ما سر رفض حكومة بينيت التحقيق باغتيال الصحفية أبو عاقلة؟
نشر بتاريخ: 2022-05-22 الساعة: 14:47
موفق مطر
الآن بعد إعلان دولة الإرهاب رفضها إجراء التحقيق، وعللت ذلك بتخوفها من إحداث انقسامات في جيشها وحكومتها وكذلك لدى المكونات المدنية للجمهور الإسرائيلي فهذا يحثنا على الاعتقاد بأن قتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة عملية اغتيال منظمة مبرمجة مخططة سلفا، تم تنفيذها بعد التأكد – عن ظن الآمر بالقتل - من توفر الظروف المناسبة. ويبعث الرفض الإسرائيلي فينا الاعتقاد بقوة، أن عملية قتل صحفية بوزن ومكانة شيرين أبو عاقلة (مؤامرة) حُبِكت بإرادتين الأولى وهي الأقوى وبنسبة أكبر(إسرائيلية) من حيث الاستفادة من تصفية الهدف، والنتائج المتوقعة (إرهاب الصحافة) التخطيط والتنفيذ، والأخرى خارجية قد يكون لها مصلحة في وضع حد لحياة صحفية فلسطينية تتمتع بجرأة غير اعتيادية في طرح ومعالجة القضايا الوطنية بمواقف ليس سهلا على أي شخص اتخاذها، ما يعني أن اختراقا ما قد حدث في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، جعل من بعض قادة الوحدات العسكرية يتحولون إلى رؤساء عصابات ينفذون عمليات قتل بزي جيش الاحتلال، ونستطيع قراءة هذا الاحتمال في (زلة لسان) وردت في تصريح صدر عن قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي قيل فيه:" لا دوافع جنائية خلف مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة " وكأن منظومة الاحتلال بمكونيها العسكري والسياسي تحاول التغطية على ظاهرة تفشي نشوء عصابات إجرامية تعمل خادمة لمستويات داخلية وخارجية أيضا ! داخل نطاق جيش الاحتلال ومؤسسات أمنية إسرائيلية أخرى.
لم يكن صعبا على جيش منظومة الاحتلال إيجاد (كبش فداء) وابتداع الروايات وبث صور المحاكمات الشكلية، كما فعلت لحرف نظر الرأي العام المحلي ( الإسرائيلي ) والدولي عن مدى تأصل تعميم (سفك الدماء) بحق المواطن الفلسطيني صاحب الأرض، ولتبديد التداعيات المحتملة على جرائم ومجازر أخرى أثارت الرأي العام الدولي، لا تقل فظاعة عن جريمة قتل الزميلة الصحفية أبو عاقلة، فالمنظومة التي قامت أساسا على تعاميم المنظمة الصهيونية العنصرية بجعل فلسطين خالية من سكانها الأصليين، لا يمكنها محاسبة جندي أو ضابط أو مستوطن ارتكب جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، لأن هؤلاء المجرمين – حسب معايير المنظومة – أبطال، ونماذج، رغم المسرحيات الهزلية التي يتعامل مخرجها مع الرأي العام العالمي باعتباره ساذجا، ومع المجتمع الدولي الرسمي كشخصية ضعيفة الإرادة، تقول الكثير وتؤلف البيانات لكنها غير قادرة على الفعل.
اللافت في قضية اغتيال الصحفية الفلسطينية أبو عاقلة ليونة موقف البيت الأبيض الأميركي، رغم أنها تحمل الجنسية الأميركية، وهذا أمر يتطلب موقفا صريحا وقويا وحادا من الإدارة الأميركية التي بدت مواقفها حتى الساعة هزيلة ضعيفة، ونحن من جهتنا لا نستغربها أبداً، لاعتقادنا الراسخ بأن منظومة الاحتلال الإسرائيلي تمتعت وما زالت تتمتع بحصانة وحماية الدولة الاستعمارية الأقوى في العالم ( الولايات المتحدة الأميركية )، باعتبارها المستخدم الأفضل لديها، وقد أسمح لنفسي بالقول - ارتكازا على تجارب كثيرة سابقة - بأن تحقيقا دوليا نزيها دقيقا عميقا سيكتشف تفاصيل مؤامرة متعددة الأطراف، أما جريمة القتل فمنفذها معروف، ولا نستبعد معرفة رئيس حكومة منظومة الاحتلال لاسم القاتل ورتبته أيضا في سياق اتجاه آخر في التحقيق قد يقود إلى غرفة أركان جيش الاحتلال حيث اتخذ قرار اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة والرأي العام الدولي برصاصة واحدة، أما اعتداء (دواعش الشرطة الإسرائيلية) الهمجي على حملة نعش الشهيدة أبو عاقلة وعلم فلسطين، فهذا دليل إضافي يعزز هذا الاحتمال، وتحديدا بعد رسالة التقدير التي بعثها قائد شرطة الاحتلال لعسكره الإرهابيين الذين اعتدوا على القيم الأخلاقية والروحية لأمة الإنسان بدون استثناء، فكانت جريمتهم انعكاسا واضحا وفاضحا لكينونة ومنهج حكومة مستوطنين مجرمين.
لم يحدث في تاريخ الجرائم الجنائية أو جرائم الحرب وضد الإنسانية أن طالب القاتل بالمشاركة في التحقيقات، ولم يحدث أن جهرت المنظومة (الدولة) التي ينتمي القاتل إلى مؤسستها الرسمية برفض التحقيق في جريمة اعترفت بالمسؤولية عنها، ووصلت أصداء فظاعتها إلى سكان المعمورة، لكن هذا حدث فعلا في منظومة الاحتلال الاستيطاني الصهيوني، دولة الفصل العنصري (المسماة إسرائيل).
وقد كانت قيادتنا السياسية على حق وما زالت متمسكة بموقفها الرافض منذ اللحظة الأولى مشاركة سلطات الاحتلال في جريمة اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، لإدراكها أن القاتل مجرم تقف خلفه منظومة خارجة على القانون الدولي، ومخالفة لكل الشرائع والمواثيق الإنسانية المقررة من الشرعية الدولية، ونعتقد أن رفع الملف إلى الجنائية الدولية، سيكشف حجم تفشي الجريمة في مجتمع المنظومة العسكري والسياسي وارتباطاته مع أنظمة دكتاتورية وقوى متخلفة في الإقليم، وهنا علينا ألا ننسى أن دولة الاحتلال إسرائيل جيش له مجتمع وليس العكس. أما روح شيرين أبو عاقلة فما زال لديها الكثير من تقارير الحقيقة لتبثها إلى الناس.