إدارة بايدن.. حركة "كاخ" والإرهاب
نشر بتاريخ: 2022-05-24 الساعة: 21:04
عمر حلمي الغول
تشخيص وتحديد هوية الإرهاب شخصا أو مجموعة أو عصابة أم دولة لا يقتصر على مروج ومعمم ومنفذ ومرتكب الإرهاب، الذي يستهدف إنسانا أو أناسا أو شعبا أو أتباع ديانة أو إثنية بعينها من الأبرياء والعزل، وإنما يطال كل من يدعم ويساند أو يحمي أو يغطي ممارسات الجماعات الإرهابية بمختلف مسمياتها، وأيا كانت الذرائع المستعملة للتغطية على تلك الجريمة. ورغم عدم وجود تعريف محدد للإرهاب حتى الآن، الناتج عن رغبة وحرص وسطوة الدول والأقطاب المنتجة للإرهاب لترك المفهوم غائما وضبابيا ومنفلتا ليمنح ذاته وشركاءه في العالم استباحة القانون الدولي وحقوق الإنسان، إلا أن تعريفه لا يحتاج لعبقرية وفرادة علمية لتحديد خاصياته ومحدداته، وهو باختصار كل إنسان أو مجموعة أو دولة تصادر وتغتال وتنتهك الآخر، مطلق آخر فردا أو جماعة أو شعبا. وأجزم أن الفكر السياسي الفلسطيني وكل من توافق معه كانوا السباقين في التأكيد على أن الاستعمار بأشكاله المختلفة، هو أعلى أشكال الإرهاب واخطرها، لأنه ينتج العنصرية والاستعلاء والقهر والظلم والقتل ومصادرة حقوق ومصالح وثقافة الشعب الآخر.
عطفا على ذلك، لا أضيف جديدا لما ذكر أعلاه، بأن الاستعمار الإجلائي الإحلالي الصهيوني، هو ذروة الإرهاب، ومن يرعى ويدعم ويقف خلف هذا الاستعمار دولة أو مجموعة أو منظمة أو شخصا هو شريك، ورديف للإرهاب، ولا يجوز الفصل بين مرتكب الإرهاب وداعمه؛ لأن الإرهاب يستمد شرعيته وقوته من الدول والمجموعات والمنظمات المؤيدة والمناصرة له. وضمن إرهاب الدولة الصهيونية المنظم توجد إفرازات لا آدمية، وتتفوق على قانون الغاب في إرهابها، منها منظمة "كاهانا كاخ" اليهودية الصهيونية المتطرفة، التي أزالتها إدارة الرئيس الأميركي، بايدن من قوائم الإرهاب يوم الجمعة الماضي، بذريعة، أنها "تطهرت" من الإرهاب، وأمست "مؤنسنة"، وهذا عار على الديمقراطية الأميركية.
لأن حركة "كاهانا كاخ" منذ تأسست في الولايات المتحدة الأميركية في نهاية ستينيات القرن الماضي على يد مائير كاهانا، وبدأت نشاطها الفاشي في دولة التطهير العرقي الإسرائيلية 1971، وهي ترفع شعارها القائل "يد تمسك التوراة وأخرى بالسيف"، وتدعو إلى مواصلة عملية طرد وتهجير الفلسطينيين من أرض وطنهم الأم بكل الوسائل الإجرامية القذرة، لتبقى دولة المشروع الصهيوني الكولونيالي نقية خالصة لليهود الصهاينة المستعمرين، وتطهيرها العرقي من أبناء الشعب الفلسطيني صاحب الأرض والتاريخ والجغرافيا والموروث الحضاري.
