آلامنا من الحروب.. رسالتنا لشعوب لعالم!!
نشر بتاريخ: 2022-03-01 الساعة: 14:24
موفق مطر
ما كنا بحاجة لحرب وضحايا في أي مكان في العالم لإدراك مجموعة حقائق، أولاها: أن للدول الاستعمارية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية عدة معايير فيما يخص تطبيق القوانين الدولية، والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، فنحن ضحايا سياسات هذه الدول، ليس من ازدواجية معاييرها وحسب، بل من قدرة ساسة هذه الدول على استخدام معايير متعددة ملوثة بفيروس العنصرية، لكنها مغلفة بخطاب متقن التعابير والمصطلحات، تمكن أصحاب المعايير والوجوه والألسن المتعددة بمنطقها وتفاصيلها من إقناع العاديين والسذج من الناس.
ما كنا بحاجة لهذه الحرب لندرك أن الدول الاستعمارية تقاتل بجيوشها عندما يكون الخصم ضعيفا أو فقيرا، دون تفويض من الشرعية الدولية، وأنها تستخدم ساسة دول وجنرالات جيوشها في حروبها وصراعاتها مع دول عظمى كبرى تمتلك أسلحة دمار شامل مثلها أو أكثر، فواشنطن والدول الاستعمارية التي باتت بالكاد تطلع الشمس على عواصمها احترفت سياسة صنع كل أشكال القطع اللازمة للنزال على رقعة الشطرنج، ابتداء من الملك والوزير، مع تعديلات على المسميات حسب مقتضيات الحاجة، أما الفرسان والفيلة القلاع ، فمسيطر عليها من الداخل والخارج، ما يسهل عليها اختراق فرق الجنود، حيث تتكفل أجهزة مخابراتها ووسائل إعلامها والطابور الخامس، وجيش الحرب النفسية من تحطيم المعنويات، وتفكيك عناصر تماسك الجبهات، وتحويلها إلى مجرد أرقام بلا فعالية حتى لو كانت تضم مئات الآلاف.
ما كنا بحاجة إلى هذه الحرب التي نشاهد تفاصيلها على شاشات المحطات الفضائية العربية والأجنبية لنكتشف أن تبعية هذه الوسائل عمياء لمن قرر منحها الفضاء، واحتلال مكان وزمان كل فرد منا، والهيمنة عليه بأحدث تقنيات التضليل والخداع والكذب والتحليل الذي يبدو كالماء الآسن يصب في مستنقع هذه الوسيلة الإعلامية أو تلك، فهؤلاء معنيون بتحويل وعي الفرد في المجتمع العربي وحتى الأجنبي إلى وعاء تلقى فيه قاذوراتهم، ليبقى متعفنا مهترئا ببكتريا التلقين والتجهيل، لا مجال فيه لنمو التفكير والتفكر والتأمل وقراءة التجارب، والمقارنة والاستنتاج.
ما كنا بحاجة لحرب جديدة في هذا العالم لنتأكد أن ساسة وحكام الدول الاستعمارية البائدة منها والسائدة الآن قد وضعوا إرادة الشعوب والأمم بإحلال السلام في بقاع الأرض تحت سكين مقصلتهم، وراحوا يضجون أركان الدنيا بدعواتهم للحوار والمنطق العقلاني والواقعية، فيما سكين مقصلتهم تنزل ببطء على رقاب شعوب مظلومة (نحن الشعب الفلسطيني نموذجها)، فتراهم يسرعون دوران عجلة حرب مدمرة، ويعمون أبصارهم عن منظومة احتلال واستيطان وعنصرية وجريمة ضد الإنسانية، ثم تراهم يذرفون الدموع على مصير شعب صنعوا عن سابق تصميم وترصد مآسيه ومعاناته، واستدرجوا الدمار لحاضر أركانه الحضارية ومستقبلها.
لسنا بحاجة لحرب لا نعرف مداها الجغرافي ولا الزمني ولا ما ستخلفه من خسائر بشرية ودمار اقتصادي لنصرخ في مسمع شعوب هذه الدول، صرخة حق، لعلنا نوقظ ضميرا إنسانيا، يحرص ساسة الدول الاستعمارية هذه على تثبيطه، وإبقائه مخدرا رغم مظاهر النبض في عروقه!... نصرخ لأننا نحب ونحترم هذه الشعوب، ولا نريد استعداءها، ولأننا ندرك أن ساستهم يضللونهم، ويصادرون إرادتهم، ويقدمون لهم وقائع مزيفة عن القضايا الأهم في العالم .. فنحن قد صرخنا وما زلنا نصرخ منذ أكثر من مئة عام، نتألم، ودماؤنا تسفك، وأن حكامهم صم بكم عمي عن حقنا في وطننا فلسطين يزيفون حقيقة ونضالنا، وينكرون علينا تجاوبنا مع دعوات السلام، سنبقى نصرخ حتى تفهم شعوب الدنيا أن العدل في ميزان ساسة هذه الدول الاستعمارية هو استبدال حريتنا واستقلالنا وكرامتنا برغيف الخبز، وأن المستحيل أقرب اليهم من إخضاعنا، فالحروب التي شنت علينا كانت كفيلة بتدميرنا، لكنها أنضجت وعينا، وباتت دروسا نمنحها للعالم بقصد تأصيل الرؤية للسلام.
mat