الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ارتفاع الأسعار.. ما هو الحل؟

نشر بتاريخ: 2022-06-09 الساعة: 12:22

 

باسم برهوم


من حق المواطنين التعبير عن سخطهم لارتفاع الأسعار، خصوصا اننا شعب تحت الاحتلال، ولدينا ما يكفي من المعاناة وتعقيدات الحياة، ويعش قسم كبير منا تحت خط الفقر أصلا. الأزمات البعيدة والقريبة فاقمت الوضع ولم يعد بإمكان شرائح اجتماعية واسعة تحمل هذا الارتفاع  الكبير للأسعار، التي كانت مرتفعة أصلا بالقياس لمستويات الدخل.
 وفي إطار البحث عن حلول لا بد من تشخيص الأسباب والعوامل الحقيقية التي قادت لأزمة ارتفاع الأسعار الحالية، أسباب وعوامل موضوعية وأخرى ذاتية، ولها جذور عميقة قديمة وأخرى راهنة.
موضوعيا، هناك ارتفاع عالمي شامل للأسعار وبالتالي الارتفاع ليس حصرا بنا، اولا: بسبب جائحة كورونا، التي لا تزال مستمرة، وثانيا: بسبب الحرب الاوكرانية، وما صاحباها من أزمة غذاء عالمية وعقوبات اقتصادية والمقاطعة الاوروبية التدريجية للغاز والنفط الروسي، الأمر الذي ادى الى ارتفاع  أسعار الطاقة والأسعار في مختلف المنتجات ومن بينها المواد الغذائية الأساسية كالقمح والزيت النباتي، والشعير والذرة، التي تعتبر روسيا واوكرانيا من اكبر المصدرين لها. 
وموضوعيا ايضا، ولكوننا دولة تحت الاحتلال، لا سيادة لها على الأرض والموارد والطرق والحدود والمنافذ الحدودية، مما خلق صعوبة أمام أي خطط تنموية واقتصادية، بالاضافة الى الارتباط المزمن للاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الاسرائيلي، ما لذلك من انعكاسات سلبية، وتعثر وجمود عملية السلام التي جعلت من اتفاق باريس الاقتصادي، وبما فيه من عيوب وعدم توازن، من كونه اتفاقا مرحليا الى دائم، كل ذلك مع استمرار الحصار الاسرائيلي لقطاع غزة، والحصار المالي والسياسي على السلطة الوطنية بحجة مخصصات الشهداء والأسرى، كل هذا يترافق مع مستوى دخل لا يمكن مقارنته مع مستوى الدخل في إسرائيل، بالرغم من التشابه الكبير للأسعار.
أما ذاتيا، فيأتي الانقسام الداخلي في طليعة العوامل والأسباب التي انهكت شعبنا الفلسطيني سياسيا واقتصاديا وماليا ومعيشيا، فهذا الانقسام الذي نجم عن سيطرة حركة حماس على قطاع غزة بالقوة عام 2007، لم يحرم اهلنا في القطاع وحسب من فرص التنمية، بل اعاق القدرة الوطنية على التخطيط وتنفيذ المشاريع التنموية. وفي البعد الذاتي أيضا، ما ثمة تخصيصات لافتة، للمشاريع التنموية، خاصة في مجالات الطاقة والمشاريع الزراعية والصناعية، مما أبطأ عملية تحرير الاقتصاد الوطني وبقاء اعتماد المستهلك الفلسطيني على البضائع الاسرائيلية وأسعارها المرتفعة نسبيا.
ولمواجهة الأزمة الراهنة، ازمة ارتفاع الأسعار التي من المتوقع ان تتفاقم مع تفاقم الأزمة الاوكرانية وتداعياتها، فالمطلوب من وجهة نظري هو التالي: 
اولا: على المدى القريب والمستعجل، العمل على تأمين المواد الغذائية وخاصة القمح وزيت الطبخ النباتي وكافة المواد الغذائية الأساسية الأخرى من مصادر متعددة في السوق العالمية، هذا من حيث المبدأ، ومن ثم البحث عن تمويل اضافي من الدول العربية الشقيقة الغنية، والدول الكبرى لشراء هذه المواد، المرشح ارتافع اسعارها بشكل متزايد في السوق العالمي في الأسابيع والاشهر القادمة، فلا حديث عن نهاية سريعة لا للأزمة الاوكرانية ولا الأزمة الغذائية العالمية يمكن المراهنة عليها.
ثانيا: تأمين سلة غذائية من المواد الاساسية شهرية بسعر الجملة  أو بسعر رمزي للعائلات الأكثر فقرا، على ان تتم هذه الخطوة. يمكن تأمين هذه السلة من خلال صندق النقد الدولي او بعض الدول الشقيقة والصديقة.
ثالثا: ضرورة مراقبة الأسعار بشكل حثيث، ومعاقبة التجار الجشعين الذين لا يشعرون مع ابناء شعبهم خلال هذه المحنة، وفي هذا المجال، وبالإضافة الى ما لدى الحكومة من أدوات وأساليب، يمكن وضع الية مراقبة بين المواطن والحكومة، بحيث يكون بمقدور أي انسان ان يبلغ على أرقام محددة وعبر البريد الإلكتروني مكتبا خاصا في الحكومة عن أي تجاوز لتاجر يبالغ في رفع الأسعار.
رابعا: وضع الية تكافل مجتمعي يمكن ان يقدم خلاها الميسورون العون للأسر غير الميسورة أو الأكثر حاجة.
أما على المدى البعيد فالمطلوب، اولا: مواصلة الجهود السياسية والدبلوماسية، بهدف تشكيل حالة ضغط دولية اكبر على دولة الاحتلال من اجل إتاحة استغلال أوسع لمواردنا، ومن أجل حرية حركة الأفراد والبضائع، ومن ثم العمل على إدخال التعديلات الضرورية على اتفاقية باريس الاقتصادية. ثانيا: اعادة صياغة بنود الموازنة العامة بما يضمن تركيزا أكبر على مشاريع التنمية والتطوير والتحديث، سواء من اموال الدعم الخارجي والداخلي، خصوصا في المجالات الزراعية والثروة الحيوانية، وفي مجال الاستثمار في المشاريع الإنتاجية الأسرية، وفي الصناعات الخفيفه الضرورية.
ثالثا: اعادة بناء العملية التعليمية، بما يلائم رؤى وأهداف الخطط التنموية، وتمكين المرأة الفلسطينية لتكون عنصرا إيحابيا وفاعلا في عملية التنمية الشاملة والمستدامة.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024