الرئيسة/  مقالات وتحليلات

تقرير أمنيستي ورد إرهابي من إسرائيل

نشر بتاريخ: 2022-02-02 الساعة: 22:28

 

باسم برهوم


النظام الإسرائيلي نظام فصل عنصري (أبارتهايد) قاس، يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية، هكذا وبمنتهى الوضوح والتحديد وصف تقرير منظمة العفو الدولية أمنيستي إسرائيل، التي كانت تخفي عنصريتها ببدعة أنها الدولة "الديمقراطية"  الوحيدة بالشرق الأوسط. اليوم وبعد تقرير أمنيستي فإن إسرائيل هي دولة الفصل العنصري الوحيدة في العالم، فقد أسقط هذا التقرير ورقة التوت التي كانت تغطي بها إسرائيل عورتها، لا باعتبارها دولة فصل عنصري وحسب وإنما كدولة التطهير العرقي، دولة فاشية لا تعرف سوى منطق القوة.

 إسرائيل بعد تقرير أمنيستي لن تكون كما كانت قبله فهي اليوم في نظر الرأي العام العالمي دولة فصل عنصري تماما كما كان العالم ينظر ويتعامل مع دولة جنوب أفريقيا. من هنا تنبع أهمية التقرير في كونه وثيقة من مؤسسة دولية تتمتع بمصداقية ومحايدة تحظى هي وتقاريرها باحترام العالم، والتقرير من زاوية أخرى يمثل مستندا قانونيا يسمح بمحاسبة إسرائيل على ما ترتكبه من جرائم حرب.

لذلك لم تكن مفاجئة ردة فعل إسرائيل العنيفة والهستيرية عليه وهي فورا استخدمت سلاح الإرهاب الفكري التقليدي واتهمت القائمين على التقرير بأنهم "معادون للسامية"، وقالت إن التقرير مليء بالأكاذيب. حتى الآن كان سلاح الإرهاب الفكري سلاحا فعالا ضد كل منتقدي إسرائيل واحتلالها وممارساتها العنصرية، ولكن بعد تقرير أمنيستي فإن لدى منتقدي إسرائيل سلاحا أمضى كما أن حركة المقاطعة (BDS) ستتمتع بشرعية وحرية حركة أوسع وستكون مطالباتها مسموعة، ولن تستطيع إسرائيل بعد اليوم محاصرتها.

سلاح "معاداة السامية" الذي تحول إلى أداة إرهاب فكري تستخدمها إسرائيل والصهيونية العالمية لإخفاء عنصرية الفكرة الصهيونية ذاتها ومن ثم عنصرية إسرائيل الدولة. وخلال ذلك بقي الشعب الفلسطيني ضحية ممنوعا أن يصرخ ويعبر عن الظلم الذي يتعرض له منذ أكثر من مئة عام، وحتى إن صرخ ووصل صراخه العالم كانت إسرائيل واثقة أن لديها سلاحا سحريا (تهمة معاداة السامية) يمنع البشرية من إبداء أي تعاطف حقيقي منظم مع الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية العادلة.

قبل أيام تبجح رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني العنصري بينيت بأنه لن يسمح بإقامة دولة فلسطينية ما دام هو في الحكم، واليوم جاءه الرد من أمنيستي إذا كنت تصر على رفض حل الدولتين فإن إسرائيل من الآن فصاعدا هي دولة فصل عنصري (أبارتهايد). إذا كانت إسرائيل لا تريد حل الدولتين فلا بأس من أن تكون هناك دولة واحدة ولكن لديها خيار إما أن تواصل بوصفها دولة نظام فصل عنصري، أو أن تكون دولة ديمقراطية بحق، دولة كل مواطنيها يتمتع فيها الجميع بالمساواة.

إسرائيل تصر على كونها "دولة يهودية"، اليهودي وحده فيها له حق تقرير المصير والتمتع بحق المواطنة، هذا الإصرار هو الذي قاد إلى نشأة النظام العنصري ولكن المشكلة هي أعمق من ذلك بكثير فالفكرة الأساسية التي قامت عليها الصهيونية وبالتالي إسرائيل هي نفي وجود الآخر ونفي أي حق له في هذه الأرض. كل ممارسات إسرائيل العنصرية جاءت من كون فكرتها الأساسية عنصرية.

أعتقد أن من واجبنا، واجب كل فلسطيني، قراءة التقرير بتمعن ونشره على أوسع نطاق، نحن لسنا شعبا يرغب بالعنف، وليست لديه كراهية متأصلة لليهود، ولا للإسرائيلي اليهودي المؤمن بالسلام والتعايش في ظل مساواة تامة.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024