فلسطين وقضايا التغيّر المناخي
نشر بتاريخ: 2022-08-13 الساعة: 11:55
صلاح هنية
كان نوعاً من الترف عندما كنا نناقش قبل سبعة أعوام، كمؤسسات مجتمع مدني، قضايا التغير المناخي والعدالة المناخية، عندما كنا نضع خطوطاً مرجعية لتنفيذ ما صدر عن العالم بخصوص التغير المناخي، وواقع الدول الفقيرة عموماً، وواقع فلسطين خصوصاً تحت عنوان «العدالة المناخية». بعد هذه السنوات بات الأمر قناعة ووعياً مجتمعياً حاضراً بقوة في برامج المؤسسات على شكل مؤتمرات وورش، وفي برامج البلديات من خلال تخصيص نشاطات محددة له، وجهود باتجاه التحول من البلاستيك، وقضايا المدن المستدامة والاقتصاد الأخضر.
واضح أننا ذهبنا بالاتجاه الصحيح، لكننا لم نسجل اختراقاً مناسباً يتواءم مع الجهد العالمي بهذا الاتجاه والخطوات الواسعة التي قطعت، ولم نضع أنفسنا لغاية اليوم على خارطة العدالة المناخية، خصوصاً أننا نتأثر سلبياً بما ينتج عن سلوك العالم المتقدم من جهة، وفي الوقت نفسه ممارسات الاحتلال التي تحد من قدرتنا على التعامل مع التغير المناخي وآثاره وعدم المساواة المناخية. ونشهد في العديد من الدول في العالم قضايا تراجع الأمن الغذائي والأمن المائي وحتى انعدامه، ولا تزال لدينا فرصة ونحن على أبواب المؤتمر المناخي الدولي في شرم الشيخ قريباً، ولا تزال لدينا فرصة أن نتمسك بقضايا العدالة المناخية وإظهار أننا نتأثر، وبالتالي يجب أن نكون على أولويات الأجندة لتتاح لنا معالجة الأمر.
الموضوع الأساس قضايا الوعي البيئي، وهي قضايا جهد حكومي وأهلي وقطاع خاص مشترك؛ لأن الكل له مصلحة بانتشار الوعي البيئي والانطلاق ببقية الخطوات باتجاه حمايتنا من آثار التغير المناخي، وكنا سباقين في قضايا الوعي البيئي في الثمانينيات، وأذكر جهد مدارس اللوثري التي تبنت هذا الموضوع وعقدت له مؤتمرات، وظلت المدارس عموماً حاضنة لقضايا التوعية البيئية ونشرها وتحويلها إلى سلوك، وهذا يحتاج إلى منهجية تركز على هذا الملف بشكل أوسع، وبالتالي تحويله إلى سلوك وبالتأكيد بحاجة إلى منظومة قوانين وتعليمات قادرة على صيانة هذا الموضوع.
يتكرر الحديث من المستوى السياسي، ومن المؤسسات على اختلاف تخصصاتها، عن المبادرات باتجاه توسيع المساحات الخضراء التي تساهم بشكل أو بآخر بقضايا التغير المناخي، لكننا ما زلنا ندور في الحلقة المفرغة نفسها التي تعلق على شماعة التطوير العقاري، وعلى من يمتلك أرضاً بات سعرها السوقي يتجاوز المليون ويزيد، بأنه قادر على حل مشكلة المساحات الخضراء، بينما نغفل مركزية دور الحكومة في استخدام الأراضي المتاحة الوقفية والحكومية من أجل تحويلها إلى مساحات خضراء، ودورها في الحفاظ على الأحراش والأشجار وعدم اقتلاعها، وفي حال الاضطرار لاقتلاعها يتم نقلها للاستخدام في موقع آخر.
أذكر وضع حجر الأساس لحديقة الاستقلال في مدينة البيرة، يومها قال الرئيس محمود عباس: نريد مناطق خضراء وهذا مكان مناسب لننطلق منه «بكفينا حجر وإسمنت». ووجّه حديثه للوزراء الموجودين للتأكيد على هذا الموضوع، لكننا بحاجة لمساحة شبيهة أخرى تشكل مساحات خضراء، وحتى وجود حديقة عامة في منطقة سكنية يحاول السكان جهدهم أن يغلقوها؛ لأنها مصدر إزعاج حسب رؤيتهم، لكنها متنفس للعائلات والأطفال وغيرهم.
على هامش مؤتمر شرم الشيخ، أرى من الضرورة أن يلعب القطاع الخاص دوراً محورياً بالتركيز على الاقتصاد الأخضر، وتقليل الانبعاثات بالقدر المتاح، وأن يكون شريكاً في قضايا التخلص من النفايات الصلبة، وهذا دور محوري ينصح بأن يبرزه تزامناً مع المؤتمر.
تشكل دراسة الأثر البيئي للمشاريع كافة عاملاً حاسماً وأساسياً، خصوصاً أننا نعاني من غياب دراسة هذا الأثر الذي يتعلق بقطاعات المياه والطاقة والإنتاج، ولا يعقل أن يظل هذا الأثر فقط متطلباً لمشاريع المانحين وليس متطلباً وطنياً.
لا أريد أن أجعل من نفسي خبيراً بيئياً ولا ضليعاً في التغير المناخي، لكنني متابع وشاركت في جلسات عدة حول (العدالة المناخية)، وهذا يقود إلى ضرورة أن يجتمع معاً كل المهتمين مع الخبراء والباحثين والأكاديميين، من أجل إحداث اختراق بهذا الملف كل في موقعه، ولعلنا أمام فرصة جيدة اليوم.
[email protected]