بشرى خلفان: "من يتخلَّ اليوم عن فلسطين، فسيتخلّى عن بلاده غدا"
نشر بتاريخ: 2022-01-23 الساعة: 13:43
موفق مطر
عنوان المقال موقف، وهو موقف وقول فصل للأديبة العمانية بشرى خلفان، فيه مقومات الحكمة والرؤية الثاقبة البعيدة المدى، وتطرح معادلة عاكسة لحجم الوعي والإدراك لخطر المشروع الاستعماري الاحتلالي العنصري الاسرائيلي، ليس على فلسطين وشعبها وحسب بل على الأمة والعربية والوطن العربي .
انسحبت الأديبة بشرى من مهرجان طيران الإمارات للآداب قبل موعد انطلاقه في بداية الشهر القادم بسبب مشاركة اديب اسرائيلي عنصري (ديفيد غروسمان) الذي يعتبر من المؤيدين والمدافعين عن منظومة الفصل العنصري (اسرائيل) ومعارض بشدة لحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، علاوة على تأييده العدوان الدموي المدمر على لبنان في العام ٢٠٠٦م.
لم تكن الأديبة بشرى وحيدة في موقفها، ذلك أن مسمى الخليج العربي لم يعد يحمل صفة الجغرافيا ومياه البحر المالحة وحسب، بل يعني بالنسبة لنا الدماء العربية الأصيلة المتدفقة في اوردة وشرايين الأمة، اعظم وأغزر من تدفق أي مياه نهر في الدنيا، وحجتنا أن الأديبة منى الشمري والأدباء د.علي عاشور الجعفر، وأحمد الزمام وناصر الدوسري من الكويت، وسلطان الموسى، وأسامة محمد المسلم، وأحمد العلي من السعودية قد انسحبوا من المهرجان، ولم يسجلوا على الأدب العربي الانساني، ولا في سجل تاريخهم الشخصي مجرد قبول وجود رمز عنصري استعماري قد تنطبق عليه اية صفة او تسمية إلا (الأديب) فالأدب رسالة انسانية، والأديب مؤتمن عليها، فإما أن يكون رسول حق وسلام وحرية وعدل، أو لا يكون، أما أمثال غروسمان فإنهم مجرد نبت ونتاج شيطاني يصب في صالح صناع الجحيم للانسانية.
لا ندري فيما اذا انكبت مراكز الدراسات لدى منظومة الاحتلال الاسرائيلي لبحث فعالية (اتفاقيات ترامب الابراهيمية) التطبيعية، وما الذي دفع الأديبة العربية بشرى خلفان لقول جملتها الخالدة: "من يتخلَّ اليوم عن فلسطين، فسيتخلى عن بلاده غدا"؟؟ لكن ما نعرفه ونعلمه أن رسالة المثقفين- ضمير امتنا العربية- قد وصلتهم، وما عليهم سوى استخلاص العبرة، فهذا العمق الاستراتيجي لحق الشعب الفلسطيني ونضاله وكفاحه، الممتد من الخليج العربي، حتى المحيط العربي (الأطلسي) لن تفلح الصهيونية الاحتلالية العنصرية من اختراقه، فالمناعة لدى شعوب امتنا ومثقفيها أقوى مما يظنون، وأنهم– أي الصهاينة– سيستطيعون اختراق هذا العمق إن استطاعوا استكمال سيطرتهم على فلسطين، وإخضاع الشعب الفلسطيني، وهذا المستحيل بعينه، فالقوى الاستعمارية التي لم تستطع اختراق المناعة الوطنية والانتماء القومي والإنساني عند الشعب الفلسطيني، لن تقدر على اختراق العمق العربي مهما اختلقت ازمات ومشاكل وحروب داخلية ومع قوى اقليمية في المنطقة، حتى سياسة الخداع التي تتبعها منظومة الصهيونية العنصرية (اسرائيل) فإنها ليست اكثر من مرحلة عابرة، وإلا فكيف يفسرون موقف الشبل الرياضي الكويتي محمد العوضي ابن الـ(14 ربيعا) الذي قرر الانسحاب من بطولة (باول الدولية للتنس) في دبي، تضم ابرز لاعبي التنس الفتيان من 50 دولة بعد علمه أنه سيقابل مشاركا اسرائيليا بعد وصوله الى نصف النهائي، فهلا علم غروسمان وكل اركان منظومته الحربية العنصرية الاستعمارية أن الربيع العربي بالنسبة لنا يكمن في ارادة وقلوب وعقول وإنسانية مثقفي الأمة وشبابها، فهم لا يرثون ولا يورثون الحق الفلسطيني، لأن بعض الورثة يضيعون الارث ولا يقدرون قيمته، وإنما لأن فلسطين عندهم كخلايا دمائهم، تنبض بحرارتها وحيويتها ونقائها قلوبهم.. وما مواقفهم إلا بشرى بأن لفلسطين نصرا قادما يليق بتضحيات شعبها وتضحيات الأمة العربية من اجلها.
mat