الرئيسة/  مقالات وتحليلات

بينيت يتحدى بايدن بأوسلو الميت سريريا

نشر بتاريخ: 2022-01-30 الساعة: 15:12

 

موفق مطر


صبرنا ينفد، نعم صحيح، لكن ليس من سياسة منظومة الاحتلال الاستيطاني العنصري (إسرائيل) وحسب، بل من المجتمع الدولي  والدول العظمى والرباعية الدولية الراعية للاتفاقيات بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال (إسرائيل) فرعاة اتفاقية اوسلو يتحملون المسؤولية الرئيسة عن انقلاب الأوضاع في فلسطين رأسا على عقب، بعد أن أخذوا على عاتقهم تهيئة المناخ  المناسب لتعويض المنطقة بالاستقرار والسلام والعدل بدلا من إهدار مقدرات وقدرات دول وشعوب المنطقة البشرية والمادية والاقتصادية في الحروب. 

لم تتحول حكومات منظومة الاحتلال (إسرائيل) عقب اغتيال رئيس الحكومة التي وقعت الاتفاق برئاسة اسحاق رابين إلى بعد اتفاق اوسلو إلى دولة تحوي كل موبقات أنظمة الحكم المعروفة أو التي عرفت في العالم وتميزت بالفاشية والعنصرية والاستبداد والتطهير العرقي والتمييز والإرهاب إلا بسبب عمى وصمم المجتمع الدولي والدول الراعية للاتفاق، حتى لسان هذا المجتمع بات عاجزا عن نطق ولو نصف الحقيقة، لا يملك إلا الضغط بقوة باتجاهنا نحن الشعب الفلسطيني وقيادته المخلصة الصادقة في توجهاتها للسلام، بينما تحظى المنظومة المتمردة على إرادته وعلى المواثيق والقوانين الدولية (إسرائيل) بعين العطف، ويتطوع بعض الكبار الذين يملكون حق الفيتو في مجلس الأمن مثلا في منحها تبريرات كانت أقسى علينا من صواريخ وقنابل جيش الاحتلال الإسرائيلي المدمرة في كل الحروب والحملات العسكرية، والتوسع الاستيطاني، وعمليات التهجير والابرتهايد والجريمة ضد الإنسانية منذ لحظة اغتيال اتفاق اوسلو، والموضوع في غرفة الإنعاش حيث يتم حقنه بجرعات كلما استقام الخط البياني لنبضه، والغرض كما هو واضح إشعار الجميع بأن الاتفاق قابل للإحياء، حتى ولو كان في موت سريري. 

تصريح رئيس حكومة المنظومة (نفتالي بينيت) وتأكيده أنه لن يطبق اتفاق اوسلو ما دام على رأس الحكومة، وذهابه لأبعد من ذلك عندما هدد بإسقاطها إن عقد حليفه يائير لابيد أي اتفاق أو اعتراف بدولة فلسطينية، هذا التصريح لم يكن موجها للطرف الآخر في الاتفاق – أي نحن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية-، وإنما للرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض الذي في ساحته وتحت رعاية رئيس من حزبه الديمقراطي (بيل كلينتون) وفي حديقة البيت الأبيض ذاته جرت رعاية وتوقيع هذا الاتفاق بحضور ممثلي  الدول الراعية إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية، فبينيت رغم إعلانه أنه غير ملزم بأي اتفاق أميركي ودولي بخصوص نووي طهران، إلا أنه يبعث برسالة تحذير، (إسرائيل) ستقلب الشرق الأوسط رأسا على عقب، وتخلط الأوراق، فهو والإدارة الأميركية يعلمان أن قطع أجهزة الإنعاش عن اتفاق اوسلو لن تكون نتيجته موت اوسلو تماما، وإنما ستكون الإشارة لاغتيال فكرة السلام ونسفها من أساسها مع الشعب الفلسطيني، وبلع وهضم الحق الفلسطيني بعد حصول منظومته على علاقات أمنية من أنظمة حكم في دول عربية في مشرق الوطن العربي ومغربه، ومنح دولة العنصرية والإرهاب (إسرائيل) تطبيعا مجانيا. 

لا جديد في تصريحات بينيت بالنسبة لنا سوى أنها أكثر وضوحا وصراحة، كشفت مسؤولية دويلة الإرهاب الصهيوني اليميني المتطرف الكامنة كدولة عميقة عن اغتيال اتفاق اوسلو، فنحن قد وقع علينا ظلم لا يتحمله إلا الأنبياء بسبب إيماننا بالسلام، ولم نكن بحاجة لتصريح بينيت هذا، فخطاب الرئيس أبو مازن في أيلول/سبتمبر من العام الماضي أمام الأمم المتحدة كان بمثابة رؤية بعيدة المدى لسياسة (وكيل القوى الاستعمارية) إسرائيل، وما اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في اجتماعه القادم إلا لضبط النقاط النهائية في خريطة الطريق النضالية الكفاحية للمرحلة القادمة، على قاعدة التمسك بالقانون الدولي، والإنجازات التي حققها شعبنا في المحافل الدولية. ونعتقد أن مخرجات المجلس المركزي ستكون الوجه الحقيقي لقرار قيادة الشعب الفلسطيني ليس في الرد على بينيت، وإنما لانتزاع الحق  الفلسطيني، فالقيادة الوطنية الفلسطينية لا تتعامل مع مواقف أشخاص رؤساء حكومات في إسرائيل، وإنما ارتكازا على أننا نحن الشعب الفلسطيني أصحاب الحق التاريخي والطبيعي في أرض وطننا فلسطين، وأن رؤيتنا الشاملة للواقع والظروف وانتهاجنا للسياسة الواقعية، والرغبة بالسلام في إطار الحركة السياسية لا تعني التسوية بأي ثمن، فشعبنا عصي على الخضوع والاستسلام.

 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024