كما أن حركة "كاهانا كاخ" الإجرامية رفضت عودة سيناء لجمهورية مصر العربية، وتعارض عودة الجولان للجمهورية السورية، ومزارع شبعا وقرية الغجر للحكومة اللبنانية. وترى أن الأرض الفلسطينية والسيادة عليها لإسرائيل المارقة والخارجة على القانون. ويعتقد مؤسسوها بأن "دولة إسرائيل ليست مجرد كيان سياسي، بل هي كيان ديني تحقق بمشيئة الرب، لذلك لا توجد قوة في هذا العالم تستطيع تدميرها أو منعها من التوسع" والعدوان وارتكاب الجريمة المنظمة ضد الشعب الفلسطيني، كما وتدعو بشكل مباشر لتدمير المسجد الأقصى، وبناء الهيكل الثالث مكانه. وهذا ما يجري الآن، ويتم تعميمه من قبل ممثليها أمثال إيتمار بن غفير، وسموتيريتش وغليك وكل من لف لفهم. ويرفض قادتها مبدأ السلام والتعايش، ويصفون الفلسطينيين والعرب عموما بـ"الشياطين".
وتضم عصابة "كاخ" عتاة الإرهاب الصهيوني من بينهم يهودا ريختر، المتهم بضلوعه بقتل أحد أعضاء حركة السلام الآن، وباروخ غولدشتاين، الذي نفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل في 25 شباط 1994، والتي راح ضحيتها 29 شهيدا، وإصابة العشرات من المصلين الفلسطينيين، وأيضا مئير إيتنجر، الذي يدعو للإرهاب ويشرعنه كوسيلة لتحقيق غايتين، الأولى الخلاص من العرب، والثانية إسقاط الحكم الإسرائيلي الحالي بذريعة أنه حكم علماني كافر، ومن ثم إقامة إسرائيل التوراتية. وهو من قام بارتكاب جريمة حرق عائلة "دوابشة" عام 2015، التي راح ضحيتها أربعة أفراد من الأسرة حرقا، من بينهم الأم والطفل الرضيع علي ذو العام ونصف العام. ولتحقيق عملية التطهير العرقي شكلت ميليشيا عسكرية إرهابية سرية تتنكر في شكل عملاء أمن إسرائيليين في القرى الفلسطينية، وتعتبر مستعمرة "كريات أربع" في الخليل مقرا لقيادتها الإجرامية، وما زالت تنادي ببناء إسرائيل الكبرى "من النيل إلى الفرات".
وهذا ما يقوم زعيمها الحالي، بن غفير وأضرابه بالدعوة إليه، ويمارسون أبشع أشكال التحريض العنصري ضد أبناء الشعب الفلسطيني لارتكاب الأعمال الإرهابية في المسجد الأقصى والقدس العاصمة الفلسطينية والضفة الفلسطينية وفي داخل الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، ويتصدرون مشهد الإرهاب الذي تنفذه العصابات الصهيونية الإجرامية.
هذه العصابة الإرهابية الصهيونية مكانها المعتقلات، والتجريم، والعزل لأنها تمثل خطرا مباشرا على السلام وحقوق الإنسان في فلسطين وحتى داخل الولايات المتحدة الأميركية. وبالتالي فإن إزالتها من قوائم الإرهاب، وفي الوقت ذاته، إبقاء منظمة التحرير الفلسطينية على تلك القوائم، تكشف عن الوجه الحقيقي للإدارة الأميركية، وعن ازدواجية معاييرها، وتنكرها لحقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، ومضيها عمليا في تنفيذ صفقة القرن الترامبية. وتدلل جديا على أن الإدارة الديمقراطية غير معنية بالسلام وخيار حل الدولتين. وإذا كانت معنية بالسلام، فإنها مطالبة بالآتي: أولا الاعتذار عن خطيئة إزالة حركة "كاهانا كاخ"، وثانيا إعادتها للقوائم، وإضافة الدولة الإسرائيلية كلها على تلك القوائم. مع ما يستدعيه ذلك من فرض عقوبات عليها لإلزامها بخيار السلام؛ ثالثا إزالة منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني من تلك القوائم فورا؛ رابعا فتح ممثلية المنظمة في واشنطن، وأيضا إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس العاصمة؛ خامسا التوقف عن كل الإجراءات والانتهاكات التي تسيء لكفاح الشعب الفلسطيني؛ سادسا الدفع بعقد مؤتمر دولي ملزم لترجمة قرارات الشرعية الدولية في سقف زمني محدود ومحدد.