بلطجة ميليشيات الانقلاب
نشر بتاريخ: 2022-06-12 الساعة: 10:05
عمر حلمي الغول
عشية الذكرى الخامسة عشرة لانقلاب حركة حماس على الشرعية الوطنية في 14 حزيران 2007، قامت ميليشيات الانقلابيين باقتحام قرية أم النصر البدوية شمال محافظات قطاع غزة يوم الخميس الماضي الموافق 9 حزيران الحالي بما يزيد عن الـ200 عنصر من أدوات بطشها، مع عشرات السيارات، ومع وصولها لمحيط القرية وبهدف ترهيب المواطنين أطلقت الرصاص الحي عليهم دون أية ضوابط، ما أدى لإصابة ستة من فقراء القرية، إصابة أحدهم خطرة، واعتقلت 40 مواطنا، وقامت باقتحام البيوت دون أية معايير أخلاقية أو قانونية، وبشكل مناف لقيم الشعب العربي الفلسطيني، ثم أمرت جرافاتها بهدم عددٍ من بيوت سكان القرية بذريعة، أن البناء غير شرعي. مع أن الرئيس الرمز الراحل ياسر عرفات كان سمح لأهالي القرية بالبناء هناك، بهدف تكثيف الإسكان في القرية، ولحماية أراضيها من الاستيلاء عليها من قبل دولة إسرائيل الخارجة على القانون. وكأنها (حماس) أرادت التأكيد على عدم اعترافها بقرارات الشرعية الوطنية لا زمن الرئيس الراحل ياسر عرفات (الذي يدعي يحيى السنوار، رئيس الانقلاب في غزة، أنه يجل الشهيد الرمز)، ولا زمن الرئيس الحالي، أبو مازن، وشاءت القول للمواطنين، إن كل ما سبق الانقلاب من قرارات وقوانين لا قيمة له، ولا نعترف به، ولا يلزمنا من قريب أو بعيد بأية مسؤولية تجاه سكان القرية البدوية.
ومن راقب عملية اقتحام قرية أم النصر قبل يومين، استحضر اللحظة الأولى للانقلاب الحمساوي الدموي في محافظات الجنوب، عندما استباحت الميليشيات الحاقدة المؤسسات المدنية والأمنية في كل مدن وقرى ومخيمات المحافظات الجنوبية وبيوت المناضلين ومطاردتهم، وإطلاق الرصاص الحي عليهم، وإعدامهم أو تشويه وجوههم واقتلاع أعينهم، وإدامة الإعاقة بإطلاق النار على ركبهم وأكتافهم وأيديهم، وإلقاء بعضهم من الأبراج السكنية العالية وهم أحياء، وكذا فعلت ومثلت في جثث من قتلتهم في الشوارع والساحات بطريقة لاإنسانية، لا تمت للدين الإسلامي الحنيف بصلة، ولا للقانون الفلسطيني أو الأممي بأية روابط، أو استحضر اجتياحات واقتحامات جيش العصابات الصهيونية لمحافظات القطاع أو جنين أو نابلس أو الخليل أو أي مكان من الأرض الفلسطينية العربية. الجريمة الحمساوية الجديدة كشفت مجددا عن وجه فرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين البلطجي واللاأخلاقي، وعكست روح وأساليب ومنطق التكفيريين والتخوينيين من الدواعش وجماعة النصرة وغيرها من المسميات، التي انبثقت جميعها من رحم التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين.
وطبعا كان الهدف من حملة التشبيح والبلطجة الإخوانية على أبناء الشعب الفلسطيني في القرية البدوية، هو نهب الأراضي، ووضع اليد عليها، واستغلالها في مشاريع تجارية وعقارية للمتنفذين من قادة الانقلاب الأسود، وليس تطبيقا القانون، ولا حماية لمصالح الشعب العامة. لأن الانقلاب والقانون والمصالح العليا للشعب نقيضان لا يلتقيان، وكل منهما ينفي الآخر، كما قامت تلك العصابات الميليشياوية سابقا بنهب مساحات واسعة من الأراضي لذات الأغراض المشبوهة، أو لتوزيعها على موظفيها كجزء من الرواتب المستحقة لهم.
ما جرى في قرية أم النصر بالقرب من بيت لاهيا لم يكن وليد الصدفة المحضة، ولا قرارا عفويا أو ارتجاليا، كما تدعي حكومة الظل برئاسة عصام الدعاليس، وإنما قرار اتخذ عن سابق تصميم وإصرار لعدة أسباب، أولا لتجديد روح الانقلاب الدموية، ولتذكير المواطنين، أن يد البطش الإخوانية هي العليا؛ ثانيا لإحياء ذكرى الانقلاب الأسود بالطريقة التي تليق به وفقا لمعايير حركة حماس؛ ثالثا لتكميم أفواه الجماهير، وترهيبهم، ومنعهم من الاعتراض على سياسات وممارسات وجور قيادات الإخوان المسلمين الوحشية؛ رابعا التمهيد لما ستقدم عليه حركة حماس ومن لف لفها من خطوات تمس المصالح الوطنية العليا خلال الأيام والشهور المقبلة.
وعليه فإن إقرار الدعاليس ومن معه بـ"تجاوز" زعرانهم "القانون"، وتشكيل لجنة تحقيق لمحاسبة المسؤولين، فيها استغباء واستهبال للمواطنين والقوى والنخب السياسية، ولكل من يعرف جماعة الإخوان المسلمين من يوم نشوئها 1928 إلى يوم الدنيا هذا، يعلم أنها حركة مارقة وقاتلة، وهي نوع من الالتفاف على الحقيقة، وللتغطية على الجريمة البشعة، والضحك على الذقون. وهو ما يفرض على القوى السياسية وجماعات الـ"إن جي أوز" وكل صاحب ضمير وطني حي عدم الاكتفاء بإدانة الجريمة عبر بيانات الاستنكار، وإنما المطالبة المسؤولة بانتهاء وطي صفحة الانقلاب الحمساوي مرة وإلى الأبد، وكفى خمسة عشر عاما من الجريمة المنظمة، وآن الأوان للذهاب للمصالحة الوطنية، والكف عن أكاذيب "المقاومة"، لأن من يريد المقاومة، ويهدف لحماية المصالح العليا للشعب عليه العودة لحاضنة الشرعية الوطنية وفق الاتفاقات المبرمة، وكفى تمزيقا لوحدة الشعب والأرض والنظام السياسي.
mat