كيف نقرأ الرئيس أبو مازن ح (6) ... قلت لتشيني: سأذهب إلى قمة دمشق والـ 500 مليون دولار خذها
نشر بتاريخ: 2022-01-04 الساعة: 11:08
موفق مطر
ابتدأ الشعب الفلسطيني بامتلاك قراره الوطني المستقل مع اللحظة الأولى التي بدأت فيها نواة منظمة التحرير الفلسطينية بالتشكل، ومن ثم مرورها بمراحل النمو والتطور، حتى صار قلب هذا الجنين نابضا بالحياة، لكنه تعرض لعمليات إجهاض، ووأد حتى لا يترعرع في كنف حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" التي كانت قيادتها السرية منذ عام 1958 تعد تنظيما وطنيا لإطلاق شرارة الثورة الفلسطينية المعاصرة.
القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وولادة منظمة التحرير الفلسطينية، وانتزاع قرار من النظام الرسمي العربي كونها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وجهان لأهم إنجاز سياسي في تاريخ الشعب الفلسطيني المعاصر وتحديدا بعد نكبة عام 1948 ونكسة عام 1967، وقد سمعنا الرئيس محمود عباس مرات يفاخر بهذا الإنجاز، ويعرب عن اعتقاده وإيمانه بأن الممثل الشرعي والقرار المستقل كلمة السر التي ستمكننا من انتزاع الحق والحرية والتحرر والاستقلال وبناء الدولة ذات السيادة.
استعاد الرئيس أبو مازن في ندوته التاريخية في مقر الرئاسة بتاريخ 23 ديسمبر العام الماضي بعض سطور من مذكرات وأقوال أحمد الشقيري الموثقة، وهو بالمناسبة أول رئيس لمنظمة التحرير، حيث قدم الرئيس حقائق قد تكون صادمة للبعض، وقد تكون إضافة دقيقة لبعض المعنيين بأحداث ووقائع وتفاصيل مسيرة انتزاع استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، عندما ركز الرئيس أبو مازن الضوء على هذه الشخصية الوطنية الفذة الذي أراده رؤساء وملوك الجامعة العربية ممثلا لهم عند الشعب الفلسطيني، لكنه بعد أن جال على أماكن تواجد اللاجئين الفلسطينيين وتجمعاتهم، واستشرف الحالة الثورية الكامنة تحت الرماد، واكتشف الإرادة بالكفاح لتحقيق حق العودة والحرية، عاد إلى الجامعة ممثلا للشعب الفلسطيني، وعرفت مقولته الشهيرة: "أرسلوني مندوبا من الجامعة العربية إلى فلسطين، فعدت ممثلا لفلسطين في الجامعة العربية"، لكن الشقيري الذي كان التدخل الرسمي العربي السبب في استقالته بعد فترة وجيزة كان قد قال قبل هذه النقلة النوعية: " أنا أحق الناس باليأس، فأنا أعرف ما يحدث في الغرف المظلمة، فقد كانوا يناقشون – في الجامعة العربية حينها- كيفية إقناع الفلسطينيين بالهجرة إلى سيناء، فرفضت الأمر، وقلت: ماذا سأقول لشعبي، فرد محمد نجيب: قل لهم إننا كنا نناقش مساعدتهم"!
كشف الرئيس أبو مازن في ندوته التاريخية عن تهديد وليم بيرنز نائب وزير الخارجية الأميركي عام 2012 أثناء العمل على الذهاب إلى الأمم المتحدة لنيل العضوية لدولة فلسطين فقال الرئيس: "قال لي بيرنز إذا أصبحتم دولة في الأمم المتحدة ستكونون أكبر خطر على الولايات المتحدة".. وقامت القيامة ولم تقعد عندما قررنا فعلا الذهاب للحصول على مقعد دولة بصفة عضو مراقب: "كل الرسميين العرب دون استثناء قالوا لي لا تذهب للأمم المتحدة، فأجبتهم أنه يوجد قرار منكم بهذا الخصوص، ونحن نرى ذلك مصلحة لشعبنا على درب انتزاع حقنا التاريخي والطبيعي".
نعتقد أن القرار الوطني الفلسطيني لم يكن مجرد شعار شعبوي تعبوي، وإنما قناعة ثابتة راسخة وبرهان على وجود شعب فلسطيني يمتلك مقومات الشعب مثل كل الشعوب في العالم وتحديدا الشعوب الحضارية، فنحن نختلف عن المنظمة الصهيونية وكيانها المسمى إسرائيل أنهم وكلاء، مستخدمون، لوظيفة استعمارية، لا يمتلكون مقومات شعب، وإنما يريدون نسف كل قوانين العلوم السياسية والإنسانية، بتحويل الدين إلى عرق وقومية، وهذا لن يفلحوا به مهما فعلوا .. لذلك فإن قيادة قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ورئيس الشعب الفلسطيني كان مدركا حجم التضحيات التي يتطلبها أمر الحفاظ على هذا القرار، لأنه بالأساس يعكس الوجود الحقيقي للشعب الفلسطيني وفي هذا السياق كشف الرئيس عن لا كبيرة بحجم إرادة الشعب الفلسطيني قيلت للإدارة الأميركية 37 مرة، كانت ردا على محاولاتها سلب القرار الوطني الفلسطيني أو إخضاعه لأجندتها في أضعف الأحوال، واستذكر بهذا الصدد ما دار بينه وبين ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي ( جورج بوش ) عندما طلب من الرئيس أبو مازن ألا يذهب إلى القمة العربية في دمشق عام 2008، فقال الرئيس في الندوة :" عندما يتعلق الأمر بالحق الفلسطيني وبالقضية والمصالح العليا لشعبنا لن نتراجع فقلت له سأذهب والـ 500 مليون التي تهدد بقطعها عنا خذها".
mat