فاجعة جريمة رفح
نشر بتاريخ: 2021-11-17 الساعة: 13:21
عمر حلمي الغول
كل عمل إجرامي أيا كان مصدره وخلفياته يكون عملا إرهابيا، وفي تضاد مع منظومة القيم الإنسانية والأممية، وقواعد النظام والدستور في هذا البلد أو ذاك. ولا يمكن لعاقل أن يبرر، أو يغطي على الفعل الإجرامي إلا إن كان متورطا، أو عنصريا وحاقدا ومنتجا للكراهية، وبالتالي الجريمة هي الوجه الآخر للإرهاب والدونية اللاإنسانية، لا بل المهددة لوحدة المجتمع والسلم الأهلي، وأيضا في نطاق الصراع القومي يقع المستعمرون بفعلهم الاغتصابي لأرض شعب آخر من حيث المبدأ في أعلى درجات ومستويات الإرهاب المنظم، ويندرج ضمنها كل مجرزة وانتهاك لأرض وأبناء الشعب المستَعمرْ تحت عنوان الإرهاب، الذي يهدد الاستقرار السياسي في إقليم بعينه، وعلى المستوى الدولي.
نعم، كل جريمة بمثابة فاجعة، تترك بصمات وآثارا متعددة على الشخص أو المجموعة البشرية المستهدفة نفسيا واجتماعيا واقتصاديا، وتمهد وتعمق الجريمة لتمزيق النسيج الاجتماعي، وتؤصل للفوضى اللاأخلاقية، والفلتان والفوضى والجريمة المنظمة في المجتمع المحدد، ولا تقتصر تداعياتها عند حدود الشخص أو الشريحة الاجتماعية، وإنما تطال مكونات الشعب برمته. والذين تعرضوا لعمل وحشي أي كان مصدره، بغض النظر عن الفاعل أكان من العدو الخارجي أو من منتسبي المجتمع ذاته، وأيا كانت الخلفيات السياسية أو الدينية أو الاجتماعية يدفعون الثمن غاليا على أكثر من مستوى وصعيد، بالإضافة إلى أنها ستدفعهم لردود أفعال معقدة كشكل من أشكال رد الاعتبار لذاتهم، ودفاعا عن حقوقهم ومصالحهم الشخصية والجمعية، وكون من ارتكب الفجور وانتهاك القانون تجرد كليا من أية مسؤولية أخلاقية.
ما تقدم له عميق الصلة بالجريمة القذرة والوحشية، التي ارتكبها أحد منتسبي ميليشيات حركة حماس الشرطية، وبرتبة نقيب يوم الثلاثاء الموافق 9 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي ضد طفلة لا يزيد عمرها عن أربعة أعوام في محافظة رفح، والأدهى والأمر أن الطفلة المنكوبة بالفعل الإجرامي اللاآدمي، تكون ابنة شقيقه، بذريعة الانتقام من أخوه بسبب خلاف على الورثة، أو هكذا نقل عن الجيران، حيث أعلن اللارجل القميء، والملعون ليوم الدين، أنه سيجعل شقيقه " يبكي دما على أغلى ما لديه، دون توضيح وإعلان تفاصيل جريمته النكراء".
هذه الجريمة تعكس الروحية القاتلة، والمسكونة بالجريمة واللاأخلاق، ولا تصدر إلا عن إنسان لا علاقة له بالآدمية البشرية، وإنما قد يكون مركبا شيطانيا على شاكلة إنسان. كما أن فعله الإجرامي نتاج التربية والثقافة القائمة على الغدر والخديعة والانتقام الخسيسة في مدرسة الإخوان المسلمين، مدرسة الانقلابيين، الذين يتسترون بالدين، وهم يتاجرون به، ولا يتورعون عن ارتكاب أبشع الجرائم. فمن قام بقتل ما يقارب 800 منتسب لأجهزة الأمن الوطنية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، ومارس كل أشكال الموبقات والقتل والجريمة المنظمة على مدار الأعوام الخمسة عشر من الانقلاب، وانتهاك حرمات البيوت والعائلات الفلسطينية، وصادر أموالهم باسم الضرائب، ودفع الشباب رغما عنهم للهروب من الوطن بحثا عن بارقة أمل في أعالي البحار، ورماهم لقمة سائغة لأسماك البحار، لا يتورع عن ارتكاب أبشع وأحقر وأرذل الجرائم بالاعتداء على طفلة بريئة يطريقة يندى لها جبين أي كائن حي.
نعم، ما قام به ذلك الرجل الشيطان، لم يأتِ من فراغ، ولا نتاج ردة فعل آنية، إنما هي التمظهر الطبيعي لمدرسة شيطانية تتلمذ طلابها على السلوك الإجرامي، ونضحت أبشع أشكال الوعي من مستنقعات اللعنة الإخوانية، ومدارسهم الفقهية، لاعتقاده أنه سيكون محميا من أقرانه ورؤسائه الأكثر إجراما وكراهية لغيرهم من أبناء جلدتهم إن كانوا يعترفون بأنهم جزء من الشعب.
وقبل أن أختم أود توجيه سؤال أو أسئلة، ماذا كانت ستكون ردة فعل الناطقين بلسان حركة حماس وأزلام ومناصري الحركة ومن في مقامهم فيما لو كان مرتكب الجريمة أو أقل منها بشاعة من أجهزة أمن السلطة الوطنية؟ كيف سيتعاطون مع الحدث؟ وما هو طابع حملة التحريض على هكذا فاحشة؟ ولماذا يصمتون صمت أهل الكهف، إلا ما اضطروا للاعتراف به، لأنه تسرب في أوساط المواطنين في أوساط الشعب عموما ورفح المكلومة بجريمة ذلك المجرم؟ أترك الجواب لعامة الناس ولفصائل العمل السياسي والنخب الثقافية والإعلامية والأكاديمية الفلسطينية جميعا لتجيب عليه؟
[email protected]