والانتهاكات للكيان الاستعماري الإسرائيلي:
أولا: استعمار أراضي الدولة العربية الفلسطينية المحددة حدودها وفقا لقرار التقسيم الظالم والمجحف رقم 181.
ثانيا: عدم الالتزام بتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 273 الذي اشترط لقبول عضوية إسرائيل تنفيذ القرارين رقم 181 و194 بل استعمار باقي فلسطين إثر عدوان حزيران عام 1967.
ثالثا: رفض تطبيق اتفاقيات جنيف التي تنص على تعيين دولة حامية "طرف ثالث" تضمن وتكفل عدم إجراء أي تغيير جغرافي أو ديموغرافي أو تشريعي يمس الأرض المحتلة وشعبها وحقوقه السيادية الكاملة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عدوان حزيران عام 1967 وما قبلها.
رابعا: فرض عقوبات جماعية وما حصار غزة وفرض قيود على حق التنقل بين المدن والقرى وإيقاف تزويد تجمعات وقرى بأكملها من المياه إلا نماذج لذلك.
خامسا: بناء جدار الفصل العنصري بالأرض الفلسطينية وما ينجم عنه من تداعيات وصعوبات لأبناء الشعب الفلسطيني من قضاء حوائجهم بأمن وأمان وبأقصر فترة زمنية إضافة إلى فرض معوقات ومنع من ممارسة حق الفلسطينيين الطبيعي في الوصول إلى اراضيهم ومنازلهم ومزارعهم بيسر وفي جميع الأوقات.
سادسا: مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات عليها ومنع الاستثمار والبناء أمام الشعب الفلسطيني وخاصة في القدس والخليل.
سابعا: دعم وحماية وتمكين ميليشيا وعصابات المستوطنين من سرقة الأراضي الفلسطينية واقتحام المنازل والعبث بها والسطو على بعضها والقيام بأعمال التنكيل والقتل وترويع النساء والأطفال.
ثامنا: القتل لمجرد القتل خارج القانون والتعسف بالاعتقال الإداري لكافة فئات الشعب من أطفال وفتيات ونساء وكبار السن وما جريمة قتل الشهيد محمد الشحام امس في كفر عقاب إلا أحد الدلائل الأخيرة على السياسة الممنهجة لسلطات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي وممارسة مختلف أساليب التعذيب بحق المعتقلين أضف إلى ذلك إيقاع عقوبات مركبة من اعتقال وغرامات باهظة وتدمير منازل عائلاتهم أمام الكاميرات والأمثلة كثيرة.
تاسعا: سرقة أموال الحكومة الفلسطينية تحت ذرائع مخالفة بذلك الاتفاقيات المبرمة ومخالفة لحق الشعب الفلسطيني بالتصرف الحر بموارده وثرواته.
عاشرا: الجريمة الكبرى والتي تمثل صلب الصراع والمتمثلة في انتهاج السياسات الهادفة إلى إدامة وتأبيد استعمارها لأراضي الدولة الفلسطينية المحتلة المعترف بها دوليا وفرض أمر واقع بالقوة بهدف منع ممارسة حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وحقه بالحرية وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس في إنتهاك صارخ للشرعة الدولية ولكافة الاتفاقيات والعهود الدولية وللقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وقرار الجمعية العامة بتصفية الاستعمار أينما وجد.
حتى لا يكون مجلس الأمن شريكا:
القناعة والانطباع السائد لدى الشعب الفلسطيني خاصة والعربي والإسلامي واحرار العالم عامة والتي تدعمه أساليب التعامل مع القضية الفلسطينية بان مجلس الأمن وهنا أعني بالتأكيد الدول دائمة العضوية بانحيازها ودعمها وتمكين "إسرائيل" الإفلات من المساءلة والعقاب ومنحها شرعية ارتكاب جرائمها وعدوانها تحت عنوان الدفاع عن النفس وبذات الوقت حرمان الشعب الفلسطيني من حقه بالدفاع عن نفسه وبالنضال بكافة الوسائل المكفولة بميثاق الأمم المتحدة من أجل الحرية والاستقلال والتحرر من الاستعمار الإسرائيلي العنصري الإرهابي إنما تعد شريكا فاعلا للكيان الاستعماري الإسرائيلي وجرائمه وللخروج من هذا الواقع الحقيقي أو الانطباعي فمجلس الأمن مطالب بالعمل على:
أولا: إعمال سمو مبادئ وميثاق الأمم المتحدة واقعا دون ازدواجية وانتقائية وما يعنيه ذلك من اتخاذ كافة الإجراءات لفرض تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية دون إبطاء الصادرة عن الجمعية العامة وعن مجلس الأمن ووفق جدول زمني محدد بغض النظر عن البند الصادرة بموجبه قرارات مجلس الأمن فلا يعقل أن تبقى تلك القرارات الصادرة على مدار 75 عاما حبيسة الأدراج والصمت حيال "إسرائيل" الرافضة بعنجهية لتنفيذ اي من تلك القرارات.
ثانيا: تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني من كافة اشكال الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني والتي يصنف الكثير منها كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ثالثا: ترجمة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية بموجب القرار الصادر عن الجمعية العامة رقم 181 وبموجب قرار مجلس الأمن الذي اعترف بالكيان الإسرائيلي المصطنع عضوا في الأمم المتحدة عام 1948 والذي يعني تلقائيا الاعتراف بالدولة العربية الفلسطينية إلى واقع عملي.
رابعا: عدم استخدام حق الفيتو وخاصة من قبل أميركا للتأكيد على الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران لعام 1967 على طريق تنفيذ القرار 181.
خامسا: فرض عقوبات فورية على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لحين إذعانها بالمبادرة بوقف جرائمها وتنفيذ إنهاء استعمارها لأراضي الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته والتحرر من الاستعمار الإحلالي الإسرائيلي .
سادسا: إعلاء قوة الحق ولا لحق القوة ذلك الذي قابله شعار الرئيس الأميركي بايدن قوة المثال لا مثال القوة.
بهذه الخطوات يخرج مجلس الأمن الدولي من مشاركته ودعمه لكيان مارق تمثل إسرائيل عنوانا ورمزا للدول المارقة التي تتحدى إرادة المجتمع الدولي وتتبجح بعدم الاعتراف بأي من قراراته... بإنهاء الاستعمار الإسرائيلي لفلسطين يكن المجتمع الدولي ومجلس الأمن على الطريق الصحيح نحو تنفيذ مبادئ وأهداف الأمم المتحدة بترسيخ السلم والأمن الدوليين. وعكس ذلك يكون مجلس الأمن ماضيا بانتهاك ميثاق الأمم المتحدة وتهديده بتقويض الأمن والسلم الدوليين.
الشعب الفلسطيني مسلح وبدعم من أحرار العالم بحقه الأساس والتاريخي بالنضال بكافة الوسائل حتى النصر ودحر المستعمر الإسرائيلي بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني مهما طال الزمن.. فلن يركع ولن يستسلم بإذن الله.
mat