الرئيسة/  مقالات وتحليلات

إسرائيل تدعم حماس!

نشر بتاريخ: 2022-05-19 الساعة: 14:30

بقلم المحامي   زياد أبو زياد

يبدو العنوان استفزازيا ً ولكنني أستسمح خاطركم!
أكتب هذه العجالة والنتائج الأولية لانتخابات مجلس طلبة بير زيت تشير الى فوز كبير إن لم يكن ساحقا ً للكتلة الإسلامية، علما بأن جامعة بير زيت كانت تاريخيا معقلا ً لحركة فتح أولا ً وللتيارات الوطنية والتقدمية الأخرى منذ أن بدأت تُجرى في الأراضي المحتلة انتخابات لمجالس الطلبة. وكانت انتخابات مجالس الطلبة قبل قيام السلطة تُعتبر مرآة للرأي العام في الضفة والقطاع وشكلا ً من أشكال الاستفتاء الشعبي حول م ت ف وفصائلها.
وعلى أية حال فإن هذه النتائج لا تُشكل مفاجأة لكل من يتابع الشأن العام في الأراضي الفلسطينية، فحركة فتح وبشكل عام أصبحت تحمل أوزار السلطة المحسوبة على فتح، وأصبحت فتح تدفع ثمن كل الخيبات التي ساهمت فيها والتي لم تساهم فيها وهذا أحد الأسباب التي تقف وراء تراجع شعبية الحركة في عديد من المواقع.
ومع ذلك فإنني أعتقد بأن هناك خطة ممنهجة لدى إسرائيل لأضعاف حركة فتح أو زعزعة ثقة الشعب بها وتقوية حركة حماس ليس حبا ً في حماس وإنما لأمر في نفس يعقوب.
فعندما قرر اريئيل شارون إعادة الانتشار في غزة وهو ما يسمونه مجازا ً بالانسحاب الأحادي حاول المرحوم الشهيد الرئيس عرفات بكل الوسائل أن يتم ذلك بالتنسيق مع القيادة الفلسطينية وفي إطار خطوات تنفيذ عملية أوسلو، ولكن شارون رفض رفضا ً باتا ً وقال "أنا رجل عسكري ولا أنسق خطواتي مع أعدائي". عندها تحدثت مع الصحفي الإسرائيلي فيكتور سيغلمان وكان محسوبا ً على اليسار العلماني وأعربت عن غضبنا من هذا السلوك من طرف شارون وحذرته من أن ذلك سيرفع من أسهم حماس ويضعف القيادة المعتدلة وعلى رأسها ياسر عرفات فقال لي بالحرف الواحد " الحقيقة أن شارون معني باستلام حماس لقطاع غزة وسيطرتها عليه." وحين أبديت دهشتي استطرد قائلا ً "إن سيطرة حماس على غزة تُعطي المبرر والفرصة للحكومة الإسرائيلية في الاستمرار في توجيه الضربات لحماس وإنهاكها من حين لحين آخر لكيلا تقوم لها قائمة".
ولا أجازف إذا قلت بأن السياسة الإسرائيلية تقوم على أساس دفع الحركات الإسلامية وفي مقدمتها حماس والجهاد لكي تلعب بالمكشوف مما يسهل على إسرائيل الاستمرار في ضرب وتصفية كوادرها وقياداتها. فهي في الظاهر معنية بفوز حماس في بعض المواقع لكي تكشف أوراقها وعندها يسهل ضربها.
وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد قامت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عشية الانتخابات البلدية باعتقال رئيس قائمة حماس في انتخابات مجلس بلدية البيرة فكانت النتيجة فوزا ٍ ساحقا لحماس. وقامت عشية انتخابيات مجلس طلبة بير زيت باعتقال سبعة من قيادات الكتلة الإسلامية في جامعة بير زيت أثناء تواجدهم في قرية دورا القرع شرق رام الله. ولا أستبعد أن تكون نتائج انتخابات بير زيت شبيهة بنتائج انتخابات بلدية البيرة. والسبب بكل بساطة أن طبيعة الإنسان هي التعاطف مع المظلوم ولا شك بأن مثل هذه الاعتقالات تثير غضب الناس لأنهم ضد الاحتلال ويتعاطفون مع كل من يظهر أمامهم بأنه ضحية للاحتلال.
وأختتم بالقول أن المعطيات تفيد بأن أمامنا خيارين: إما أن إسرائيل معنية بخسارة فتح "وتحييدها" عضويا ً، تمهيدا ً لحوار ستفتحه مع حماس وإما أنها، وكما قلت آنفا، تحاول ضرب حماس لتحقق لها نصرا ً مؤقتا يكشف أوراقها ويهيئ لضربات قادمة أكثر إيلاما ً على طريق تحييدها هي الأخرى بعد أن تم تحييد فتح سياسيا ً ومعنويا.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024