الرئيسة/  مقالات وتحليلات

المستعربون مجرمو حرب وسيحاسبون على جرائمهم

نشر بتاريخ: 2022-02-12 الساعة: 06:37

 

باسم برهوم


تاريخ طويل وبشع من الجرائم ارتكبتها وحدات المستعربين في جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية الإسرائيلية المختلفة، أمس الأول جاء آخر هذه الجرائم عندما تسللت وحدة من هؤلاء المجرمين إلى نابلس وقتلت ثلاثة شباب فلسطينيين في عمر الورد بدم بارد. ارتكب المستعربون جريمتهم بطريقة الإجرام البشعة ذاتها التي تعبر عن حقد شديد وتعبئة فاشية عنصرية. وتعتبر وحدات المستعربين رأس حربة استخبارية تجسسية وأداة قتل تتسلل إلى داخل المجتمع الفلسطيني سواء في الضفة والقدس المحتلة أو داخل الخط الأخضر، وحتى في الدول العربية وحيثما كان هناك جاليات عربية في أنحاء العالم.

في ثلاثينيات القرن العشرين، شكلت منظمة "الهاغاناة" الصهيونية وحدة من اليهود العرب واليهود الشرقيين الذين يتقنون اللغة العربية ولهم نفس بشرة العرب، أطلق عليهم "مستعرفيم" بالعبرية، و"مستعربين" بالعربية وهذه وحدات تقوم بمهام استخبارية تجمع المعلومات وتقوم بعمليات قتل واغتيال للنشطاء الفلسطينيين في المدن والقرى العربية. في عام 1943 تمأسست هذه الوحدة أكثر عندما أسس اهرون حايبم كوهين "الدائرة العربية" ضمن لواء قوات الصاعقة "البلماح" وتوسع نطاق مهام وحدة المستعربين ليصل إلى الدول العربية المجاورة، وأصبحت أكثر حرفية في ارتكاب الجرائم. وخلال حرب عام 1948 لعبت هذه الوحدات الدور الأكثر قذارة في المذابح والمجاز التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، ودورا موازيا أكبر ضمن الحرب النفسية المركزة، عبر بث الشائعات والخوف وتعميق الشك في النفوس بهدف إجبار الفلسطينيين على الرحيل.

الدائرة العربية، التي نشطت ما بين عام 1943 و1950 فرخت وحدات أخرى عبر الزمن أبرزها وحدة "ريمون" وهي وحدة خاصة في جيش الاحتلال الإسرائيلي عملت في قطاع غزة في الفترة من 1970 وحتى عام 2005، ووحدة "يمام" التابعة لحرس الحدود، وهي وحدة من النخبة تتحرك في الأوساط العربية في كافة المناطق. بالإضافة إلى وحدة "غدعونيم" التابعة للشرطة الإسرائيلية، وهي وحدة لها بنية تحتية تجسسية على المجتمع الفلسطيني داخل الخط الأخضر وفي القدس الشرقية المحتلة، بالإضافة إلى وحدة "مسادا" التابعة لمصلحة السجون وتقوم بالتجسس على الأسرى الفلسطينيين.

وإلى جانب وحدة المشاة المدرعة التي كانت تعمل على نطاق واسع في الضفة وقطاع غزة، فإن الوحدة الأشهر والأخطر هي وحدة "دوفدفان" أي كرز، وهي وحدة أسسها ايهود باراك في منتصف الثمانينيات، عندما كان قائدا للمنطقة الوسطى. وخلال الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الكبرى وحدها ارتكبت هذه الوحدة 45 عملية اغتيال لنشطاء وقيادات ميدانية فلسطينية، وفي الانتفاضة الشعبية الثانية قامت بـ 75 عملية اغتيال.

لماذا يعتبر ما تقوم به وحدات المستعربين من عمليات قتل واغتيال هي جرائم حرب؟ ولماذا كل من يعمل بهذه الوحدات هم مجرمو حرب في نظر القانون الدولي؟

أفراد هذه الوحدات هم جنود وضباط في جيش الاحتلال، أو انهم عناصر تعمل بشكل رسمي في أجهزة الأمن الإسرائيلية المختلفة، الشرطة، حرس الحدود، مصلحة السجون والشاباك، يقوم هؤلاء بالتسلل متنكرين بملابس مدنية بهدف قتل مدنيين فلسطينيين بشكل فردي أو جماعي، ويقوم هؤلاء بالقتل بدم بارد ويستهدفون ضحاياهم عن سبق إصرار وترصد ويدركون أنهم في مهمة قتل في أرض تخضع للاحتلال. هؤلاء مجرمو حرب حتى وهم يقومون بتغلغل داخل المجتمع الفلسطيني بغرض التجسس فهم في نظر القانون الدولي جواسيس.

وبما أن الأرض الفلسطينية أرض محتلة، وأن من حق الشعب الفلسطيني مقاومة الاحتلال، فإن كل ما تقوم به هذه الوحدات هي جرائم حرب في نظر القانون الدولي، فهناك شعب من حقه أن يقاوم وهناك قوة احتلال عندما تقتل المدنيين فهذه العمليات هي جرائم حرب.

نعود للنقطة ذاتها فإن تمادي إسرائيل في ارتكاب جرائم الحرب ناجم أساساً عن تساهل المجتمع الدولي وصمته المتواصل عن هذه الجرائم. المشكلة أن سلطة الاحتلال تقوم بالجرائم بتباهٍ وافتخار ولا تخفي مسؤوليتها عنها.

التملص الاسرائيلي من العقاب والمحاسبة يقترب من نهاياته، فاليوم وبعد تقرير منظمة العفو الدولية "امنيستي" فإن إسرائيل دولة نظام عنصري وتطهير عرقي، وبما ينص علية القانون الدولي فإن جرائم الحرب لا تموت بالتقادم.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024