آية الجوع المؤمن
نشر بتاريخ: 2021-10-31 الساعة: 16:32كلمة الحياة الجديدة
الجوع كافر، وهو كذلك حقا، حين الظلم الاقتصادي، وجشع رأس المال في التربح غير النزيه، لكنه مع أسرانا البواسل، الجوع كمثل مؤمن قابض على جمرة الدين بجسد الجائع منهم، في إضرابهم المفتوح عن الطعام، وبعدد من الأيام يصعب تصورها واقعا يحتمل ..!!
سبعة من أسرانا البواسل ما زالوا في إضرابهم، يراكمون هذه الأيام، على نحو يتحدى الطبيعة في القدرة على الصمود دون طعام، بعدد من الأيام يفوق التصور، وحتى يوم أمس، كايد الفسفوس في إضرابه المفتوح عن الطعام منذ (108) أيام، مقداد القواسمي منذ (101) يوم، علاء الأعرج منذ (83) يوما، هشام أبو هواش منذ (74) يوما، شادي أبو عكر منذ (67) يوما، عياد الهريمي منذ (38) يوما، ولؤي الأشقر منذ (20) يوما، ويخوض الأسير راتب حريبات إضرابا عن الطعام منذ (22 يوما)، تضامنا معهم.
سبعة فرسان ينازلون المحتل الاسرائيلي في حصونه الحديدية بأمعائهم الخاوية، بالجوع الذي يجعلونه آية من آيات الصمود والتحدي، وبلاغا للضمير العالمي، لعله يصحو ويضع حدًّا لغطرسة العنصرية، وتعسفها الاحتلالي، ويعيد للحياة زهرة الحرية، كدلالة على حيويته وتحضره.
دون هذا الصَّحو، سيبقى هذا الضمير، بلا حيوية ولا حضور، وفي أحسن أحواله لن يكون غير مجرد كلمة في خطب الدعايات الاستهلاكية، والعلاقات الزبائنية والانتهازية، وستبقى الحرية بمعناها وضرورتها الانسانية، سجينة هذه العلاقات بسياستها عديمة النزاهة ...!!!
الاسرى الفلسطينيون، هم هذه الحرية المعتقلة في سجون الاحتلال، وهذه هي الحرية التي هي اليوم، برسم الضمير العالمي، كي يصحو، ويسعى لإطلاق سراحها تصديقا لجدارته الانسانية، ودفاعا عن شرعة حقوق الإنسان، التي تبيح مقاومة الظلم، والعنصرية، والاحتلال، في أي مكان كان، على هذه الأرض.
لسنا نطالب بشرعة جديدة، وإنما بموقف أخلاقي يحترم شرعة حقوق الإنسان، ويعبر بوضوح عن مصداقية الحس الانساني، ووعيه، تجاه قضايا الحق، والعدل، والجمال، والسلام، والسعي لنصرتها لتأمين علاقات التكامل البشرية، في سبيل حياة أكثر أمنا، واستقرارا، وازدهارا، وأكثر عدلا، ونزاهة، وكرامة.
وبكلمات أخرى وأخيرة، الأسرى الفلسطينيون، هم قضية الحرية، وهذا ما يجعلها قضية العالم الإنسانية، فإذا ما انتصر العالم لهذه القضية، انتصر لإنسانيته، وقيمه الأخلاقية، وبخلاف ذلك فإن العالم لن يكون في المحصلة، غير نسخة من "جحيم دانتي" وليس بنسخته الأدبية قطعا ...!!
رئيس التحرير
mat