أبو هواش سينتصر
نشر بتاريخ: 2022-01-04 الساعة: 11:03
عمر حلمي الغول
مضى ما يزيد عن 140 يوما على إضراب الأسير هشام أبو هواش عن الطعام، مصمما على انتزاع حريته، ودفن الاعتقال الإداري، المرفوض دوليا، والذي تخلت عنه بريطانيا، التي أوجدته تاريخيا، واعتمدته حكومات دولة المشروع الصهيوني الكولونيالي المتعاقبة منذ تأسيسها في أعقاب نكبة الشعب الفلسطيني في أيار / مايو 1948، وهو اعتقال لا يقوم على أي أساس قانوني، وشكل من أشكال العقاب الفردي والجماعي تلجأ له الأنظمة الاستعمارية دون توجيه تهمة محددة للمعتقلين، واستنادا لفرضية الشبهة، لذا تخلت عنه كل الدول باستثناء دولة الاستعمار الإسرائيلي.
أسير الحرب المواطن البريء، هشام أبو هواش بخوضه معركة الأمعاء الخاوية طيلة خمسة أشهر متواصلة لا يدافع عن ذاته فقط، إنما عن باقي أسرى الحرية، رغم كل الصعوبات والتحديات والأخطار الحقيقية، التي تتعرض لها حياته بعد أن أصيب بالوهن الشديد، وعدم القدرة على الكلام، وحالات الإغماء المتكررة، وضعف النظر.. إلخ من الأعراض المهددة لحياته، كونه قد يفقد الحياة في أي لحظة نتاج تعنت ورفض القضاء الاستعماري الإسرائيلي، وسلطات السجون وجهاز الشاباك إطلاق سراحه، ووقف الاعتقال الإداري الإجرامي، والمنافي لأبسط معايير القوانين والمعاهدات الأممية، ويتناقض مع حقوق الإنسان.
وللالتفاف على الاعتقال الإداري، وإبقائه مفروضا عليه، قامت سلطات الاستعمار الإسرائيلية في 26 كانون الأول / ديسمبر الماضي (2021) باللجوء للعبة عبثية قذرة عنوانها "تجميد" الاعتقال الإداري للأسير أبو هواش، وذلك كي تتبرأ سلطات السجون والمخابرات الإسرائيلية من أية مسؤولية عن حياة جنرال الصمود البطولي أبو هواش، وتحويله لمعتقل غير رسمي في المستشفى، الذي يقبع فيه (مشفى أساف هروفيه) منذ ذلك التاريخ.
ولنلاحظ تقسيم الأدوار القذرة بين إدارة المستشفى وسلطات السجون والقضاء وأجهزة الأمن الاستعمارية من حيث، أولا رفض إلغاء الاعتقال الإداري عنه؛ ثانيا استعمال ما يسمى ـ "التجميد" للتغطية على جريمة وفاته، أو تعرضه لأية أعراض تهدد حياته لاحقا؛ ثالثا محاولة "تبرئة" الذات من الجريمة؛ رابعا يقوم "أمن المستشفى " بدور حراس سلطات السجون في بقائه تحت انتهاكات المؤسسة الأمنية الاستعمارية كلها؛ خامسا لا يسمح لأفراد عائلته أو اقربائه بنقله لأي مكان، وهو ما يؤكد استمرار الاعتقال الإداري، وحرمانه من أبسط حقوقه الإنسانية.
الشيء الوحيد المتاح لأسرته، هو زيارته أسوة بكل مريض، ولكن تحت إشراف ومراقبة حراس أمن المستشفى والأمن غير المرئي لعناصر جهاز المخابرات العامة (الشاباك)، الذين يتناوبون بلباس مدني، وبمهام طبية مختلفة لإبقاء الأسير البطل تحت سيطرتهم ومراقبتهم. ولهذا رفض ابن دورا / الخليل البطل الإذعان أو التساوق مع لعبة "التجميد" الحقيرة، وواصل إضرابه عن الطعام، وما زال يقاوم، ويقاتل بلحمه الحي، وبآخر نبض من حياته ليعلم الصهاينة القتلة درسا في الصمود الأسطوري والتحدي حتى ينتصر لنفسه ولكل أسرى الحرية الفرسان.
والأسير هشام معتقل منذ 27 تشرين الأول / أكتوبر 2020 دون توجيه تهمة محددة له، ولمجرد الاشتباه فقط. ورفض الخضوع لابتزاز وتعذيب أجهزة الأمن الإسرائيلية وسلطات السجون، ولم يعترف بأي تهمة، لأنه بريء. كما أن تجربته مع السجون منذ عام 2003 علمته كيفية تحدي إدارة الباستيلات الصهيونية الإجرامية، حيث اعتقل بما مجموعه ثمانية أعوام، منها (52) شهرا اعتقال إداري، ما عزز لديه في اعتقاله الحالي القناعة بضرورة تحدي أكاذيب وافتراءات وتلفيقات كل المكونات الاستعمارية لدولة التطهير العرقي الصهيونية.
مما لا شك فيه، أن فقدان الأسير البريء أبو هواش (40 عاما) حياته لن يمر مرور الكرام، ولن يسمح الشعب الفلسطيني بقواه ونخبه السياسية والقانونية والثقافية ومقاوميه الأبطال القفز عن الجريمة الوحشية الجديدة، بل ستدفع إسرائيل المارقة والخارجة على القانون تلك القوى للنزول للشوارع والميادين وخطوط التماس مع المستعمرات وحواجز جيش الموت الإسرائيلي لتلقينهم درسا إضافيا في المواجهة مع الروح المتمردة في أوساط الشعب الفلسطيني البطل.
إن كانت المؤسسة الاستعمارية الإسرائيلية الحاكمة تريد إعفاء نفسها من المواجهة مع الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية، عليها إلغاء الاعتقال الإداري أولا على الأسير هشام، وثانيا عن كل أسرى الحرية، والإفراج عنهم فورا. لأن كل أسيرة وأسير من أسرى الحرية ستكون له قصته، ونموذجه الخاص من التحدي حتى تنتصر اليد والعين على المخرز الاستعماري. فهل تلتقط حكومة بينيت / لبيد الفرصة وتفرج فورا عن بطل الحرية أبو هواش قبل فوات الأوان. لأن كل دقيقة تمر ترتفع فيها درجة السخط والغليان والغضب في أوساط الشعب درجة أعلى.
mat