ارتفاع الأسعار.. جبهة الشجعان لصد (غزوة الجشعان)
نشر بتاريخ: 2021-10-31 الساعة: 16:43
بقلم / موفق مطر
نود هنا الإعراب عن خشيتنا أن تكون حملة رفع الأسعار بمثابة (غزوة الجشعان) منظمة يقودها ذوو أجندات فشلوا في تهييج الشارع بشعاراتهم الغوغائية العبثية، فلجأوا إلى أسلوب معاقبة الجمهور، وتحميل حكومة السلطة الوطنية الفلسطينية المسؤولية، وهدفهم تأليب المواطنين عبر (رفع الأسعار) أي المساس بلقمة عيشهم والمواد الأساسية الضرورية للمواطن، لكننا على يقين أن (جبهة الشجعان) الشعبية المنظمة المسنودة مباشرة من القيادة ووزارات الحكومة والهيئات والجمعيات الوطنية، سترد هذه الغزوة، وتسقط خيبة (منظومة الجشع) في قاع بئر خيباتهم المظلم فالوعي الفردي بقيمة العمل والتآزر الجمعي وإعلاء المصلحة العامة وتغليبها على الخاصة لفترة محدودة كفيلة بدفع أهل الجشع للتسليم والعودة للمسار الطبيعي، فتذكرهم كلما نسوا أن الصمود والمواجهة مع الاحتلال الاستعماري العنصري الإسرائيلي فعل وعمل نضالي كفاحي لا يتخلف عنه إلا فاقد الضمير، ومنشغل في البحث عن مكسب مادي لا قانوني، وغير مكترث لتضحيات أبناء الوطن الذي منحه عظمة وقداسة اسمه.
لا يمكننا تصور انشغال تاجر ما برفع رصيده وأرباحه، فيما المواطن يقدم دمه وروحه ومقدراته وأرضه وبيته وعرقه وجهده بلا مقابل من اجل الحرية، المصنفة في أدبيات الناس في الدنيا كلها أنها أثمن وأعظم وأقدس ما قد يمتلكه الإنسان.
نعلم جيدا مكانة ودور التاجر الفلسطيني في تعزيز صمود المواطن، ونعتقد أن الحفاظ على لمعان الصفحة الذهبية للتاجر الفلسطيني في سجل الكفاح الوطني مهمة ليست عسيرة، فالتاجر الذي يكرس مقولة رأس المال الوطني من اجل الحرية والاستقلال مفندا مقولة: "رأس المال الجبان" قادر على منع تشويه الصورة المثالية لتجار فلسطين. منذ أول يوم في مسيرة الكفاح الوطني.. ونحن نريد الحفاظ عليها في مرحلة استكمال بناء الدولة ومؤسساتها التي أكثر ما تحتاجه استقرار اقتصادي واجتماعي يمكن المواطن من امتلاك مقومات الصمود لأن المواجهة مع منظومة الاحتلال في ذروتها، فالأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي ضلعان في مثلث متساوي الأضلاع يكملهما الأمن الوطني والسياسي.
الحكومة لا تملك الموارد المالية العالية المستقرة والنامية لتقدم الدعم لسلع ومواد غذائية تحرص على بقائها بمتناول الشرائح الاجتماعية ذات الدخل المحدود، لكنها تملك القدرة على ضبط الأسعار بالقانون، بما يحفظ حقوق المستهلك والتاجر بمستويي الجملة والتفصيل. ونعتقد أن توجيهات الرئيس محمود عباس أبو مازن للجهات المختصة لضبط الأسعار ومعرفة أسباب الغلاء وارتفاع الأسعار دليل واضح على اهتمام القيادة بهذا الأمر الحساس جدا، الذي يمس معيشة المواطن والشرائح الأكبر والأوسع من المواطنين، وقد تكون مقدمة لإجراءات مستندة على نصوص القانون الأساس بما يحقق العدل للمواطنين تجارا كانوا أو مستهلكين وتذكر المؤسسات بدورها وواجبها تجاه المواطن لذا كانت توجيهات الرئيس لوزارة الاقتصاد وجمعية حماية المستهلك للتدخل مباشرة.. لكن.
حتى نستطيع كبح جشع تجار وكبح مسار رفع الأسعار بلا مبررات مقنعة، يصبح التدخل الشعبي المنظم لمكافحة الاستغلال وإيقاف عملية امتصاص دماء الفقراء وذوي الدخل المحدود واجبا وطنيا وأخلاقيا، ما يتطلب في المهمة الأولى مشاركة المقتدرين ماديا وماليا في قرار الامتناع عن شراء المواد المرفوع أثمانها فيتحقق انسجام مصالح الشرائح المتضررة مع الشريحة المقتدرة، فينجح الجميع بكسر الشريحة المتجبرة! التي نتمنى ألا تصير حالة في بلدنا الداخل في مواجهة شاملة على كل المسارات مع منظومة الاحتلال، فتقليل التاجر لأرباحه إلى حد يمنع المواطن من الانشغال والارتباك والعجز في عملية تأمين قوت عائلته في فترة ما متعلقة بالأسواق الخارجية، تعني انخراطا مباشرا في جبهة الصمود والمواجهة الوطنية للاحتلال.
نعتقد في هذا السياق أن لصغار الباعة وتجار التفصيل دورا محوريا في عملية ضبط الأسعار، إذ يمكنهم اعتبار أنفسهم مراكز انطلاق لحملات مقاطعة شعبية منظمة شاملة إثر تدخل جهات الاختصاص الحكومية لتحديد الأسعار، فهؤلاء أولا وأخيرا وسطاء بين المستوردين وتجار الجملة، لكن أكثرهم سيتضررون إذا لم يوحدوا مواقفهم من الأسعار عند تجار الجملة، فالمقاطعة الشعبية ستبدأ من عندهم، ونعتقد أن صاحب حانوت أو بسطة لا يستطيع تحمل نتائجها.