زيارة بيلوسي ومعادلة أمن إسرائيل وحماية حل الدولتين
نشر بتاريخ: 2022-02-19 الساعة: 20:59
باسم برهوم
جاءت زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لإسرائيل وفلسطين في لحظة يضع فيها المفاوضون في فيينا اللمسات الأخيرة على اتفاق جديد حول الملف النووي الإيراني. فالهدف من الزيارة بالأساس هو طمأنة تل أبيب وإبلاغها بمدى التزام الولايات المتحدة الأميركية بالحفاظ على أمن إسرائيل وتفوقها في المنطقة، وإبلاغها بزيادة الدعم المالي الأميركي لمشروع القبة الحديدية.
ولكي يكون لزيارتها والرسالة التي جاءت بها وقع قوي وعاطفي مؤثر في آذان المسؤولين الإسرائيليين، قالت بيلوسي: "إن إقامة دولة إسرائيل هو أهم حدث تاريخي في القرن العشرين". وأشارت إلى أن الولايات المتحدة هي أقدم حلفاء إسرائيل، وكأنها أرادت التذكير بالدور الأميركي الحاسم في إنشاء الدولة العبرية، أو أنها في واقع الأمر تقول: إننا نحن أصحاب هذا "الانجاز التاريخي"، والذي بدون المواقف والدعم الأميركي ما كان ليكون. وخلاصة رسالة الطمأنة أن واشنطن لن تتخلى عن واحد من أهم مشاريعها خارج حدودها.
ومع رسائل الطمأنة أرادت بيلوسي أن توضح للمسؤولين الإسرائيليين أن الولايات المتحدة تؤيد وتلتزم بحل الدولتين، لأنه ما يحقق أمن واستقرار المنطقة، وأمن إسرائيل على وجه الخصوص وهذه رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت، الذي يكرر موقفه الرافض لإقامة دولة فلسطينية. فالمعادلة التي جاءت بها بيلوسي، وهي من قيادات الحزب الديمقراطي الأميركي، الأمن والتفوق لإسرائيل، مقابل القبول بحل الدولتين.
وخلال زيارتها رام الله ولقاء الرئيس محمود عباس، ومن ثم لقاء رجال أعمال من القطاع الخاص تحدثت بيلوسي عن فكرة حماية حل الدولتين، وفي السياق تم الاحتفال بتقديم الـ USAID مبلغ 40 مليون دولار لعدد من المشاريع الصغيرة. ولأنها رئيسة مجلس النواب وأقرب المقربين للرئيس بايدن، دعا الرئيس عباس بيلوسي من أجل العمل لإزالة العقبات من أمام إعادة العلاقات الفلسطينية الأميركية، فأي حديث عن حل الدولتين، هو حديث لا يتصف بالجدية بدون أن تكون لواشنطن علاقات طبيعية مع الجانب الفلسطيني، ومن دون أن تفي إدارة بايدن بالوعود التي اطلقتها الحملة الانتخابية، وفي طليعتها إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية المحتلة، لما لهذه الخطوة من رمزية سياسية هامة بما يتعلق بقضية القدس وحل الدولتين.
حل الدولتين، وكما أبلغ الرئيس محمود عباس، بيلوسي يتطلب إنهاء احتلال إسرائيل لأراضي الدولة الفلسطينية، فالحل إذا ما كان هناك جدية، هو في متناول اليد، فالمسألة تبدأ بإنهاء الاحتلال وكل مظاهره، لأن تأجيل إنهاء الاحتلال، هو تواطؤ معه، وإطالة لوجوده، وبالتالي ينتهي الحديث عن حل الدولتين.
حماية حل الدولتين بحاجة إلى خطوات عملية ومواقف حازمة تجاه الاستيطان وإجراءات التهويد في القدس في جغرافيا الدولة الفلسطينية. حل الدولتين ليس حديثا للاستهلاك، فالمسألة تحتاج مواقف سياسية عملية، لأن إسرائيل تسابق الزمن في تقويض هذا الحل ولمنع قيام دولة فلسطينية. حماية حل الدولتين يتطلب دعم الاقتصاد الفلسطيني وليس فرض الحصار على الشعب الفلسطيني.
جاءت بيلوسي للمنطقة ضمن معادلة "الأمن لإسرائيل وحماية حل الدولتين".. هذه الزيارة وهذه المعادلة لن تصبح مهمة لأن فكرة حماية الدولتين إذا ما تبعتها خطوات عملية وفي مقدمتها إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، واتخاذ موقف حازم من الاستيطان فإن ما سيبقى منها هو أمن إسرائيل وتفوقها.
mat