الرئيسة/  مقالات وتحليلات

غياب قادة حماس المريب

نشر بتاريخ: 2022-03-10 الساعة: 12:24

 

حميد قرمان


يراودني سؤال: أين قادة حماس عن المشهد السياسي والاعلامي الفلسطيني والدولي؟ غياب ملفت لحالة "التسابق الاعلامي" التي كان ينتهجها قادة الحركة كل حسب تياره، كوسيلة ناجعة لتحقيق مآرب سياسية وحركية وشعبية داخل حماس.

المؤكد، بان الخلافات الكبيرة والطاحنة عصفت مؤخرا بسبب نتائج الانتخابات الداخلية الأخيرة، فعودة تيار "خالد مشعل" ليتصدر المشهد داخل الحركة، جعلت من التيارات الاخرى يتوجسون الريبة من استمرار النهج السابق، الذي كان يعتمد على الالتصاق أكثر بالتنظيم الدولي للاخوان سياسيا، والاعتماد ماليا على مصادر عربية وشرق اوسطية، واستمرار عقد التفاهمات "حياتية" مع المخابرات الإسرائيلية لضمان احكام قبضتها على قطاع غزة، في المقابل.

يرى التيار المنافس له داخل حماس، وهو ايراني الهوى، ان الذهاب باتجاه ايران هو الحل الأمثل لازمات الحركة السياسية والمالية، حيث يرى ان استراتيجية الحركة لا تنفصل عن اجندات طهران في المنطقة، كون ايران تعتمد في سياساتها على الحركات المسلحة والميليشيات لتحقيق اهدافها التوسعية في المنطقة العربية مقابل تمكين هذه الحركات والميليشيات من الحكم كشرط للولاء لايران، وحول نظر هذا التيار الى التنظيم الدولي للاخوان المسلمين، فيرى هذا التيار ان نجمه قد أفل، وان الصراعات داخل التنظيم "الأم" ستنهيه في القريب العاجل، وان بقايا القيادات الموجودة حاليا على الساحة السياسية مصيرها للاندثار كون الخلافات على الاملاك والحسابات المالية للتنظيم، خاصة بعد ان تلقى ضربات سياسية كبيرة في كلٍّ من مصر والاردن والمغرب وتونس، وان على الحركة توثيق الصلات السياسية مع والميليشيات الطائفية.

اما باقي التيارات الاخرى في الحركة، فمنها ما أصبح مهمشا ولا تأثير له بل حُيّد عن الصراعات الموجودة حاليا بين اعضاء حماس، كتيار الضفة الذي يعاني منذ سنوات، وتيار قيادات حماس في لبنان الذي له حساباته الخاصة لقربه جغرافيا من "حزب الله"، فتحالف مجددا مع التيار الايراني في الحركة لضمان بقاء قياداته داخل الحركة.

ولعل التيار الاهم حاليا.. هو تيار غزة، الذي سيرجح كفة ميزان الصراع.. حيث سيطر "يحيى السنوار" واحكم قبضته جيدا داخل القطاع، وتخلص من كل القيادات القريبة من رئيس الحركة "اسماعيل هنية"، فمنهم من هرب من القطاع، ومنهم من بقي مسلوب الصلاحيات الحركية ولا صوت لهم حيث منعوا من الظهور عبر وسائل الاعلام الحركية أو العربية مقابل استمرار صرف مستحقاته المالية كمحمود الزهار، ولعل ميزة هذا التيار انه تيار براغماتي بحت، ينتظر من المنتصر داخل الحركة ليتحالف معه لاستمرار بقاء سيطرته داخل غزة، فهو استطاع تحقيق نوع من الاستقلال ماليا عن تنظيم حماس، حيث يعتمد على الضرائب التي يجمعها من اهل القطاع، وهو رافض لاي عملية مصالحة مع حركة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية، كما يرفض اي ممارسة ديمقراطية في القطاع، فالتعيين في غزة حسب القرب من السنوار وما يراه وما يخطط لمصلحة تياره.

بالرجوع الى الجناح العسكري داخل الحركة فهو انعكاس حقيقي لما هو حاصل في الجناح السياسي، تيارات مجزأة لها حساباتها الخاصة حيث الولاء حسب المال، فكل مجموعة تبيع نفسها لمن يدعمها من قبل هذه التيارات، ولا يخفى على احد كمُّ التصفيات الهائل الذي مارسته هذه المجموعات فيما بينها، والموثقة بالتواريخ والارقام والاسماء، ولعل ابرزها ايمن طه الذي قصفته مجموعة من حماس بالصواريخ داخل شقته ابان الحرب الاسرائيلية على غزة في 2014.

الصراع داخل حماس سيحسم بالصدام لا محالة.. وستكون لغة العنف بين هذه التيارات المتصارعة هي اللغة السائدة، حيث ستلجأ هذه التيارات للاغتيالات فيما بينها كنتيجة طبيعية لتحقيق النفوذ والسيطرة داخل الحركة، واثبات وجودها امام داعميها وحلفائها من ميليشيات وحركات مسلحة في المنطقة، فلا يوجد في تاريخ حماس انشقاقات، ولن تسمح هذه التيارات بان تسلخ نفسها عن الحركة، لذلك الصدام سيكون نتيجة حتمية بين هذه التيارات المتصارعة على نفوذ الحركة ومصادرها المالية.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024