الرئيسة/  مقالات وتحليلات

بن غفير مخلب "الصهيونية الدينية " في قلب القدس

نشر بتاريخ: 2022-02-22 الساعة: 13:16

 

موفق مطر


بات واضحا أن المنظومة الصهيونية العنصرية الاحتلالية الاستيطانية (إسرائيل) تخوض المعركة الأخيرة في الحملة المستمرة منذ مئة وخمسة وعشرين سنة على القدس؟! فالقدس كانت الهدف الأول لمؤتمر بازل الصهيوني في عام 1897، كما كانت هدف الدول الاستعمارية التي اتفقت في مؤتمر كامبل بنرمان، في لندن عام 1905 على تمكين اليهود الصهاينة من السيطرة على وطننا فلسطين لاستخدامهم فيها المشروع الاستعماري الجديد للوطن العربي وفي القلب منه ومركزه فلسطين، وقد عرفت المؤامرة الأفظع على البلاد والأمة العربية، لمنع تبلور مقومات دولة حضارية جديدة في شرق وجنوب البحر البيض المتوسط، ولضمان بقاء هيمنة الدول الاستعمارية على شعوب وثروات وأرض الوطن العربي ومركزها القدس، وبإمكاننا تقدير أهداف هذه المؤامرة إذا علمنا أن قادة الدول الاستعمارية اشتغلوا على ضبطها ونظمها في جلسات سرية استمرت لسنتين متتاليتين، تجسدت في وثيقة سميت (وثيقة كامبل) نسبة إلى رئيس الحكومة البريطانية آنذاك هنري كامبل، الذي استكمل- كما يتضح من المسار التاريخي – تنفيذ خطة واتفاق أوليفر كرومويل وحليفه زعيم جماعة (منسى بن إسرائيل) أو (منشه بن إسرائيل) في عام (1650)، حيث اتفقا على تجميع اليهود في جزر بريطانية وتوطينهم مؤقتا كنقطة انطلاق بعد ذلك نحو فلسطين، أما الثمن فكان دعم وتمويل مشاريع كرومويل وحروبه الاستعمارية من الرأسماليين اليهود. كان ذلك بعد حوالي خمسة قرون على آخر حملات الفرنجة الاستعمارية المعروفة بالحملة الصليبية التي استولت على القدس في عام (1099) حيث كانت المدينة المقدسة هدفا مركزيا رئيسا لهذه الحملة الاستعمارية التي لم تثبت أقدامها على أرضنا أكثر من 88 عاما .. وهنا بيت القصيد والسؤال الأهم في أيامنا هذه: ما الذي يجعل عضو الكنيست، هذا اليهودي الصهيوني الإرهابي العنصري يستميت لتثبيت أقدام منظومة حكومته ودولته العنصرية في القدس؟ 

الجواب واضح تماما، فالعنصري المستكبر(إيتمار بن غفير) يريد كسر القانون الناظم لحياة الشعوب وبلادها، ويسعى للسير في عكس اتجاه منطق التاريخ وحركة الشعوب، وحتى الفكر السياسي الناظم للمجتمعات الإنسانية المعاصرة، والقوانين والمواثيق الدولية الدولية، فبنغفير ليس متطرفا مشبعا  بالمفاهيم العنصرية وحسب، بل هو شخص خائف على مصيره ومصير كيانه ودويلته العنصرية (إسرائيل) لإدراكه أن عمر الغزوات الاستعمارية الاحتلالية والاستيطانية في أي مكان في الدنيا قصير بمعيار زمن الأوطان المرفوعة على أرضها شواهد حضارية، فكيف والأمر يتعلق بالقدس التي يشهد كل حجر في مبانيها على عظمة التنوع الحضاري في عاصمة فلسطين، المدينة المقدسة مدينة السلام (مدينة  الله). 

بن غفيرعضو سابق في حزب يهودي متطرف دعا إلى تهجير المواطنين الفلسطينيين من أرضهم،  ومر بحزب كاخ الذي صنف إرهابيا حتى في قوانين منظومة دولته، واستقر به الحال في حزب  (الصهيونية الدينية)، ما يعني أنه بمهمة (انتحارية) لا رجعة فيها نيابة عن مستخدمي الدين في الحملات الاستعمارية وتحقيق رغبات سلطوية عبر السياسة، ونعتقد أنه مدعوم من قوى وجماعات الصهيونية الدينية في أوروبا والولايات المتحدة، والتي تعتبر امتدادا لما سبق وذكرناه في مقدمة المقال...فهذا المحامي المدافع عن مرتكبي جرائم الإرهاب اليهودي، والمجرمين المستوطنين الذين ارتكبوا جريمة إحراق عائلة دوابشة بأطفالها ومنهم رضيع، قبل سنوات في قرية دوما شرق مدينة نابلس الفلسطينية، يعي ويقصد كل ما يفعله في حي الشيخ جراح، وقد تكون الجريمة التي يبيتها مستوحاة من سلوك الغزاة الوحشي خلال الحملات الاستعمارية الدموية التي شهدتها أرض فلسطين، فالتاريخ شاهد على جرائم جنود حملة الفرنجة وذبحهم  الفلسطينيين المسيحيين الذين هبوا للدفاع عن وطنهم فلسطين، مثلما ذبحوا  الفلسطينيين المسلمين، أما بن غفير فإن تركيز حملته على المواطنين المقدسيين في حي الشيخ جراح، توطئة لما ستشهده أحياء أخرى في القدس، بالتوازي مع حملة حكومة منظومته العنصرية لتهويد المدينة وإلغاء سماتها الحضارية الفلسطينية التاريخية والعربية ومكانتها الدينية عند المؤمنين في بلاد الدنيا. 

بن غفير ليس متطرفا وحسب، بل هو أداة تجربة تسيرها منظومة الاحتلال والعنصرية إسرائيل  ببطء، تنفذ أهدافها وتحرص على ألا تثير الرأي العام  الدولي، ذلك أن ما يفعله بن غفير بدعم خفي من حكومة بينيت هو بمثابة اختبار لردود فعل قد تنشأ في أوروبا منبع الحملات الاستعمارية ، وفي مركز مغارة (الضبع الصهيوني)، ذلك أن حكومة إسرائيل تستشعر المتغيرات الجوهرية على المجتمعات والإرادة الشعبية الأوروبية وحتى في الولايات المتحدة، كما تستشعر تراجع المد الاستعماري ما يعني انكشاف قواعد إسرائيل الهشة، ما سيعني انهيار المنظومة حتما ولو بعد حين ...فبن غفير انعكاس لخوف على مصير وجودي، وإذا سأله أحد هذا السؤال فإنه لن يتردد عن القول: نعم أخشى!. 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024