"على جثتي بياخدوا القبر"
نشر بتاريخ: 2021-10-28 الساعة: 13:19
موفق مطر
نشر الدكتور محمود عباس، رئيس وقائد حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، رئيس دولة فلسطين حاليا في العام 1977 أي قبل حوالي 44 عاما كتابا تحت عنوان :( الصهيونية بداية ونهاية) كتب في خلاصته ما يلي :" بدأت الصهيونية كأمر غريب وانتهت كأمر غريب... في البداية بدت لنا كقدر والآن أصبحت نهايتها قدرا. نحن واليهود سنحرص على تصفيتها كي نعيش بعدها مثلما عشنا قبلها – في وطن واسع، يعم خيره الجميع ويبسط ظل الخير، والمحبة، والمساواة على الجميع "..وكتب أيضا عن الصهيونية :" كانت وهماً كبر في أذهاننا، وخرافة شاركنا في صنعها فصدقناها، وأكذوبة تطورت، حتى باتت كحقيقة.. الصهيونية طفل لقيط ألصقوه بأب بريء عنه فتبرأ منه".
هذه المقدمة رسالة بثلاثة اتجاهات: الأولى للشعب الفلسطيني عموما، والمقدسيين مواطني القدس خصوصا وللسيدة الفلسطينية المقدسية أم علاء نبابتة تحديدا التي برهنت على جدارة المرأة الفلسطينية باستحقاق اليوم الوطني، أما الاتجاه الثاني فهو للمناضلين في أطر حركة التحرر الوطنية الفلسطينية المؤمنين بالكفاح المشروع ، المبدعين لأساليب المقاومة الشعبية السلمية والقانونية في ميادين المواجهة مع منظومة الاحتلال الصهيوني الاستعماري العنصري، فيما نذهب في الاتجاه الثالث إلى اليهود ضحية المنظومة الصهيونية فنسألهم : هل تبيح تعاليم كتبكم الدينية ووصايا أنبيائكم انتهاك حرمة الإنسان الميت، لماذا تصمتون على جرائم منظومة صهيونية استخدمت عقيدتكم للتغطية على جرائمها التي إذا أخذت بمعيار الإنسانية فإن تصنيفها سيؤشر إلى أسفل درجات الوحشية ، فنبش القبور، واجتثاث عظام أبناء آدم من قلب ثرى الأرض فعل همجي العقائد والفلسفات والقوانين الدولية الإنسانية والشرائع والديانات والقيم الأخلاقية منه براء، ونعتقد أنكم لستم كما يدعي الصهاينة الذين جعلوكم ضحية، ولا تريدون أن تكونوا كذلك!.
ندرك جيدا أن اجتثاث الشعب الفلسطيني من أرض وطنه التاريخي والطبيعي واقتلاع معالم وجوده التاريخي، هو الهدف النهائي للمنظومة الصهيونية يطبقونه على مراحل بالتهجير والتطهير العرقي والإرهاب الدموي على المواطنين الفلسطينيين الأحياء على وجه أرض فلسطين، أما في قلبها وفي أحضان ترابها، فعظام أجساد الشهداء والأموات فتسحقها جرافاتهم المسننة المسيرة بعقلية عنصرية غير مسبوقة إلا في عصور كانت خالية من الشرائع والقوانين وأدناها الأعراف والتقاليد !، فتدمير مقبرة اليوسفية ( صرح الشهداء ) لإنشاء مسارات وحدائق جريمة بحق القيم والثوابت والأخلاق الإنسانية والقوانين الدولية والعقائد السماوية والحكمة والفلسفة الإنسانية.
وجريمة بحق كرامة الإنسان الفلسطيني حيا كان أو شهيدا أومتوفى، فسلطة الاحتلال الإسرائيلي تظن أنها بهذه الجريمة ستجعل الفلسطيني يفكر في البحث عن استقرار ليس في أيام حياته وإنما عن استقرار لعظامه في أرض آمنة بعد موته، فالناس هنا مؤمنون بقداسة الأرض، وبقداسة زمن وحال ما بعد الموت، لذا كان تعلق أم الشاب علاء نبابتة برخام قبر ابنها، لخوفها على مصير شعبها الذي تنتمي إليه، لأن المنظومة العنصرية التي ستجرف قبر ابنها ستجرفها وتجرف عائلتها وأهلها وشعبها وهم أحياء في يوم ما إن لم تقاوم، فهذه الأم الفلسطينية، هذه المرأة العظيمة ليس ضروريا أن تكون قائدة سياسية أو أديبة أو منظرة ، فتمسكها بالقبر كان رسالة أعظم كتاب في العلوم السياسية والإنسانية، فالمرأة الفلسطينية التي صرخت :" على جثتي بياخدوا القبر..ادفنوني جنبه " والفتى عمر الرشدة الذي بعد اعتقاله قال :" هنا قبر جدي... علينا الدفاع عن قبور الأجداد " يكملون رسالة الدكتور محمود عباس ويثبتون لكل ذي عقل، فظاعة الخطر الداهم والمهدد لقيم الإنسانية والمحمول على إعصار الصهيونية المدمرة.
ستبقى الرواية الفلسطينية وامتداداتها التاريخية، وسيتحرر العالم من وهم وسيطرة الخرافة الصهيونية ما دام في شعبنا امرأة كأم علاء، وما دمنا قادرين على إقناع العالم أن من يجرف عظام ابن آدم ليزرع الورود والزهور سيحصد الشوك والحنظل والنبت السام.
mat