الرئيسة/  مقالات وتحليلات

من باب الحوار

نشر بتاريخ: 2021-11-14 الساعة: 12:22

 

كلمة الحياة الجديدة 


أعادت الولايات المتحدة الأميركية بإدارتها الديمقراطية الحديث، وغير مرة، عن حل الدولتين، بوصفه الحل الممكن والوحيد لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهذا أمر حسن ونقدر للادارة الديمقراطية هذا الحديث، ونتطلع أن تفي بوعودها لإصلاح ما خربته إدارة ترامب بهذا الشأن، وأن تعيد فتح قنصليتها في القدس الشرقية، وفتح ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وسنرى في كل ذلك تعزيزًا للعلاقات الفلسطينية الأميركية، التي نتطلع دائما أن تكون في أحسن حالاتها. 
ومن باب الحوار، قد نرى في ما أعلنه الناطق الرسمي باسم الخارجية الأميركية "نيد برايس" في مؤتمر صحفي في واشنطن، بأن الجهود الأميركية في الوقت الراهن ستنصب على "تحسين نوعية الحياة للاسرائيليين والفلسطينيين، على حد سواء في المدى القريب، وعلى المدى الطويل، من أجل المساعدة في الحفاظ على إمكانية التوصل إلى حل الدولتين للتفاوض عليه وإبقائه على قيد الحياة " قد نرى في هذا الاعلان، ما لا يساعد- حقًّا- في إبقاء حل الدولتين حيًّا"! لا سيما أن برايس قال في مؤتمره الصحفي هذا " إن المفاوضات نحو حل الدولتين، ليست مطروحة على الطاولة في الوقت الحالي" تصريح كهذا، لن يساعد لا في إبقاء حل الدولتين حيًّا، ولا في تحسين نوعية الحياة للفلسطينيين، قبل الإسرائيليين، لأن إسرائيل مع تصريح كهذا، لن توقف الاستيطان الذي يدمر فرص الحل الممكن تباعًا.
وبكلام أوضح فإنّ تحسين نوعية الحياة بالنسبة لنا، لا يمكن أن يكون مع الاستيطان والمستوطنين، الذين باتوا يتغولون في عدوانيتهم العنصرية ضد حياتنا اليومية في أمنها، وسلامتها، واقتصادها، وسلامة واقتصاد أرضها في معاملها ومحاصيلها الزراعية، التي يشن المستوطنون أبشع الحروب ضد أشجارها، خاصة الزيتون منها، حرقًا واقتلاعًا وسرقة..!! 
وبقدر ما بات الاستيطان وحشًا يهدّد الحياة بكل تفاصيلها الممكنة، بقدر ما سيجعل حل الدولتين في حديثه الأميركي مجرد تسويق لعلاقات عامة، تطوف على سطح الصراع، تاركة لأعماقه احتمالات التفجر الخطيرة...!!!
لا نريد أن نصل إلى هذا الحدّ، ولا نقول على الولايات المتحدة أن تتجاهل أمر التحسين الاقتصادي، لكن من أجل سلامة هذا التحسين، وتحقيق غاياته الإنسانية والسياسية، تفرض الضرورة الموضوعية حراكًا جديًّا نحو حل الدولتين من قبل الإدارة الأميركية، حراكًا يضع هذا الحل على طاولة المفاوضات قبل فوات الأوان، ولعل إعادة فتح القنصيلة الأميركية في القدس الشرقية ما سيجعل هذا الحراك ممكنًا. ولا بدّ من موقف أكثر حزمًا تجاه الاستيطان، وعلى المجتمع الدولي بأسره لا على الولايات المتحدة فحسب، أن يقرأ جيّدًا الخطاب السّياسي للرئيس أبو مازن الذي بات يؤكد ويشدّد بمنتهى الوضوح "أنه ليس من المعقول، أن يبقى الاحتلال جاثمًا على صدورنا للأبد وليس من المعقول أن نبقي على الالتزام باتفاقيات لا تلتزم بها إسرائيل وقد حان الوقت أن يغير المجتمع الدولي طريقة تعامله مع سلطات الاحتلال الإسرائيلية" 
وليس من المعقول تعني أن صبر فلسطين وشعبها لن يكون بلا حدود، وحل الدولتين واحد من خياراتنا اليوم، لكننا إن مات هذا الحل لن نعدم الخيارات قطعًا، ونحن أدرى أن " للحرية الحمراء باب بكل يد مضرّجة يدقّ". ولعلنا نتطلع أن تقرأ الإدارة الأميركية هذا الخطاب جيّدًا، وأن تصدّق أننا لا نقول شعرًا هنا، في هذا الإطار، وإنما نؤكد موقفًا لا تراجع عنه، وعزمًا خَبِرَه التاريخ جيّدًا بأنه عزم الفلسطينيين، الذين تأتي على قدرهم العزائم. 
- رئيس التحرير

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024